للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَحْدَثْت فِيهَا هَذَا الْبِنَاءَ وَكَذَّبَهُ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِشِرَاءِ الْبِنَاءِ وَالْبُقْعَةِ لِلشَّفِيعِ وَكَذَا الْحَرْثُ وَالزَّرْعُ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَحْدَثْت فِيهَا النَّخْلَ أَمْسِ لَمْ يُصَدَّقْ وَكَذَا فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ مِنْ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُهُ بِيَقِينٍ وَلَوْ اشْتَرَى دَارَيْنِ وَلَهُمَا شَفِيعٌ مُلَازِقٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت دَارًا بَعْدَ دَارٍ فَأَنَا شَرِيكٌ فِي الثَّانِيَةِ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْتهمَا دُفْعَةً وَاحِدَةً فَلِي فِيهِمَا الشُّفْعَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت الْجَمِيعَ وَقَالَ الشَّفِيعُ بَلْ اشْتَرَيْت نِصْفًا فَنِصْفًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْكُلَّ أَوْ يَدَعُ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ تَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فَاسِدًا وَقَالَ الشَّفِيعُ كَانَ جَائِزًا فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةَ وَهَذَا إذَا ادَّعَيَا الْفَسَادَ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ شَرْطٍ فَاسِدٍ أَمَّا إنْ ادَّعَيَا الْفَسَادَ بِأَنَّ الثَّمَنَ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادَ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ. اهـ.

وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمِ السَّلَمِ مِنْ الْخَمْرِ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ رَجُلَانِ تَبَايَعَا دَارًا فَطَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِحَضْرَتِهِمَا فَقَالَ الْبَائِعُ كَانَ الْبَيْعُ بَيْنَنَا مُوَاضَعَةً وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ لَا يَصْدُقَانِ عَلَى الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَ الْحَالُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْمَنْزِلُ كَبِيرًا وَبِيعَ بِثَمَنٍ لَا يُبَاعُ بِهِ مِثْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ. اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي ثَمَنًا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ كَانَ كَمَا قَالَ الْبَائِعُ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ الْمُشْتَرِي يَكُونُ حَطًّا عَنْ الْمُشْتَرِي بِدَعْوَاهُ الْأَقَلَّ وَحَطُّ الْبَعْضِ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ كَمَا بَيَّنَّا وَلِأَنَّ تَمَلُّكَ الْمُشْتَرِي بِإِيجَابِ الْبَائِعِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ مَا دَامَتْ مُطَالَبَتُهُ بَاقِيَةً فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ وَلَوْ كَانَ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي تَحَالَفَا وَأَيُّهُمَا نَكَلَ ظَهَرَ أَنَّ الثَّمَنَ مَا يَقُولُهُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِذَلِكَ، وَإِنْ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمَا يَقُولُهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ حَقِّ الشَّفِيعِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّارَ إذَا رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ، وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِقَضَاءٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ أَخَذَهَا بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِالِاسْتِيفَاءِ خَرَجَ مِنْ الْبَيْنِ وَالْتَحَقَ بِالْأَجَانِبِ لِانْتِهَاءِ حُكْمِ الْعَقْدِ بِهِ فَبَقِيَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ قَبْضُ الثَّمَنِ غَيْرَ ظَاهِرٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت الدَّارَ بِأَلْفٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ تَعَلَّقَتْ الشُّفْعَةُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ صَحِيحٌ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَبَعْدَهُ لَا يَصِحُّ وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَقْبُوضٍ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ فَيَبْقَى حَتَّى يُوجَدَ مَا يُبْطِلُهُ وَبِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَبَضْت الثَّمَنَ وَيُرِيدُ إبْطَالَ حَقِّ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ يَخْرُجُ مِنْ الْبَيْنِ فَيَكُونُ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبَضْت فِي حَقِّ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ أَجْنَبِيًّا حَتَّى لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ بِمِقْدَارِهِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ وَلَوْ بَدَأَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ قَبْلَ بَيَانِ الْقَدْرِ بِأَنْ قَالَ بِعْت الدَّارَ وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَدَأَ بِقَبْضِهِ أَوَّلًا خَرَجَ مِنْ الْبَيْنِ فَصَارَ أَجْنَبِيًّا.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ نَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ الْمُوصِي اشْتَرَيْت مَالَ الْمَيِّتِ عَلَى غَرِيمِهِ فُلَانٍ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْغَرِيمُ بَلْ كَانَ عَلَيَّ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَقَدْ أَوْفَيْتُك جَمِيعَ ذَلِكَ فَالْوَصِيُّ يَضْمَنُ الْأَلْفَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْت مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهُوَ جَمِيعُ مَالِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمَيِّتُ بَلْ كَانَ عَلَيَّ أَلْفَا دِرْهَمٍ وَقَدْ أَوْفَيْتُك الْكُلَّ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ قَوْلَهُ فِي قَبْضِ الْجَمِيعِ صَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَيَّنَ قَبْضَ الْقَدْرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ قَبَضَ الْجَمِيعَ لَا يَكُونُ أَجْنَبِيًّا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَيَانِ الْقَدْرِ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ هَدَمَ رَجُلٌ بِنَاءَ الدَّارِ فَاخْتَلَفَا الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قِيمَةِ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَوْلَى وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الدَّارِ أَوْ عُرِفَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَنَى نِصْفَهَا وَقَالَ الشَّفِيعُ ثُلُثَهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَحَطُّ الْبَعْضِ يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ لَا حَطُّ الْكُلِّ وَالزِّيَادَةِ) حَتَّى يَأْخُذَهُ بِمَا بَقِيَ فَلَا يَظْهَرُ حَطُّ الْكُلِّ فِي حَقِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>