مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِكُهُولِ أَهْلِ بَيْتِهِ فَهُوَ لِأَبْنَاءِ الثَّلَاثِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ، وَالشَّابِّ إذَا احْتَلَمَ إلَى ثَلَاثِينَ، وَالشَّيْخِ مَنْ كَانَ شَيْبُهُ أَكْثَرَ فَهُوَ شَيْخٌ وَإِنْ كَانَ السَّوَادُ أَكْثَرَ فَهُوَ لَيْسَ بِشَيْخٍ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْكَهْلَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً إلَى خَمْسِينَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا بَلَغَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً صَارَ كَهْلًا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا بَلَغَ الثَّلَاثِينَ وَخَالَطَهُ الشَّيْبُ فَهُوَ كَهْلٌ وَإِنْ لَمْ يُخَالِطْهُ فَهُوَ شَابٌّ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الِاعْتِبَارُ بِالسِّنِّ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ مُرَاعَاةً فِي حَقِّ الْكُلِّ عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ، وَفِي بَعْضِهَا اُعْتُبِرَ مِنْ حَيْثُ الْأَمَارَةُ، وَالْعَلَامَةُ فَإِنَّ النَّاسَ يَتَعَارَفُونَ ذَلِكَ وَأَطْلَقُوا الِاسْمَ عِنْدَ وُجُودِ الْعَلَامَةِ وَهُوَ الشَّمْطُ، وَالشَّيْبُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَصْهَارُهُ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ أَعْتَقَ كُلَّ مَنْ مَلَكَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا إكْرَامًا لَهَا وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَهَذَا التَّفْسِيرُ اخْتِيَارُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْأَصْهَارُ أَهْلُ بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمُحَرَّمِ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: ٥٤] النَّسَبُ مَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهُ، وَالصِّهْرُ الَّذِي يَحِلُّ نِكَاحُهُ كَبَنَاتِ الْعَمِّ، وَالْخَالِ وَأَشْبَاهِهِنَّ مِنْ الْقَرَابَةِ الَّتِي يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ حَرَّمَ اللَّهُ مِنْ النَّسَبِ سَبْعًا وَمِنْ الصِّهْرِ سَبْعًا {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: ٢٣] وَمِنْ الصِّهْرِ سَبْعًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: ٢٣] إلَى قَوْلِهِ {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣] .
قَالَ فِي الْمُغْرِبِ عَقِيبَ ذِكْرِهِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لَا ارْتِيَابَ فِيهِ هَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحْرِمٍ مِنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَزَوْجَةِ ابْنِهِ وَزَوْجَةِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحْرِمٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ أَصْهَارٌ وَشَرْطُهُ أَنْ يَمُوتَ وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ أَوْ مُعْتَدَّتُهُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا مِنْ بَائِنٍ سَوَاءٌ وَرِثَتْ بِأَنْ أَبَانَهَا فِي الْمَرَضِ أَوْ لَمْ تَرِثْ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يَقْطَعُ النِّكَاحَ، وَالْبَائِنَ يَقْطَعُهُ، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: الْأَصْهَارُ فِي عُرْفِهِمْ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحْرِمٍ مِنْ نِسَائِهِ الَّذِي يَمُوتُ هُوَ وَهُنَّ نِسَاؤُهُ أَوْ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ، وَفِي عُرْفِنَا أَبُو الْمَرْأَةِ وَأُمُّهَا وَلَا يُسَمَّى غَيْرُهُمَا صِهْرًا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَخْتَانُهُ زَوْجُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) كَأَزْوَاجِ الْبَنَاتِ، وَالْعَمَّاتِ، وَالْخَالَاتِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى خَتَنًا وَكُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحْرِمٍ مِنْهُ مُحْرِمٌ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ يُسَمَّوْنَ أَخْتَانًا وَقِيلَ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ، وَفِي عُرْفِنَا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا أَزْوَاجَ الْمَحَارِمِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ، وَالْعَبْدُ قَالَ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَخْتَانِهِ أَوْ لِأَخْتَانِ فُلَانٍ فَاعْلَمْ أَنَّ الْأَخْتَانَ أَزْوَاجُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرِّمٍ مِنْهُ كَأَزْوَاجِ الْبَنَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ، وَالْعَمَّاتِ، وَالْخَالَاتِ وَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مُحَرِّمٍ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَهُمَا أَخْتَانٌ.
كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ قَالَ مَشَايِخُنَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَمَّا فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ اسْمُ الْخَتَنِ يُطْلَقُ عَلَى زَوْجِ الْبِنْتِ وَزَوْجِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرِّمٍ مِنْهُ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى ذِي رَحِمٍ مُحَرِّمٍ مِنْهُ مِنْ أَزْوَاجِ هَؤُلَاءِ، وَالْعِبْرَةُ لِلْعُرْفِ، وَفِي الْكَافِي: وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، وَالْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ، وَاللَّفْظُ يَشْمَلُ الْكُلَّ قَالَ: وَلَا يَكُونُ الْأَخْتَانُ مِنْ قِبَلِ أَبِي الْمُوصِي يُرِيدُ بِهِ أَنَّ امْرَأَةَ الْمُوصِي إذَا كَانَتْ لَهَا بِنْتٌ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ وَلَهَا زَوْجٌ فَزَوْجُ ابْنَتِهَا لَا يَكُونُ خَتَنًا لِلْمُوصِي فَلَوْ أَوْصَى لِأَصْهَارِهِ مِنْ نِسَاءِ الْمُوصِي فَهِيَ صِهْرُهُ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ وَتَقَدَّمَ غَيْرُهُ، وَالْأَخْذُ بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْعُرْفِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَنْ كَانَ صِهْرًا لِلْوَصِيِّ يَوْمَ مَوْتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةَ الْمَوْتِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الصِّهْرُ مَنْكُوحَةً لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ مُعْتَدَّةً عَنْهُ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَمَّا إذَا كَانَتْ بَائِنَةً بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ فَلَا وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَخْتَانِ إنَّمَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ مَنْ كَانَ خَتَنًا لِلْمُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِقِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَ مَحَارِمِهِ وَأَزْوَاجِهِنَّ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَيَسْتَوِي أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ أَمَةً أَوْ حُرَّةً عَلَى دِينِهِ أَوْ غَيْرِ دِينِهِ كَمَا فِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ: أَوْصَيْت لِزَوْجَةِ ابْنِي بِكَذَا فَهُوَ عَلَى زَوْجِهَا يَوْمَ مَاتَ الْمُوصِي، وَلَوْ قَالَ لِأَزْوَاجِ ابْنَتِي وَلِابْنَتِهِ أَزْوَاجٌ قَدْ طَلَّقُوا، وَزَوْجٌ حَالَ الْمَوْتِ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَالْوَصِيَّةُ لِلْكُلِّ وَلَوْ أَوْصَى لِامْرَأَةِ ابْنِهِ فَهَذَا عَلَى امْرَأَةِ ابْنِهِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِنَّمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ حَتَّى لَوْ كَانَ لِابْنِهِ امْرَأَةٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَالْخِيَارُ إلَى الْوَرَثَةِ يُعْطُونَ أَيَّتَهمَا شَاءُوا وَيُجْبَرُونَ عَلَى أَنْ يُبَيِّنُوا فِي أَحَدِهِمَا.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَأَهْلُهُ زَوْجَتُهُ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَالَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَتَنَاوَلُ كُلُّ مَنْ يَعُولُهُمْ وَتَضُمُّهُمْ نَفَقَتُهُ غَيْرَ مَمَالِيكِهِ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَهُوَ مُؤَيَّدٌ بِالنَّصِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute