مُشْتَرَكَةً بِالشِّرَاءِ فَجَرَى فِيهَا الْمِيرَاثُ بِأَنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَا يَقْسِمُ إذَا حَضَرَ الْبَعْضُ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَقُمْ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِي الشَّرِكَةِ الْأُولَى بِالشِّرَاءِ فَيُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى الشَّرِكَةِ الْأُولَى فَإِنْ كَانَتْ بِالْمِيرَاثِ يَقُومُ الثَّانِي مَقَامَ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ بِالشِّرَاءِ لَا يَقُومُ.
ضَيْعَةٌ بَيْنَ خَمْسَةٍ؛ وَاحِدٌ صَغِيرٌ وَاثْنَانِ غَائِبَانِ وَاثْنَانِ حَاضِرَانِ فَاشْتَرَى رَجُلٌ نَصِيبَ أَحَدِ الْحَاضِرَيْنِ وَطَالَبَ شَرِيكَهُ الْحَاضِرَ بِالْقِسْمَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَخْبَرَاهُ عَنْ الْقَضِيَّةِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ شَرِيكَهُ بِالْقِسْمَةِ وَجَعَلَ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبَيْنِ وَالصَّغِيرِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَائِمٌ مَقَامَ الْبَائِعِ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ فَكَذَا مَنْ قَامَ مَقَامَهُ.
أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ وَقَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي فَأَتَى شَرِيكُهُ وَقَالَ: بِعْت نَصِيبِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَائِعِ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لِدَفْعِ الْقِسْمَةِ عَنْهُ لِأَنَّهُ يُرِيدُ إبْطَالَ حَقِّ الْقِسْمَةِ بِإِثْبَاتِ فِعْلِ نَفْسِهِ بِالْبَيْعِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لِغَائِبٍ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ حَبَسَ الْقَاضِي قَدْرَ الدَّيْنِ وَقَسَمَ الْبَاقِيَ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْسِمُ قَدْرَ الدَّيْنِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى نَقْضِ قَضَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لَا يَقْسِمُ لِأَنَّهُمْ لَا مِلْكَ لَهُمْ فِي التَّرِكَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. اهـ.
وَفِي التَّجْرِيدِ وَلَوْ بَنَى رَجُلَانِ فِي أَرْضٍ لِرَجُلٍ بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَرَادَا قِسْمَةَ الْبِنَاءِ وَمُؤَاجَرَةَ الْأَرْضِ لِغَائِبٍ فَلَهُمَا ذَلِكَ فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَفِي النَّوَازِلِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ قَرْيَةٍ مَشَاعٍ بَيْنَ أَهْلِهَا، رُبُعُهَا وَقْفٌ وَرُبُعُهَا مَقْبَرَةٌ وَنِصْفُهَا مِلْكٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوهُ مَقْبَرَةً قَالَ: إنْ قُسِمَتْ الْقَرْيَةُ كُلُّهَا عَلَى مِقْدَارِ كُلِّ نَصِيبٍ جَازَتْ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَقْتَسِمُوا مَوْضِعًا مِنْهَا لَا يَجُوزُ.
وَعَنْ الْحَسَنِ: رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ نِصْفَ دَارٍ، ثُمَّ قَاسَمَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا جَازَتْ الْقِسْمَةُ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْبَائِعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْبَائِعِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ مِنْ النِّصْفِ الَّذِي صَارَ لَهُ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا حَتَّى بَاعَ الْمُشْتَرِي النِّصْفَ الَّذِي صَارَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ الَّذِي صَارَ لِلْمُشْتَرِي يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا بَاعَ الْبَائِعُ، وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِهِ وَكَذَا إنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا بَاعَ أَحَدُهُمَا وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ رَحِمُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ أَخَذَ الْحَسَنُ قَالَ: وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: أَيُّ النِّصْفَيْنِ اُسْتُحِقَّ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْآخَرِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بَعْضَ نَصِيبِهِ، ثُمَّ حَضَرَا - يَعْنِي الْوَارِثَ وَالْمُشْتَرِيَ - وَطَلَبَا الْقِسْمَةَ فَالْقَاضِي لَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَحْضُرَ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْبَائِعِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ نَصِيبَهُ، ثُمَّ وَرِثَ الْبَائِعُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ خَصْمًا لِلْمُشْتَرِي فِي نَصِيبِهِ الْأَوَّلِ فِي الدَّارِ حَتَّى يَحْضُرَ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُهُ وَلَوْ حَضَرَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَارِثِ وَوَارِثٌ آخَرُ وَغَابَ الْوَارِثُ وَالْبَائِعُ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى شِرَائِهِ وَقَبْضِهِ وَعَلَى الدَّارِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا إنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْغَائِبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ وَسَكَنَ الدَّارَ مَعَهُمْ ثُمَّ طَلَبَ الْقِسْمَةَ هُوَ وَوَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْبَائِعِ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَالْقَاضِي يَقْسِمُ الدَّارَ وَكَذَلِكَ إنْ طَلَبَتْ الْوَرَثَةُ الْقِسْمَةَ دُونَ الْمُشْتَرِي فَالْقَاضِي يَقْسِمُ الدَّارَ بَيْنَهُمْ بِطَلَبِهِمْ وَجَعَلَ نَصِيبَ الْغَائِبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا يَقْضِي بِالشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ عُزِلَ نَصِيبُ الْوَارِثِ الْغَائِبِ وَلَا يُدْفَعُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْوَرَثَةُ لَمْ أَقْسِمْ لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ مَا لِكُلٍّ وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ.
وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ: دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مَشَاعٌ مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يُقَاسِمَ صَاحِبَ الدَّارِ وَيَقْبِضَ نَصِيبَهُ فَقَاسَمَهُ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ، وَإِذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَارٌ وَنِصْفُ دَارٍ اقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الدَّارَ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ نِصْفَ الدَّارِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الدَّارُ أَقَلَّ قِيمَةٍ مِنْ نِصْفِ الدَّارِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَقَسَمَ الْقَاضِي بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ لَوْ انْتَفَعَ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ) لِأَنَّ فِيهِ تَكْمِيلَ الْمَنْفَعَةِ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَكَانَتْ الْقِسْمَةُ حَقًّا لَهُمْ فَوَجَبَ عَلَى الْقَاضِي إجَابَتُهُمْ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: يَعْنِي يَقْسِمُ جَبْرًا وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْإِقْرَارِ لِتَفَاوُتِ الْمَقَاصِدِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ تَضَرَّرَ الْكُلُّ لَمْ يَقْسِمْ إلَّا بِرِضَاهُمْ) وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute