للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِجْمَاعِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَكَ عَمَّتَهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَمُعْتَقَ أُمِّهِ أَوْ عَصَبَةَ مُعْتَقِهَا كَانَ الْمَالُ لِمُعْتَقِ أُمِّهِ أَوْ عَصَبَتِهَا عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ أَبِيهِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَمْدَانَ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَوَلَدَ مِنْهَا فَأَعْتَقَتْ عَبْدًا فَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ مِنْهَا وَوَلَدُهَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْأَبِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَإِذَا مَاتَتْ، ثُمَّ مَاتَ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمُعْتَقَةِ وَهُوَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً تَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهَا مِنْ بَنِي هَمْدَانَ فَالْمِيرَاثُ لِبَنِي أَسَدٍ وَالْعَقْلُ عَلَى بَنِي هَمْدَانَ وَيَجُوزُ مِثْلُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى الْغَيْرِ وَالْمِيرَاثُ لِلْغَيْرِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلَيْنِ مِثْلَ الْخَالِ وَابْنِ الْعَمِّ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْخَالِ وَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْعَمِّ. اهـ.

وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْعَجَمِيَّ الَّذِي لَهُ أَبٌ فِي الْإِسْلَامِ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأُمِّ عُلِمَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ بِالْأَوْلَى.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَالْمُعْتَقُ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَمُؤَخَّرٌ عَنْ الْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ) ، وَكَذَا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّدِّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَهُوَ آخِرُ الْعَصَبَاتِ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ بِأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: ٧٥] ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لِلْمُعْتِقِ فِي مُعْتَقِهِ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا كُنْت أَنْتَ عَصَبَتَهُ» وَلَنَا مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ حَمْزَةَ أَنَّهُ جَعَلَ لَهَا النِّصْفَ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ بِنْتِ مُعْتَقِهَا حِينَ مَاتَ عَنْهَا فَعُلِمَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا يَعْنِي وَارِثًا هُوَ عَصَبَتُهُ وَفِي الْمُحِيطِ أَقَامَ مُسْلِمٌ بَيِّنَةً عَادِلَةً أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَقَامَ الذِّمِّيُّ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَلِلْمُسْلِمِ نِصْفُ الْمِيرَاثِ وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ لِأَقْرَبِ النَّاسِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى الذِّمِّيِّ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُجَّةِ.

وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَانٍ عَتَاقَةً لَمْ يَجُزْ الْقَضَاءُ حَتَّى يَقُولُوا إنَّ هَذَا الْحَيَّ أَعْتَقَ هَذَا الْمَيِّتَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَهُوَ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ مَاتَ رَجُلٌ وَأَخَذَ آخِرَ مَالِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمَالِ فَإِنْ خَاصَمَهُ إنْسَانٌ طَلَبَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ مَا فِي يَدِهِ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ فَشَهِدَ ابْنَا أَخِيهِ لَمْ تُقْبَلْ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِلْجَدِّ ادَّعَى رَجُلَانِ وَلَاءَهُ بِالْعِتْقِ فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ جُعِلَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُجَّةِ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي لِأَحَدِهِمَا بِالْوَلَاءِ وَالْإِرْثِ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ لِآخَرَ بِمِثْلِهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ فَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ لِلْأَوَّلِ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَالْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ وَوَالَاهُ وَالْغُلَامُ يَدَّعِيهِ فَهُوَ أَوْلَى ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ فُلَانًا الْمَيِّتَ وَآخَرَانِ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ وَأَقَرَّتْ بَيِّنَةُ الْمَيِّتِ بِهِ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ وَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ، وَلَوْ شَهِدَ لِلْآخَرِ ابْنٌ وَبِنْتَانِ فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا ادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْمَيِّتَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَقَامَ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَالْمَالُ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى، ثُمَّ الْمُعْتَقُ فَمِيرَاثُهُ لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ الْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَجُرُّ الْإِرْثَ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْعَصَبَةِ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ فَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ حَتَّى لَوْ تَرَكَ أَبَا مَوْلَاهُ وَابْنَ مَوْلَاهُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ، وَلَوْ تَرَكَ جَدٌّ مَوْلَاهُ وَأَخَا مَوْلَاهُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ فِي الْعَصَبَةِ وَفِي الْأَوَّلِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يُعْطِي الْأَبَ السُّدُسَ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ وَالثَّانِي خِلَافُ مَنْ يَرَى تَوْرِيثَ الْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ، وَكَذَا الْوَلَاءُ لِابْنِ الْمُعْتَقَةِ دُونَ أَخِيهَا وَعَقْلُ جِنَايَتِهَا عَلَى أَخِيهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ اخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فِي مُعْتَقِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حِينَ مَاتَ فَقَالَ عَلِيٌّ مَوْلَى عَمَّتِي فَأَنَا أَحَقُّ بِإِرْثِهِ لِأَنِّي أَعْقِلُ عَنْهَا، وَقَالَ الزُّبَيْرُ هُوَ مَوْلَى أُمِّي فَأَنَا أَرِثُهَا فَكَذَا أَرِثُ مُعْتَقَهَا فَقَضَى عُثْمَانُ بِالْإِرْثِ لِلزُّبَيْرِ وَبِالْعَقْلِ عَلَى عَلِيٍّ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُعْتَقُ ابْنَ مَوْلَاهُ وَابْنَ ابْنِ مَوْلَاهُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلِابْنِ دُونَ ابْنِ الِابْنِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ قَالُوا الْوَلَاءُ لِلْكَبِيرِ أَيْ لِأَكْبَرِ الْأَوْلَادِ وَالْمُرَادُ أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا لَا أَكْبَرُهُمْ سِنًّا، وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا ابْنَةَ الْمُعْتَقِ فَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الْمُعْتِقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَيُوضَعُ مَالُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ كَانُوا يُفْتُونَ بِالدَّفْعِ إلَيْهَا لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ، بَلْ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ وَلَيْسَ فِي زَمَانِنَا بَيْتُ مَالٍ مُنْتَظِمٍ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي لَا يَصْرِفُهُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ ظَاهِرًا.

وَكَذَا مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِ الزَّوْجَيْنِ يُرَدُّ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا وَلَدُ الِابْنِ وَالْبِنْتِ مِنْ الرَّضَاعِ يُصْرَفُ إلَيْهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَقْرَبُ مِنْهُمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي النِّهَايَةِ وَالذِّمِّيُّونَ يَتَوَارَثُونَ كَالْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْإِرْثِ وَفِي الْمُحِيطِ مَاتَ الْمُعْتِقُ عَنْ ابْنَيْنِ فَمَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>