للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ذَلِكَ قَالَ لَا، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى لَحْمًا أَوْ سَمَكًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الثِّمَارِ فَذَهَبَ الْمُشْتَرِي لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ وَأَبْطَأَ فَخَشِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَفْسُدَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَحِلُّ شِرَاءُ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فَاشْتَرَى لَهُ ابْنُهُ أَوْ وَلَدُهُ جَازَ اهـ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَهُ شِرَاءُ أَمَةِ زَيْدٍ، قَالَ بَكْرٌ: وَكَّلَنِي زَيْدٌ بِبَيْعِهَا) يَعْنِي أَنَّ جَارِيَةً لِإِنْسَانٍ فَرَآهَا فِي يَدِ آخَرَ يَبِيعُهَا فَقَالَ لَهُ: وَكَّلَنِي مَوْلَاهَا بِالْبَيْعِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَيَطَأَ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِخَبَرٍ صَحِيحٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَقَوْلُ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَنِي أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيَّ فَلَهُ الشِّرَاءُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا لَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّ خَبَرَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ ثِقَةً فَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ غَيْرَ ثِقَةٍ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ وَسِعَهُ الشِّرَاءُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يَتَعَرَّضُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْبَرَ رَأْيِهِ يَقُومُ مَقَامَ الْيَقِينِ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ صَاحِبُ الْيَدِ عَنْ الْوَكَالَةِ وَانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ لَا يَشْتَرِي حَتَّى يَعْرِفَ أَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْأَوَّلِ دَلِيلُ الْمِلْكِ فَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَسِعَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، وَإِنْ كَانَ ذُو الْيَدِ فَاسِقًا إلَّا أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَمْلِكُ مِثْلَهَا كَدُرَّةٍ فِي يَدِ كَنَّاسٍ فَحِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهَا وَلَوْ اشْتَرَاهَا مَعَ ذَلِكَ صَحَّ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْيَدُ.

وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَتَاهُ بِهَا عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا وَلَا يَشْتَرِيهَا حَتَّى يَسْأَلَ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا مِلْكَ لَهُ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لِغَيْرِهِ فَلَوْ قَالَ لَهُ: أَذِنَنِي مَوْلَايَ فِي بَيْعِهَا وَهُوَ ثِقَةٌ قَبِلَ قَوْلَهُ قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فَإِنْ قَبِلَ قَوْلَهُ وَهُوَ ثِقَةٌ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ يُقْبَلُ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ " ثِقَةٌ " أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى كَلَامِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكْذِبَ لِمُرُوءَتِهِ وَلِوَجَاهَتِهِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا إنَّ عَدَالَةَ الْمُخْبِرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَا بُدَّ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ أَنْ يَكُونَ أَكْبَرُ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّهُ صَادِقٌ وَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يُقْبَلَ فِي الْمُعَامَلَاتِ خَبَرُ الْفَاسِقِ مُطْلَقًا وَلَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ قَوْلُ الْفَاسِقِ وَلَا الْمَسْتُورِ إلَّا إذَا كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّهُ صَادِقٌ، فَمَا ذُكِرَ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الَّذِي اُعْتُبِرَ فِي الدِّيَانَاتِ دُونَ الْمُعَامَلَاتِ اُعْتُبِرَ هُنَا فِي الْمُعَامَلَاتِ أَيْضًا.

وَالْجَوَابُ أَنَّ خَبَرَ الْفَاسِقِ إنَّمَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَانَاتِ إذَا حَصَلَ بَعْدَ التَّحَرِّي وَفِي الْمُعَامَلَاتِ ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: خَبَرُ الْعَدْلِ يُقْبَلُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّحَرِّي وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ فَيُشْتَرَطُ التَّحَرِّي فِي الْمُعَامَلَاتِ اسْتِحْسَانًا وَلَا يُشْتَرَطُ التَّحَرِّي فِيهَا رُخْصَةً فَمَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِهِ لِبَيَانِ الرُّخْصَةِ وَهُوَ عَدَمُ التَّحَرِّي وَمَا ذُكِرَ هُنَا بَيَانُ الِاسْتِحْسَانِ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ.

قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: فَلَوْ لَمْ يَقُلْ صَاحِبُ الْيَدِ وَكَّلَنِي وَلَكِنْ قَالَ قَدْ كَانَ ظَلَمَنِي وَغَصَبَنِي الْجَارِيَةَ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَفِي الْخِزَانَةِ وَإِنْ قَالَ كَانَ غَصَبَهَا مِنِّي فُلَانٌ فَارْتَجَعْتهَا مِنْهُ بِلَا رِضَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ لَا يُصَدَّقُ وَكَذَا إذَا قَالَ قَضَى الْقَاضِي لِي بِالْجَارِيَةِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَدَفَعَهَا لِي فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ إنْ كَانَ عَدْلًا وَإِنْ قَالَ قَضَى بِهَا الْقَاضِي فَجَحَدَنِي قَضَاءَهُ فَأَخَذْتهَا فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ فُلَانٍ وَنَقَدْته الثَّمَنَ ثُمَّ جَحَدَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَأَخَذْتهَا مِنْهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ: وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْجُحُودَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ إذَا كَانَ عَدْلًا وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَلَى الْجُحُودِ فَاسِقًا يَعْتَبِرُ فِيهِ أَكْبَرَ رَأْيِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ وَرِثَهُ أَوْ أُبِيحَ لَهُ فَأَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ وَكَذَّبَهُ ذُو الْيَدِ فَهُوَ مُتَّهَمٌ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا إذَا لَمْ يَجِئْ التَّشَاجُرُ وَالتَّجَاحُدُ مِنْ الَّذِي كَانَ يَمْلِكُ فَإِنْ جَاءَتْ الْمُشَاجَرَةُ وَالْإِنْكَارُ مِنْ الْمَالِكِ لَا يَقْبَلُ خَبَرَ الْمُخْبِرِ سَوَاءٌ كَانَ فَاسِقًا أَوْ عَدْلًا وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَّ مَوْلَاهَا قَدْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِبَيْعِهَا فَاشْتَرَاهَا بِقَوْلِهِمَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَقَبَضَهَا وَحَضَرَ مَوْلَاهَا فَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي سَعَةٍ مِنْ إمْسَاكِهَا وَفِي الْخَانِيَّةِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا حَتَّى يُخَاصِمَهُ الْمَوْلَى إلَى الْقَاضِي بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ خَاصَمَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَضَى الْقَاضِي بِالْمِلْكِ فَإِنْ اُسْتُحْلِفَ الْمَالِكُ عَلَى الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ إمْسَاكُهَا مَا لَمْ يُجَدِّدْ الشَّاهِدَانِ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي بِالْوَكَالَةِ وَفِي الْخِزَانَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِيهَا: إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَبَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يُصَدِّقُهُ وَجَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ.

وَإِذَا تَزَوَّجَ فَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ، وَيَتَنَزَّهُ عَنْهَا.

وَإِذَا اشْتَرَى طَعَامًا شِرَاءً فَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ أَنَّهُ حَرَامٌ أَوْ غَصَبَهُ الْبَائِعُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْغَصْبِ وَيُصَدَّقُ فِي الْحَرَامِ.

رَأَى رَجُلًا قَتَلَ وَلَدًا لَهُ بِالسَّيْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>