للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَبْذُورًا فِي أَرْضِ نَفْسِهِ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الْبَذْرَيْنِ لَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ نَابِتًا بِهَا، فَأَمَّا إذَا نَبَتَ زَرْعُ الْمَالِكِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَأَلْقَى بَذْرَهُ وَسَقَى، فَإِنْ لَمْ يُقَلِّبْ حَتَّى نَبَتَ الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ النَّابِتُ إذَا قُلِّبَ يَنْبُتُ مَرَّةً أُخْرَى فَالْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبُتُ مَرَّةً أُخْرَى فَمَا نَبَتَ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ قِيمَةَ زَرْعِهِ نَابِتًا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ سُئِلَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ زَرَعَ أَرْضَ نَفْسِهِ بُرًّا فَجَاءَ رَجُلٌ وَزَرَعَهَا شَعِيرًا قَالَ عَلَى صَاحِبِ الشَّعِيرِ قِيمَةُ بَذْرِهِ مَبْذُورًا رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْبَذْرِ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ حَتَّى يَنْبُتَ، فَإِذَا نَبَتَ يَأْخُذُهُ بِالْقَلْعِ، وَإِنْ شَاءَ أَبْرَأهُ عَنْ الضَّمَانِ، فَإِذَا اُسْتُحْصِدَ الزَّرْعُ وَحَصَدَاهُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ نَصِيبِهِمَا وَسُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَمَّنْ دَفَعَ كَرْمًا مُعَامَلَةً فَأَثْمَرَ الْكَرْمُ أَوْ كَانَ الدَّافِعُ وَأَهْلُ دَارِهِ يُدْخِلُونَ الْكَرْمَ وَيَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَحْمِلُونَ وَالْعَامِلُ لَا يُدْخِلُ إلَّا قَلِيلًا هَلْ عَلَى الدَّافِعِ ضَمَانٌ قَالَ: إنْ أَكَلُوا وَحَمَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِينَ أَكَلُوا وَحَمَلُوا، وَإِنْ كَانُوا أَكَلُوا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ نَصِيبَ الْعَامِلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَكَلَهُ، وَإِنْ كَانُوا أَخَذُوا بِإِذْنِهِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ دَلَّ عَلَى اسْتِهْلَاكِ مَالِ الْغَيْرِ وَسُئِلَ الشَّيْخُ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ زَرَعَ أَرْضَ إنْسَانٍ بِبَذْرِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ هَلْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُطَالِبَ بِحِصَّةِ الْأَرْضِ قَالَ نَعَمْ إنْ جَرَى الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَزْرَعُونَ الْأَرْضَ بِثُلُثِ الْخَارِجِ أَوْ رُبُعِهِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ شَيْءٍ مُقَدَّرٍ شَائِعٍ يَجِبُ ذَلِكَ الْقَدْرُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعُرْفُ قِيلَ لَهُ هَلْ فِيهِ رِوَايَةٌ قَالَ نَعَمْ رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا حَائِطًا فَجَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَأَخَذَ الْأَرْضَ وَأَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَائِطَ، فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ يَبْنِي الْحَائِطَ مِنْ تُرَابِ هَذِهِ الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُ النَّقْضُ وَيَكُونُ الْحَائِطُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، فَإِنْ بَنَى الْحَائِطَ لَا مِنْ تُرَابِ هَذِهِ الْأَرْضِ فَلَهُ النَّقْضُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِمَا إذَا نَقَصَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ.

قَالَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ غَصَبَ مِنْ آخَرَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً فَأَبَقَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَكُنْ أَبَقَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ زَنَتْ أَوْ سَرَقَتْ وَلَمْ تَكُنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ قَبْلُ فَعَلَى الْغَاصِبِ مَا انْتَقَصَتْ بِسَبَبِ السَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَعَيْبِ الزِّنَا وَكَذَلِكَ مَا حَدَثَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مِمَّا تَنْقُصُ بِهِ الْقِيمَةُ مِنْ عَوَرٍ أَوْ شَلَلٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَكُونُ مَضْمُونًا فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا وَيُقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ فَيَأْخُذُهُ وَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَصَابَهُ حُمًّى فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ أَصَابَهُ بَيَاضٌ فِي عَيْنِهِ ثُمَّ رُدَّ عَلَى الْمَوْلَى وَرُدَّ مَعَهُ الْأَرْشُ ثُمَّ ذَهَبَتْ الْحُمَّى وَزَالَ الْبَيَاضُ فَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْلَى بِالْأَرْشِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَإِذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ وَلَدًا فَالْوَلَدُ عِنْدَنَا غَيْرُ مَضْمُونٍ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَضْمُونٌ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَيَتَخَيَّرُ بِنُقْصَانِ الْوِلَادَةِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَتَخَيَّرُ وَإِذَا حَبِلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ مِنْ الزِّنَا فَأَرَادَ رَدَّهَا عَلَى الْمَوْلَى كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا مَعَ النُّقْصَانِ فَيَنْظُرُ إلَى أَرْشِ عَيْبِ الزِّنَا وَإِلَى مَا نَقَصَهَا الْحَبَلُ فَيَضْمَنُ الْأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، فَإِنْ وَلَدَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَسَلِمَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ فَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى أَرْشِ الْحَبَلِ وَإِلَى أَرْشِ عَيْبِ الزِّنَا، فَإِنْ كَانَ عَيْبُ الزِّنَا أَكْثَرَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ عَيْبُ الْحَبَلِ أَكْثَرَ رُدَّ الْفَضْلُ مِنْ أَرْشِ عَيْبِ الزِّنَا وَفِي الْيَنَابِيعِ، فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ الزِّنَا فَوَلَدَتْ زَالَ عَيْبُ الْحَبَلِ بِالْوِلَادَةِ وَبَقِيَ عَيْبُ الزِّنَا، فَإِنْ كَانَ عَيْبُ الزِّنَا أَكْثَرَ مِنْ عَيْبِ الْحَبَلِ، وَقَدْ غَرِمَ الْغَاصِبُ عَيْبَ الْحَبَلِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ أَرْشَ عَيْبِ الزِّنَا.

، وَإِنْ كَانَ عَيْبُ الْحَبَلِ أَكْثَرَ فَمِقْدَارُ عَيْبِ الزِّنَا يُسْتَحَقُّ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ زَالَ، وَإِنْ مَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَبَقِيَ وَلَدُهَا فَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْحَبَلِ خَاصَّةً وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْجَارِيَةُ تُقَوَّمُ غَيْرَ حَامِلٍ وَلَا زَانِيَةٍ وَتُقَوَّمُ وَهِيَ حَامِلٌ زَانِيَةٌ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا وَمَاتَ الْوَلَدُ أَيْضًا كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نُقْصَانُ الْحَبَلِ وَفِي الْيَنَابِيعِ وَكَذَا قُطِعَتْ يَدُهَا فِي سَرِقَةٍ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَوْ ضُرِبَتْ فِيمَا زَنَتْ عِنْدَهُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا الزِّنَا وَالضَّرْبُ فَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ وَفِي السَّرِقَةِ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ السَّرِقَةَ وَالزِّنَا وَلَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا الْقَطْعُ وَالضَّرْبُ وَلَوْ مَاتَتْ فِي الْوِلَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>