للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ إعْتَاقِهَا وَإِنَّمَا نُسِبَ إلَيْهِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ لِتَعَذُّرِ نِسْبَتِهِ إلَى الْأَبِ فَإِذَا أُعْتِقَ الْأَبُ أَمْكَنَ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ فَجَعْلُهُ تَبَعًا لَهُ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ تَبَعًا لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَالنَّسَبُ إلَى الْأَبَاءِ فَكَذَا الْوَلَاءُ يَنْتَقِلُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ إذَا زَالَ الْمَانِعُ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ قَوْمِ الْأُمِّ فَإِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْأَبِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَفِي الْكَافِي قُلْتُمْ الْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ وَالنَّسَبُ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَكَذَا الْوَلَاءُ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ قُلْنَا لَا يَنْفَسِخُ، وَلَكِنْ حَدَثَ وَلَاءٌ أَوْلَى مِنْهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ فِي الْأَخِ إنَّهُ عَصَبَةٌ فَإِذَا حَدَثَ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ كَالِابْنِ لَا تَبْطُلُ عُصُوبَتُهُ، وَلَكِنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَوْرَدَ هَلْ إذَا قُلْتُمْ لَمْ يَنْفَسِخْ، وَلَكِنْ قُدِّمَ عَلَيْهِ لَزِمَ أَنْ يَرِثَ مَوْلَى الْأُمِّ عِنْدَ انْقِطَاعِ مَوْلَى الْأَبِ بَعْدَ انْتِقَالِ الْوَلَاءِ عَنْ مَوَالِيهَا إلَى مَوَالِيهِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُمْ يَرِثُونَ بَعْدَ انْتِقَالِ الْوَلَاءِ عَنْهُمْ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ لَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ إعْتَاقِ الْأُمِّ فَصَادَقَهُ الْإِعْتَاقُ ضَرُورَةً فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْأُمَّ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأُمِّ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَقَدْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ وَلَاءُ هَذَا الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأُمِّ.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلِتَمَامِ السَّنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا فَإِنَّ وَلَاءَ الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأُمِّ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا فَإِنَّ وَلَاءَ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا تَزَوَّجَتْ مُعْتَقَةٌ بِعَبْدٍ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَجَنَى الْأَوْلَادُ فَعَقْلُهُمْ عَلَى مَوَالِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ لِأُمِّهِمْ وَلَهُمْ فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ جَرَّ وَلَاءَ الْأَوْلَادِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ إذَا عَقَلَ عَنْهُ قَوْمُ الْأُمِّ، ثُمَّ أَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ حَيْثُ يَرْجِعُونَ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّسَبَ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ لَا مِنْ وَقْتِ الْإِكْذَابِ وَبِالْإِكْذَابِ تَبَيَّنَ أَنَّ عَقْلَهُ كَانَ عَلَى قَوْمِ الْأَبِ، وَقَدْ أُجْبِرَ قَوْمُ الْأُمِّ عَلَى الدَّفْعِ فَيَرْجِعُونَ عَلَيْهِمْ وَفِي الْمَوْلَى حِينَ عَقَلَ قَوْمُ الْأُمِّ كَانَ ثَابِتًا لَهُمْ وَإِنَّمَا ثَبَتَ لِقَوْمِ الْأَبِ مَقْصُورًا عَلَى زَمَانِ الْإِعْتَاقِ فَلَا يَرْجِعُونَ بِهِ قَالَ أَسْلَمَتْ كَافِرَةٌ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَأَعْتَقَتْ عَبْدًا فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارٍ الْحَرْبِ فَسَبَى أَبُوهَا فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ فَأَعْتَقَهُ لَمْ يَجُرَّ وَلَاؤُهُ وَلَاءَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ لَمْ تَرْتَدَّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَوَلَاءُ الْمَرْأَةِ لِمُعْتَقِ الْعَبْدِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ أَعْتَقَ مُسْلِمًا فَرَجَعَا عَنْ الْإِسْلَامِ فَامْتَنَعُوا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ دُونَ الْمَوْلَى فَوَلَاءُ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ وَمِيرَاثُهُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ عَقْلُهُ عَلَى نَفْسِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (عَجَمِيٌّ تَزَوَّجَ مُعْتَقَةً فَوَلَدَتْ فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوَالِيهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ) يَعْنِي وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ حُكْمُ الْأَبِ حُكْمُ أَبِيهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَقَوْلُهُ عَجَمِيٌّ مِثَالٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَوْلَى وَفِي الْمُحِيطِ مُعْتَقَةٌ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ فَلَا يَخْلُو مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُعْتَقًا أَوْ مُولِيًا لِمُوَالَاةٍ أَوْ عَرَبِيًّا أَوْ عَجَمِيًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوْلَى الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إثْبَاتُ الْوَلَاءِ مِنْ الْأَبِ لِفَقْدِ الْأَهْلِيَّةِ وَأُلْحِقَ وَلَاؤُهُ بِالْأُمِّ كَنَسَبِ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ وَلَدِهِ إلَى مَوَالِيهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ وَزَالَ الْمَانِعُ وَإِنْ كَانَ مُعْتَقًا فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوَى الْجَانِبَانِ وَتَرَجَّحَ جَانِبُ الْأُبُوَّةِ وَإِنْ كَانَ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَهُوَ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأُمِّ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْوَلَدُ مَوْلًى لِمَوَالِي الْأَبِ لَهُمَا أَنَّ وَلَاءَ الْعِتْقِ أَقْوَى مِنْ مَوَالِي الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْعِتْقِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَرَجَحَ الْآكَدُ الْأَقْوَى عَلَى الْأَضْعَفِ وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ قَالَ إنْ كَانَ الْعَجَمِيُّ لَهُ أَبٌ فِي الْإِسْلَامِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِي الْأَبِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا قِيلَ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي الْأَبِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَقِيلَ لِمَوْلَى الْأُمِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَا يَجُرُّ الْجَدُّ الْوَلَاءَ اهـ.

قَيَّدَ بِكَوْنِهَا مُعْتَقَةً؛ لِأَنَّ الْعَجَمِيَّ لَوْ تَزَوَّجَ بِعَرَبِيَّةٍ فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَإِنَّهُ يُنْسَبُ إلَى قَوْمِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الزَّوْجِ عَجَمِيًّا فَإِنَّ الْعَرَبِيَّ إذَا تَزَوَّجَ مُعْتَقَةً فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا يُنْسَبُ إلَى قَوْمِهِ دُونَهَا وَقَيَّدَ الْقُدُورِيُّ بِمُعْتَقَةِ الْعَرَبِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ وَلَاءَ الْعِتْقِ قَوِيٌّ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا فَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ مِنْ الْعَجَمِ، وَلَوْ كَانَا مُعْتَقَيْنِ أَوْ عَجَمِيَّيْنِ أَوْ عَرَبِيَّيْنِ فَالْوَلَدُ تَابِعًا لِلْأَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>