للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا بِالْحُصُولِ فِي الْيَدِ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ لَمْ يُسَيِّرْهَا حَتَّى نَزَلَ ثُمَّ هَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ النَّقْلِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِرُكُوبِهِ يَضْمَنُ لِوُجُودِ الْإِتْلَافِ بِفِعْلِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَعَدَ عَلَى بِسَاطِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا وَنَبَتَ فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْضَ وَيَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِ الزَّرْعِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَفْعَلَ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَ وَفِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعَ فَالزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ بِسَبَبِ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ حَضَرَ الْمَالِكُ وَالزَّرْعُ لَمْ يَنْبُتْ، فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَتْرُكُهَا حَتَّى يَنْبُتَ الزَّرْعُ ثُمَّ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ بَذْرِهِ لَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَهُوَ أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَالْبَذْرُ لَهُ وَفِي الْعُيُونِ غَصَبَ مِنْ آخَرَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا ثُمَّ اخْتَصَمَا وَهِيَ بَذْرٌ لَمْ تَنْبُتْ بَعْدُ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْبُتَ ثُمَّ يَقُولَ لَهُ: اقْلَعْ ذَرْعَك، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرُ فِيهِ.

وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تُقَوَّمَ مَبْذُورَةً وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فِيهِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَفِي الْحَاوِي وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقَوِّمُ الْأَرْضَ غَيْرَ مَبْذُورٍ فِيهَا وَتُقَوَّمُ وَهِيَ مَبْذُورٌ فِيهَا بَذْرٌ مُسْتَحَقُّ الْقَلْعِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ قِيمَةُ بَذْرِ مَبْذُورٍ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ وَفِي الْفَتَاوَى غَصَبَ حِنْطَةً فَزَرَعَهَا تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الْمُنْتَقَى لِلْمُعَلَّى وَفِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ زَرَعَهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ غَيْرُ الزَّارِعِ نِصْفَ الْبَذْرِ وَيَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ قَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا بَعْدَمَا نَبَتَ الزَّرْعُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ نَبَتَ وَأَرَادَ الَّذِي لَمْ يَزْرَعْ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَمَا أَصَابَ الَّذِي لَمْ يَزْرَعْ مِنْ الزَّرْعِ فَلَهُ وَيَضْمَنُ لَهُ الزَّارِعُ مَا دَخَلَ أَرْضَهُ مِنْ نُقْصَانِ الزِّرَاعَةِ وَقَوْلُهُ بِسُكْنَاهُ أَوْ زِرَاعَتِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلَوْ غَصَبَ عَقَارًا أَوْ حَبَسَ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى نَزَّتْ أَرْضُهُ أَوْ أَرْضًا حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهَا مَا يَمْنَعُ مِنْ الزِّرَاعَةِ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لِظُهُورِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَسَرَقَ مَا فِي يَدِهِ وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى وَأَجَابَ الْفَقِيرُ عَنْهَا بِمَا ذَكَرَ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا فَأَجَادَهَا وَأَخَذَ غَلَّتَهَا أَوْ زَرَعَ الْأَرْضَ كُرًّا فَخَرَجَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَكْرَارٍ.

قَالَ يَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ الْكُرَّ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَيَضْمَنُ الْغَلَّةَ وَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَهَذَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِي الْكَافِي وَيَأْخُذُ الْغَاصِبُ رَأْسَ مَالِهِ أَيْ الْبَذْرَ وَمَا أَنْفَقَ وَمَا غَرِمَ مِنْ النُّقْصَانِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ الثَّانِي لَا يَتَصَدَّقُ غَصَبَ تَالَّةً مِنْ أَرْضِ إنْسَانٍ وَزَرَعَهَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَكَبُرَتْ التَّالَّةُ وَصَارَتْ شَجَرَةً فَالشَّجَرَةُ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ لِصَاحِبِهَا يَوْمَ غَصْبِهَا وَيُؤْمَرُ الْغَارِسُ بِقَلْعِ الشَّجَرَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَرَسَ رَجُلٌ تَالَّةَ نَفْسِهِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقَلْعِهَا، وَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ الْأَرْضَ أَعْطَاهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ شَجَرَتِهِ مَقْلُوعَةً كَذَا قِيلَ وَفِي التَّتِمَّةِ يَوْمَ يَخْتَصِمَانِ وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَعْطَاهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ شَجَرَةٍ مُسْتَحَقَّةِ الْقَلْعِ وَفِي التَّتِمَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ غَرَسَ أَرْضَ الْغَيْرِ غَرْسًا فَكَبُرَ هَلْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَقُولَ: أَدْفَعُ لَك قِيمَتَهُ وَلَا تَقْلَعُهُ فَقَالَ لَا إنَّمَا لِلْغَارِسِ أَنْ يَقْلَعَهُ وَيَضْمَنَ النُّقْصَانَ إنْ ظَهَرَ فِي الْأَرْضِ نُقْصَانٌ، وَإِنَّمَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْأَمْرُ بِالْقَلْعِ فَحَسْبُ وَسُئِلَ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ لِلْغَارِسِ قِيمَةُ الْأَغْصَانِ حِينَ غَرْسِهَا إذَا كَانَ فِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ بِالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ هَلْ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَقْتَ الْغَرْسِ أَوْ وَقْتَ الْقَلْعِ.

وَسُئِلَ الْخُجَنْدِيُّ عَمَّنْ غَرَسَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَنَبَتَ هَلْ لِلْغَارِسِ أَنْ يَقْلَعَهَا فَقَالَ لَهُ أَنْ يَقْلَعَهَا إنْ لَمْ تُنْقِصْ الْأَرْضَ وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ زَرَعَ أَرْضَ نَفْسِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَأَلْقَى بَذْرَهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ تُنْبِتَ بَذْرَ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ وَسَقَى الْأَرْضَ حَتَّى نَبَتَ الْبَذْرُ فَالنَّابِتُ يَكُونُ لِلثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَكُونُ عَلَى الثَّانِي قِيمَةُ بَذْرِهِ وَلَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ وَلَا بَذْرَ فِيهَا وَتُقَوَّمُ وَبِهَا بَذْرُهُ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ جَاءَ الزَّارِعُ الْأَوَّلُ وَهُوَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَأَلْقَى فِيهَا بَذْرَ نَفْسِهِ مَرَّةً أُخْرَى وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ الْبَذْرَانِ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ وَسَقَى الْأَرْضَ فَنَبَتَتْ الْبُذُورُ كُلُّهَا فَجَمِيعُ مَا نَبَتَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَلَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَهَكَذَا ذُكِرَ وَلَمْ يُسْمَعْ الْجَوَابُ وَالْجَوَابُ الْمُشْبِعُ أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَةَ بَذْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>