للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمِلْكِ الْغَيْرِ لَا تَصِحُّ حَتَّى لَوْ مُلِّكَتْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ مَاتَ لَا تَنْفُذُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ الْإِقْرَارُ بِالْوَصِيَّةِ مِنْ الْوَارِثِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهَا، وَإِقْرَارُ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ قَالَ وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِآخَرَ

كَانَ الثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ وَلَا يَضْمَنُ الْوَارِثُ لِلْمُقَرِّ لَهُ شَيْئًا إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ دَفَعَ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ قَالَ وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ أَوْصَى بِهِ لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَلَا يَضْمَنُ الْوَارِثُ شَيْئًا لِلثَّانِي إذَا هَلَكَتْ التَّرِكَةُ فِي يَدِهِ قَبْلَ الدَّفْعِ لِلْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ، وَإِنْ دَفَعَ لِلْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ صَارَ ضَامِنًا لِلثَّانِي ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ الْوَدِيعَةِ قَالَ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ لِفُلَانٍ، وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلثَّانِي قِيمَةَ الْعَبْدِ فِي الْحَالَيْنِ، وَمِنْهَا لَوْ دَفَعَ الْوَارِثُ الثُّلُثَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِلثَّانِي عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ لِلثَّانِي مُنْفَصِلًا عَنْ الْأَوَّلِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَّصِلًا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَنَظِيرُ هَذَا الْإِقْرَارُ الْوَدِيعَةِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ، وَفُلَانٍ أَوْ قَالَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ آخَرَ مُتَّصِلًا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ وَدِيعَةٌ عِنْدِي لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَإِنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ لِلْأَوَّلِ فَكَذَا هَذَا قَالَ وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِوَصِيَّةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ أَقَرَّ ذَلِكَ بَعْدُ بِالثُّلُثِ لِآخَرَ ثُمَّ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْأَلْفَ إلَى الْأَوَّلِ.

وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِالثُّلُثِ لِآخَرَ ثُمَّ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْأَلْفَ إلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ إذَا أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِلثَّانِي فَإِنَّ الثُّلُثَ كُلَّهُ يُدْفَعُ لِلْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ لِلثَّانِي فِيهِ شَيْءٌ كَذَلِكَ هَذَا الْجَوَابُ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِوَصِيَّةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا.

وَالْجَوَابُ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ بِعَيْنِهَا لِأَنَّ الْوَصَايَا تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ فَصَارَ الثُّلُثُ كُلُّهُ مُسْتَحَقًّا لِلْأَوَّلِ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ الْجَوَابُ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ وَارِثَيْنِ، وَأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَأَقَرَّ الْحَاضِرُ لِرَجُلٍ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثٍ أَخَذَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْحَاضِرِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَقَرَّ الْحَاضِرُ بِدَيْنٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِوَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا، وَذَلِكَ فِي نَصِيبِهِ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ الْمُقِرِّ، وَإِنْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ مَجْهُولَةٍ يَسْتَوْفِي الْكُلَّ مِنْ نَصِيبِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِشَرِكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ صَحَّ فِي نَصِيبِهِ، وَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ وَلَا يَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْجَاحِدِ شَيْئًا لِأَنَّ إقْرَارَ كُلِّ مُقِرٍّ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا قَالُوا فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ بِنْتَيْنِ، وَأَقَرَّتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ بِأَخٍ مَجْهُولٍ، وَكَذَبَتْهَا الْبِنْتُ الْأُخْرَى فَإِنَّ الْأَخَ الْمُقَرَّ لَهُ يَأْخُذُ مِنْ نَصِيبِ الْبِنْتِ الْمُقِرَّةِ، وَفِي الْكَافِي ابْنَانِ اقْتَسَمَا تَرِكَةَ الْأَبِ أَلْفًا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِرَجُلٍ أَنَّ الْأَبَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ فَالْمُقِرُّ يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا.

وَقَالَ زُفَرُ يُعْطِيهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ قِيَاسًا، وَلَوْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً، وَالتَّرِكَةُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَاقْتَسَمُوهَا فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَصَدَّقَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ عِنْدَ زُفَرَ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ، وَعِنْدَنَا يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِأَلْفِ عَيْنٍ مِنْ مَالٍ آخَرَ فَأَجَازَ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَدَفَعَهُ صَحَّ، وَلَهُ الْمَنْعُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ) أَيْ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَدَفَعَ إلَيْهِ جَازَ، وَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَالِ الْغَيْرِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ صَاحِبِهِ فَإِنْ أَجَازَ كَانَ مِنْهُ هَذَا ابْتِدَاءَ تَبَرُّعٍ فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ لِلْقَاتِلِ أَوْ لِلْوَارِثِ فَأَجَازَتْهَا الْوَرَثَةُ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا مِنْ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي نَفْسِهَا صَحِيحَةٌ لِمُصَادَفَتِهَا مِلْكَهُ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَجَازُوهَا سَقَطَ حَقُّهُمْ فَتَنْفُذُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ إقْرَارُ أَحَدِ الِابْنَيْنِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِوَصِيَّةِ أَبِيهِ فِي ثُلُثِ نَصِيبِهِ) مَعْنَاهُ إذَا قَسَمَ الِابْنَانِ تَرِكَةَ أَبِيهِمَا، وَهِيَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا ثُمَّ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِرَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّ الْمُقِرَّ يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ يُعْطِيهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ.

وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالثُّلُثِ لَهُ تَضَمَّنَ إقْرَارَهُ بِمُسَاوَاتِهِ إيَّاهُ، وَالتَّسْوِيَةُ فِي إعْطَاءِ النِّصْفِ لِيَبْقَى لَهُ النِّصْفُ فَصَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>