مُحَمَّدٍ تَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِاشْتِبَاهِ الْمُسْتَحِقِّ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ شَجَّهُ رَجُلٌ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى بَاعَهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ وَهَبَهُ الْمَوْلَى مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَنَّ أَمَةً قُطِعَتْ يَدُهَا خَطَأً وَبَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ إنْسَانٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَرُدَّتْ عَلَى الْمَوْلَى فَمَاتَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْقَطْعِ فَعَلَى الْقَاطِعِ قِيمَتُهَا تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا دَرَأْت الْقِصَاصَ اسْتِحْسَانًا وَفِي نَوَادِرِ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَبْدٌ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَاطِعُ وَالْمَوْلَى فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَطْعِ فَقَالَ الْقَاطِعُ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَطْعِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاطِعِ، فَإِنْ غَرِمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَغْرَمْ حَتَّى تَلِفَتْ الْيَدُ وَمَاتَ فَعَلَى قَاطِعِ الْيَدِ وَعَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ.
وَأَمَّا النَّفْسُ فَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهَا فَيَغْرَمُ الْقَاتِلُ قِيمَةَ النَّفْسِ يَوْمَ تَلِفَتْ وَيَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا أَرْشُ الْيَدِ رَجُلٌ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ وَقَطَعَ الْآخَرُ رِجْلَهُ أَوْ يَدَهُ فَبَرِئَ، وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ عَنْهُمَا مَعًا فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُ أَثْلَاثًا وَيَأْخُذَانِ الْعَبْدَ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جِرَاحَةً مِنْ اثْنَيْنِ مَعًا جِرَاحَةُ هَذَا فِي عُضْوٍ وَجِرَاحَةُ هَذَا فِي عُضْوٍ يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ الْقِيمَةَ كُلَّهَا، فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ إلَيْهِمَا وَيَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ عَلَى قَدْرِ أَرْشِ جِنَايَتِهِمَا وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَالْجِنَايَةُ خَطَأٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْشُ جِرَاحَتِهِ عَلَى حِدَةٍ مِنْ قِيمَةِ عَبْدٍ صَحِيحٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ النَّفْسِ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إحْدَى الْجِرَاحَتَيْنِ قَبْلَ الْأُخْرَى وَقَدْ مَاتَ مِنْهُمَا فَعَلَى الْجَارِحِ الْأَوَّلِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَعَلَى الْجَارِحِ الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتِهِ مِنْ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا الْجِرَاحَةُ الْأُولَى وَمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ فَعَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ بَرِئَ مِنْهُمَا وَالْجِرَاحَةُ الْأُخْرَى تَسْتَغْرِقُ الْقِيمَةَ وَالْأُولَى تَسْتَغْرِقُ الْقِيمَةَ فَعَلَى الْأَوَّلِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ وَعَلَى الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتِهِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ حَمَلَ عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَخْتُومًا وَرَجُلٌ آخَرُ حَمَلَ عَلَيْهِ مَخْتُومَيْنِ، وَكَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى صَاحِبِ الْمَخْتُومِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ وَعَلَى صَاحِبِ الْمَخْتُومَيْنِ ثُلُثَا الْقِيمَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلًا فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَشَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ عَبْدُهُ فَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ حُرٌّ الْيَوْمَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ قَضَى لِوَارِثِهِ بِالْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَبِالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَلِمَوْلَاهُ قِيمَتُهُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ عَبْدٌ مَقْطُوعُ الْيَدِ جَاءَ إنْسَانٌ وَقَطَعَ رِجْلَهُ إنْ قَطَعَ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ فَعَلَى الْقَاطِعِ نُقْصَانُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ، وَإِنْ قَطَعَهَا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْطُوعِ يَدُهُ وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي وَعَلَى هَذَا: الْبَائِعُ إذَا قَطَعَ يَدَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطُ نِصْفُ الثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَقْطُوعَ الْيَدِ فَقَطَعَ الْبَائِعُ يَدَهُ الثَّانِيَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَغْرَمُ النُّقْصَانَ وَيَسْقُطُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ انْتَقَضَ ثُلُثٌ لَسَقَطَ ثُلُثُ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ قَطْعِ الْيَدِ فَقْءُ الْعَيْنِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَقْطُوعَ الْيَدِ فَقَطَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ الْأُخْرَى كَانَ عَلَى قَاطِعِ الْيَدِ الثَّانِيَةِ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلِأَبِي الْمَعْتُوهِ الْقَوَدُ وَالصُّلْحُ لَا الْعَفْوُ بِقَتْلِ وَلِيِّهِ) يَعْنِي إذَا قَتَلَ رَجُلٌ قَرِيبًا لِلْمَعْتُوهِ فَلِوَلِيِّ الْمَعْتُوهِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ وَلَهُ أَنْ يُصَالِحَ؛ لِأَنَّ لَهُ تَمَامَ الشَّفَقَةِ وَالرَّأْفَةِ وَلَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَعْتُوهِ فَقَامَ مَقَامَهُ؛ وَلِأَنَّ فِي الصُّلْحِ مَنْفَعَةُ الْمَعْتُوهِ قَالَ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ، هَذَا إذَا صَالَحَا عَلَى مِثْلِ الدِّيَةِ أَمَّا إذَا صَالَحَا عَلَى أَقَلِّ مِنْ الدِّيَةِ لَمْ يَجُزْ وَيَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ وَلَنَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُطْلَقٌ حَيْثُ جَوَّزَ صُلْحَ أَبِي الْمَعْتُوهِ وَعَنْ دَمِ قَرِيبِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَلَهُ أَنْ يُصَالِحَ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِقَدْرِ الدِّيَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلِّ مِنْ الدِّيَةِ عَمَلًا بِإِطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ صُلْحُهُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْمَعْتُوهِ مِنْ الْقِصَاصِ فَإِذَا جَازَ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فَالصُّلْحُ أَوْلَى وَالنَّفْعُ يَحْصُلُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَرْخِيَّ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِذَا وَجَبَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ قِصَاصٌ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا فَصَالَحَ صَاحِبُ الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ، فَذَلِكَ جَائِزٌ قَلِيلًا كَانَ الْمَالُ أَوْ كَثِيرًا كَانَ ذَلِكَ دُونَ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ أَوْ أَكْثَرَ إلَى هُنَا لَفْظُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ أَقُولُ: نَظَرُهُ سَاقِطٌ جِدًّا، فَإِنَّ لِأَصْحَابِ التَّخْرِيجِ مِنْ الْمَشَايِخِ صَرْفُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْمُجْتَهِدِ إلَى التَّقْيِيدِ إذَا اقْتَضَاهُ الْفِقْهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
أَمَّا الْقَتْلُ فَلِأَنَّ الْقِصَاصَ شُرِعَ لِلتَّشَفِّي وَدَرْكِ الثَّأْرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute