للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ مِنْطَقَتُهُ وَلَا سَيْفُهُ، وَإِنْ قَالَ لَهُ مَتَاعُهُ دَخَلَ السَّيْفُ، وَالْمِنْطَقَةُ أَيْضًا، وَهِيَ وَصِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ لِغُلَامِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِبَيْتِ عَيْنٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ، وَقُسِمَ، وَوَقَعَ فِي حَظِّهِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِلَّا مِثْلُ ذَرْعِهِ) مَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَوْصَى أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ بِعَيْنِهِ لِرَجُلٍ فَإِنَّ الدَّارَ تُقْسَمُ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُوصِي فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ فَلِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ ذَرْعِ الْبَيْتِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ نِصْفُ الْبَيْتِ إنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُوصِي، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ كَانَ لَهُ مِثْلُ ذَرْعِ نِصْفِ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمِلْكِهِ، وَبِمِلْكِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا مُشْتَرَكَةٌ فَتَنْفُذُ فِي مِلْكِهِ، وَيَتَوَقَّفُ الْبَاقِي عَلَى إجَازَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ إذَا مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْقِسْمَةُ الَّتِي هِيَ مُبَادَلَةٌ لَا تُنْفِذُ الْوَصِيَّةَ السَّابِقَةَ كَمَا إذَا أَوْصَى بِمِلْكِ الْغَيْرِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ أَصَابَهُ بِالْقِسْمَةِ عَيْنُ الْبَيْتِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا أَوْصَى بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ كَانَ مِثْلَ نِصْفِ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا فِي الْبَدَلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَنْفِيذِهَا فِي عَيْنِ الْمُوصَى بِهِ كَالْجَارِيَةِ الْمُوصَى بِهَا إذَا قُتِلَتْ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي بَدَلِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا بِيعَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ حَيْثُ لَا تَتَعَلَّقُ الْوَصِيَّةُ بِثَمَنِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْبَيْعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي مَسَائِلِ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَلَا تَبْطُلُ بِالْقِسْمَةِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ فِيهِ بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ الْإِيصَاءَ بِمَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى الْكَمَالِ ظَاهِرًا، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمُشَاعِ قَاصِرٌ، وَقَدْ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ فِي جَمِيعِ الْبَيْتِ إذَا وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِي الْقِسْمَةِ تَابِعٌ.

وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْإِقْرَارُ تَكْمِيلًا لِلْمَنْفَعَةِ، وَلِهَذَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فِي بَحْثٍ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَالْإِقْرَارِ هُوَ الظَّاهِرُ فِي الْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ هُوَ الظَّاهِرُ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالْعُرُوضِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْعُرُوضِ فَكَيْفَ كَانَتْ الْمُبَادَلَةُ فِيهِ تَابِعَةً، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ هُوَ الظَّاهِرُ فِي الْعُرُوضِ إلَّا أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أُجْبِرَ الْقَاضِي عَلَى الْقِسْمَةِ عِنْدَ طَلَبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ فَكَانَ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِيهِ تَابِعًا كَمَا ذُكِرَ هَاهُنَا لِأَنَّ الْجَبْرَ لَا يَجْرِي فِي الْمُبَادَلَةِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَاكَ، وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ هُوَ الظَّاهِرُ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالْعُرُوضِ إذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا الْإِقْرَارُ تَكْمِيلًا وَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا وَقَعَ الْبَيْتُ كُلُّهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُبَادَلَةً لَبَطَلَتْ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُوصَى بِهِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ صَارَ كَأَنَّ الْبَيْتَ كُلَّهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُبَادَلَةً كُلُّهُ مِلْكُهُ مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ تَنْفُذُ فِي قَدْرِ ذُرْعَانِ الْبَيْتِ جَمِيعُهُ مِنْ الَّذِي وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ عَوَّضَهُ، وَمُرَادُ الْمُوصِي مِنْ ذِكْرِ الْبَيْتِ تَقْدِيرُهُ بِهِ غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ يَتَعَيَّنُ الْبَيْتُ إذَا وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِهِ جَمْعًا بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ التَّقْدِيرُ وَالتَّمْلِيكُ، وَإِذَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ عَمِلْنَا بِالتَّقْدِيرِ أَوْ نَقُولُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّقْدِيرَ عَلَى اعْتِبَارِ وُقُوعِ الْبَيْتِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَأَرَادَ التَّمْلِيكَ عَلَى اعْتِبَارِ وُقُوعِهِ فِي نَصِيبِهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ لِكَلَامِ وَاحِدٍ جِهَتَانِ بِاعْتِبَارَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ لِكَلَامِ وَاحِدٍ جِهَتَيْنِ فِيمَنْ عَلَّقَ بِأَوَّلِ وَلَدٍ تَلِدُهُ أَمَتُهُ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ وَعِتْقَ ذَلِكَ الْوَلَدِ فَيَتَقَيَّدُ فِي حَقِّ الْعِتْقِ بِالْوَلَدِ الْحَيِّ لَا فِي حَقِّ الطَّلَاقِ ثُمَّ إذَا وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ غَيْرِ الْمُوصِي.

وَالدَّارُ مِائَةُ ذِرَاعٍ، وَالْبَيْتُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ يُقْسَمُ نَصِيبُ الْمُوصِي بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةِ عَلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ تِسْعَةٌ لِلْوَرَثَةِ، وَسَهْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَيَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ الْبَيْتِ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَهُمْ بِنِصْفِ الدَّارِ إلَّا نِصْفَ الْبَيْتِ الَّذِي صَارَ لَهُ، وَهُمْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَنَصِيبُ الْبَيْتِ مِنْ الدَّارِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا فَيَجْعَلُ كُلَّ خَمْسَةٍ مِنْهَا سَهْمًا فَصَارَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ، وَعِنْدَهُمَا تُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَضْرِبُ بِجَمِيعِ الْبَيْتِ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، وَهُمْ بِنِصْفِ كُلِّهِ إلَّا الْبَيْتَ الْمُوصَى بِهِ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَيَجْعَلُ كُلَّ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ سَهْمًا فَصَارَ الْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ سَهْمُ لِلْمُوصَى لَهُ وَأَرْبَعَةٌ لَهُمْ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْإِقْرَارُ مِثْلُهَا) أَيْ الْإِقْرَارُ بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ مِثْلَ الْوَصِيَّةِ بِهِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ كُلِّهِ إنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقَرِّ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ مِثْلِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ النِّصْفِ أَوْ قَدْرِ النِّصْفِ، وَقِيلَ مُحَمَّدٌ مَعَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ، وَالْفَرْقُ لَهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ صَحِيحٌ حَتَّى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِمِلْكِ الْغَيْرِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ تَمَلَّكَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>