لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَوْصَيْت أَنَّ لِفُلَانٍ فِي مَالِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْأَلْفُ الْأُولَى وَصِيَّةٌ، وَالْأُخْرَى إقْرَارٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَوْصَيْت لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرِيَّةَ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى ذَكَرْتُ، وَلِهَذَا كَانَ إقْرَارًا بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهَا عَلَى بَابِهَا.
وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ وَإِنِّي أُجِيزُ ذَلِكَ يَكُونُ وَصِيَّةً، وَلَوْ قَالَ سُدُسٌ فِي دَارِي لِفُلَانٍ وَإِنِّي أُجِيزُ ذَلِكَ يَكُونُ وَصِيَّةً، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ سُدُسٌ فِي دَارِي فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ دِرْهَمٌ مِنْ مَالِي يَكُونُ وَصِيَّةً اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ فِي ذِكْرِ وَصِيَّتِهِ إذَا قَالَ فِي مَالِي كَانَ إقْرَارًا، وَإِذَا قَالَ عَبْدِي هَذَا لِفُلَانٍ، وَدَارِي هَذِهِ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ وَصِيَّةٌ وَلَا كَانَ فِي ذِكْرِ وَصِيَّةٍ وَلَا بَعْدَ مَوْتِي كَانَتْ هِبَةً قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ قَبَضَهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي خِلَالِ الْوَصِيَّةِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ فِي شَرْحِ وَصَايَا الْأَصْلِ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَصِيَّةً، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَكُونُ وَصِيَّةً، وَإِذَا قَالَ أَوْصَيْتُ أَنْ يُوهَبَ لِفُلَانٍ سُدُسُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي كَانَ ذَلِكَ وَصِيَّةً عَمَلًا بِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِي فَالْهِبَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ هِيَ الْوَصِيَّةُ فَتَصِحُّ مَعَ الشُّيُوعِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَلَوْ قَالَ ثُلُثَيْ مَالِي لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ سُدُسُ مَالِي لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَاطِلًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ وَصِيَّةً جَائِزَةً، وَتَأْوِيلُهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي خِلَالِ الْوَصَايَا يَكُونُ وَصِيَّةً ظَاهِرَةً فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ ثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ لِفُلَانٍ، وَلَوْ قَالَ هَكَذَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِي لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ فِي صِحَّتِهِ ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْوَصِيَّةِ وَلَا ذَكَرَهَا فِي خِلَالِ الْوَصَايَا وَلَا إضَافَةً إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يُجْعَلُ وَصِيَّةً بَلْ يُجْعَلُ هِبَةً حَتَّى لَوْ ذَكَرَهَا فِي خِلَالِ الْوَصَايَا أَوْ إضَافَةً إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ يَكُونُ وَصِيَّةً.
وَالْحَاصِلُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَالَةِ الصِّحَّةِ وَحَالَةِ الْمَرَضِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ قَالَ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ إنْ حَدَثَ لِي حَادِثٌ فَلِفُلَانٍ كَذَا هَذَا وَصِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثُلُثِي فَهَذَا وَصِيَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا الْمَوْتَ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِي أَوْ قَالَ مِنْ نِصْفِ مَالِي أَوْ قَالَ مِنْ رُبُعِ مَالِي فَهُوَ بَاطِلٌ، وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي فَتَاوَى اللَّيْثِ مَرِيضٌ قَالَ أَخْرِجُوا أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي أَوْ قَالَ أَخْرِجُوا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ جَازَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ رَجُلٌ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَلَا تُوصِي فَقَالَ قَدْ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ يُدْفَعُ كُلُّ السُّدُسِ لِلْفُقَرَاءِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ مَرِيضٌ قَالُوا لَهُ لِمَ لَا تُوصِي فَقَالَ قَدْ أَوْصَيْت بِأَنْ يُخْرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَالِي أَلْفَانِ فَيُتَصَدَّقُ بِأَلْفٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ فَإِذَا ثُلُثُ مَالِهِ أَلْفَانِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ يُتَصَدَّقُ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ أَوْصَيْت أَنْ يُخْرَجَ ثُلُثُ مَالِي، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ قَالَ يُتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَمَتِي هَذِهِ حُرَّةٌ وَمَا كَانَ فِي يَدِهَا فَهُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ قَالَ أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ فِي يَدِهَا يَوْمَ مَاتَ، وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي يَدِهَا يَوْمَ مَاتَ، وَلَوْ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغِلْمَانِي أَحْرَارٌ، وَيُعْطَى فُلَانٌ مِنْ مَالِي كَذَا وَكَذَا، وَيَحُجُّ عَنِّي ثُمَّ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا، وَقَالَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى أَوْ لِغَيْرِهِمْ اشْهَدُوا أَنِّي عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى.
قَالَ مُحَمَّدٌ أَمَّا فِي الْقِيَاسِ هَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ الْأُولَى حِينَ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ لَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فَنُجِيزُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَيَتَحَاصُّونَ فِي الثُّلُثِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ، وَالِاسْتِحْسَانُ إذَا قَالَ أَوْصَيْت لِعَبْدِ ابْنِهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلِلْمَسَاكِينِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَغِلْمَانِي أَحْرَارٌ ثُمَّ بَرِئَ ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبْرَأْ مِنْ مَرَضِي، وَزَادَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ الدَّيْنُ الدَّيْنُ يَتَمَارَى مِنْ أبدا يَا رين يَتَمَارَى ممن مَرَّ فَحِينَئِذٍ إذَا بَرِئَ تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ فِي وَصِيَّتِهِ بِالْفَارِسِيَّةِ يَتَمَارَى دارد فِي ربدان مرابصين مِنْ فَقَدْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي تَرِكَتِهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ معدهم وممر يَأْمُرهُمْ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَلَوْ قَالَ الْمَرِيضُ عمر كَانَ مِنْ وَرِيدٍ مِنْ تَحَوُّلٍ بَعْدَ أَنْ مَاتَ أَوْ قَالَ مُرُورُ بدان مِنْ أَصَابِعَ فَمَاتَ قَالَ يَصِيرُ وَصِيَّةً، امْرَأَةٌ أَوْصَتْ بِأَشْيَاءَ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ حُرّ لسان مِنْ أَمَّا وَكَانَ بِهَا هندان قَالَ مِنْ هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ وَمَاذَا يُعْطِي قَالَ هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِمَنْ لَيْسَ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ أَرْبَابِهَا، وَالتَّقْدِيرُ فِي هَذَا ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute