أَنْ يَكُونَ فَقَأَ عَيْنَ الْآخَرِ لَا غَيْرُ أَوْ فَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنَ الْآخَرِ مُتَعَاقِبًا أَوْ مَعًا، فَإِنْ فَقَأَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ لَا غَيْرُ كَانَ الْفَاقِئُ رَهْنًا بِسِتِّمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْآخَرُ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلَا يَفْتَكُّهُمَا إلَّا جَمِيعًا أَمَّا الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رَهْنًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْفَاقِئُ بِالْفَقْءِ أَتْلَفَ مِنْهُ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ وَنِصْفُهُ فَارِغٌ وَنِصْفُهُ مَشْغُولٌ فَيَبْقَى نِصْفُ الدَّيْنِ بِإِزَاءِ النِّصْفِ الْقَائِمِ وَالْجِنَايَةُ عَلَى النِّصْفِ الْفَارِغِ مِنْ الْعَيْنِ هَدَرٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْفَارِغِ أَوْ بِجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ، وَهَذَا كُلُّهُ هَدَرٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ؛ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفِهِ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّ الْفَاقِئَ نِصْفُهُ مَشْغُولٌ وَنِصْفُهُ فَارِغٌ وَجِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْمَشْغُولِ هَدَرٌ فَيَسْقُطُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ نِصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَتَحَوَّلَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْقَاتِلِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ نِصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ عَلَى الْمَشْغُولِ فَتَحَوَّلَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْقَاتِلِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَبَقِيَ دَيْنُ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَكَانَ رَهْنًا وَتَحَوَّلَ مِنْ دَيْنِهِ إلَى الْفَاقِئِ قَدْرَ رُبُعِهِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَكَانَ الْفَاقِئُ رَهْنًا بِسِتِّمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَسَقَطَ مِنْ دَيْنِ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ قَدْرُ رُبُعِهِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَا يَفْتَكُّهُمَا إلَّا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَاحِدٌ، وَلَوْ أَنَّ الْمَفْقُوءَةَ عَيْنُهُ فَقَأَ عَيْنَ الْفَاقِئِ الْأَوَّلِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ.
وَالْفَاقِئُ الْآخَرُ يَكُونُ رَهْنًا بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَرُبُعٍ؛ لِأَنَّ الْفَاقِئَ الْآخَرَ أَتْلَفَ نِصْفَ الْفَاقِئِ الْأَوَّلِ وَبَقِيَ نِصْفُهُ فَيَبْقَى نِصْفُ الدَّيْنِ بِإِزَاءِ نِصْفِ الْبَاقِي وَذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النِّصْفِ الْفَارِغِ هَدَرٌ وَعَلَى نِصْفِ نِصْفِ الْمَشْغُولِ أَيْضًا هَدَرٌ يَسْقُطُ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ رُبُعُهُ وَهُوَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ وَعَلَى نِصْفِ نِصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ لِمَا مَضَى فَتَحَوَّلَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْفَاقِئِ الْآخَرِ وَهُوَ رُبُعُهُ ذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ بَقِيَ الْفَاقِئُ الْأَوَّلُ بِأَرْبَعِمِائَةِ وَسِتَّةٍ وَرُبُعٍ، وَلَوْ فَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ بَقِيَ الْفَاقِئُ الْأَوَّلُ رَهْنًا بِثَلَاثِمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَصَارَ الْفَاقِئُ الثَّانِي رَهْنًا بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَرُبُعٍ، وَلَوْ فَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ مَعًا ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ رُبُعُهُ وَبَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ خَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْغَرَ لَمَّا فَقَأَ عَيْنَ الْأَكْبَرِ فَقَدْ أَتْلَفَ مِنْهُ نِصْفَهُ فَيَبْقَى نِصْفُ نِصْفِ الدَّيْنِ بِإِزَاءِ النِّصْفِ الْبَاقِي وَالنِّصْفُ التَّالِفُ مِنْ الْأَكْبَرِ نِصْفُهُ فَارِغٌ وَنِصْفُهُ مَشْغُولٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى النِّصْفِ الْفَارِغِ هَدَرٌ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ فَسَقَطَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ رُبُعُهُ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ مُعْتَبَرَةٌ فَيَتَحَوَّلُ مَا بِإِزَائِهِ إلَى الْأَصْغَرِ وَذَلِكَ رُبُعُهُ وَسَقَطَ مِنْ دَيْنِ الْأَصْغَرِ رُبُعُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ الْمَشْغُولِ هَدَرٌ فَسَقَطَ مَا بِإِزَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَالْحَاصِل أَنَّهُ بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَتَحَوَّلَ إلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْأَكْبَرِ رُبُعُهُ فَصَارَ رَهْنًا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ خَمْسِمِائَةٍ.
وَأَمَّا إذَا ارْتَهَنَ عَبْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ بِصَفْقَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا فَضْلٌ عَنْ الدَّيْنِ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَسْقُطُ مَا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الدَّفْعِ لِلْمُرْتَهِنِ وَهَدَرَتْ الْجِنَايَةُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا فَضْلٌ يُخَيَّرُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ إنْ شَاءَ جَعَلَا الْقَاتِلَ مَكَانَ الْمَقْتُولِ وَبَطَلَ مَا فِي الْمَقْتُولِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ شَاءَ أَفْدَيَا الْقَاتِلَ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ وَغَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَمِائَةٍ فَكَانَتْ الْقِيمَةُ رَهْنًا مَكَانَ الْمَقْتُولِ وَالْقَاتِلُ رَهْنٌ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ كُلَّهُ تَلِفَ بِجِنَايَةِ الْفَارِغِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ مَتَى تَفَرَّقَتْ فَالْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِأَحَدِهِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخَرِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَارِغًا عَنْ الْآخَرِ وَلِهَذَا لَوْ قَضَى دَيْنَ أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْتَكَّهُ وَجِنَايَةُ الْمَشْغُولِ عَلَى الْفَارِغِ مُعْتَبَرَةٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى عَبْدٍ لِأَجْنَبِيٍّ يُخَيَّرُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ فَكَذَا هَذَا، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسَمِائَةٍ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْقَاتِلِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَعَبْدُهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ فَكَانَ الْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ فَقَأَ أَحَدُهُمَا عَيْنَ الْآخَرِ فَقِيلَ لَهُمَا ادْفَعَاهُ أَوْ افْدِيَاهُ بِأَرْشِ عَيْنِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْبَعْضِ يُعْتَبَرُ بِإِتْلَافِ الْكُلِّ، وَفِي إتْلَافِ الْكُلِّ يُخَيَّرُ فَكَذَا فِي إتْلَافِ الْبَعْضِ، فَإِنْ دَفَعَهُ بَطَلَ مَا فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ فَدَيَاهُ كَانَ الْفِدَاءُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ رَهْنًا مَعَ الْمَفْقُوءَةِ عَيْنُهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لَا أَفْدِي وَأَدَعُ الرَّهْنَ عَلَى حَالِهِ لَهُ ذَلِكَ وَالْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ ذَهَبَ نِصْفُ بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِنَايَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا لِحَقِّ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute