وَجَحَدَ قَتْلَهُ لَا يُصَدَّقُ وَوَسِعَ مَنْ عَايَنَ ذَلِكَ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى قَتْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى غَابَ عَنْهَا فَأَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ أَنَّهَا قَدْ ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِذَلِكَ عَدْلًا وَفِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ وَسِعَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ، وَأَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا أَوْ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا تَحَرَّى فِي ذَلِكَ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ ثِقَةً وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ، وَتِلْكَ الْمَسْأَلَةُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا مَا لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي رِوَايَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ رِدَّةَ الْمَرْأَةِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَتَيْنِ؛ رِدَّةُ الرَّجُلِ لَا تَثْبُتُ عِنْدَ الْمَرْأَةِ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ، رِدَّةُ الْمَرْأَةِ تَثْبُتُ عِنْدَ الزَّوْجِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحُلْوَانِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ السِّيَرِ لَا يَثْبُتُ رِدَّةُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الزَّوْجِ وَلَا رِدَّةُ الزَّوْجِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَفِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ فَرَّقَ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ بَيْنَمَا إذَا أَخْبَرَ عَنْ رِدَّتِهِمَا قَبْلَ النِّكَاحِ فَقَالَ إذَا قَالَ لِلزَّوْجِ: تَزَوَّجْتَهَا وَهِيَ مُرْتَدَّةٌ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَإِذَا أَخْبَرَ عَنْ رِدَّتِهَا بَعْدَ النِّكَاحِ وَسِعَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيمَا قَالَ وَيَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا، وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ جَارِيَةً رَضِيعَةً ثُمَّ غَابَ عَنْهَا فَأَتَاهُ رَجُلٌ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا أُمُّهُ أَوْ بِنْتُهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ رَضِيعَةُ امْرَأَتِهِ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا وَسِعَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: لِأَنَّ الْقَاطِعَ طَارِئٌ وَالْإِقْدَامَ الْأَوَّلَ لَا يَدُلُّ عَلَى إقْدَامِهِ فَلَمْ يَثْبُتُ الْمُنَازِعُ. اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إنْ قَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَوَجْهٌ آخَرُ فِيهِ يُوجِبُ عَدَمَ الْقَبُولِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ، وَدَلِيلُ مِلْكِ الزَّوْجِ فِيهَا فِي الْحَالِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ بَلْ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ أَقْوَى مِنْ اسْتِصْحَابِ الْحَالِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ الْمِلْكِ الثَّابِتِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: رِوَايَةُ السِّيَرِ تَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّضَاعِ وَبَيْنَ الرِّدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا وَلَكِنَّهُ قَالَ: كُنْتَ تَزَوَّجْتَهَا يَوْمَ تَزَوَّجْتَهَا وَهِيَ أُخْتُكَ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا وَإِذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ امْرَأَتِهِ فَأَتَاهَا مُسْلِمٌ عَدْلٌ، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ فَاسِقًا يُتَحَرَّى وَفِي الْفَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَكَذَلِكَ إذَا جَاءَهَا كِتَابٌ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ وَغَلَبَ فِي ظَنِّهَا ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَسِعَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ إنْ سَمِعَتْهُ طَلَّقَهَا وَجَحَدَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَحَلَفَ فَرَدَّهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ لَمْ يَسَعْهَا الْمُقَامُ مَعَهُ وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ بِمَالِهَا وَتَهْرُبَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ قَتَلَتْهُ وَإِذَا هَرَبَتْ مِنْهُ لَمْ يَسَعْهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ، جَوَابُ الْقَاضِي أَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَمَا اعْتَدَّتْ اهـ.
ثُمَّ إذَا أَخْبَرَهَا عَدْلٌ مُسْلِمٌ أَنَّهُ مَاتَ زَوْجُهَا كَذَا إنَّمَا تَعْتَمِدُ خَبَرَهُ إذَا قَالَ عَايَنْتُهُ مَيِّتًا وَقَالَ: شَهِدْتُ جِنَازَتَهُ أَمَّا إذَا قَالَ " أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ " لَا يُعْتَمَدُ عَلَى خَبَرِهِ، وَإِنْ أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِمَوْتِهِ وَرَجُلَانِ آخَرَانِ أَخْبَرَا بِحَيَاتِهِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهَا بِمَوْتِهِ قَالَ عَايَنْتُهُ مَيِّتًا وَشَاهَدْتُ جِنَازَتَهُ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَإِنْ كَانَ اللَّذَانِ أَخْبَرَا بِحَيَاتِهِ ذَكَرَا أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ حَيًّا فَقَوْلُهُمَا أَوْلَى وَفِي السِّرَاجِيَّةِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَفِيهِ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِمَوْتِهِ وَقَتْلِهِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ حَيٌّ فَشَهَادَةُ الْمَوْتِ أَوْلَى وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِرَجُلٍ: إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتِي فَإِنْ كَانَتْ عَدْلَةٌ وَسِعَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً تَحَرَّى وَعَمِلَ بِمَا وَقَعَتْ تَحَرِّيَّتُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخْبَرَهَا أَنَّ أَصْلَ نِكَاحِهَا فَاسِدٌ، وَأَنَّ زَوْجَهَا أَخُوهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ كَانَ مُرْتَدًّا فَإِنَّهُ لَا يَسَعُهَا أَنْ تَقْبَلَ وَتَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا قَالَ مُحَمَّدٌ: إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ يَدَّعِي إنَّهَا رَقِيقَتُهُ وَهِيَ تُقِرُّ بِالْمِلْكِ فَوَجَدَهَا فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَدْ عَلِمَ بِحَالِهَا فَأَرَادَ شِرَاءَهَا فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ: الْجَارِيَةُ جَارِيَتِي وَقَدْ كَانَ الَّذِي يَدَّعِي الْجَارِيَةَ كَانَتْ فِي يَدِهِ كَاذِبًا فِيمَا ادَّعَى مِنْ مِلْكِهَا لَا يَنْبَغِي لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَلَوْ قَالَ كُنْت اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute