وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا وَأَوْلَادُ فُلَانٍ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: الْوَصِيَّةُ لِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلذُّكُورِ، وَالْإِنَاثِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ، وَقَدْ رَوَى أَبُو يُوسُفَ بْنُ خَالِدٍ السَّمْنِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ حَكَى الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْآخَرُ وَمَا يَرْوِيهِ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْنِيُّ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ وَكَانَ يَجْعَلُ لِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلًا كَانَ أَوَّلًا وَآخِرًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَيَقُولُ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ قِيَاسٌ وَقَوْلُهُ الْآخَرُ اسْتِحْسَانٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ أَوْلَادٌ صُلْبِيَّةٌ وَكَانَ لَهُ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ هَلْ يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ يَدْخُلُونَ كُلُّهُمْ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادُ بَنَاتٍ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا كُلُّهُمْ أَوْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا لَا غَيْرَ وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إنَاثًا كُلُّهُنَّ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُنَّ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ أَنْشَدَ
بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ
هَذَا إذَا أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ فَأَمَّا إذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ بَنَاتٌ لَا غَيْرَ دَخَلْنَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ بَنَاتٌ لَا شَيْءَ لَهُنَّ فَإِنْ كَانَ لِفُلَانٍ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَيَكُونُ ثُلُثُ مَالِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لَا يَفْضُلُ الذُّكُورُ عَلَى الْإِنَاثِ قَالَ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ حَامِلٌ دَخَلَ مَا فِي بَطْنِهَا فِي الْوَصِيَّةِ أَيْضًا وَلَا تَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ تَحْتَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ كَوَلَدِ فُلَانٍ وَوَلَدِ فُلَانٍ وَوَلَدُ فُلَانٍ فِي الْحَقِيقَةِ مَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ وَلِلَّذِي يُولَدُ مِنْهُ ابْنُهُ وَابْنَتُهُ لِصُلْبِهِ فَأَمَّا وَلَدُ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتُهُ يُولَدُ مِنْ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ وَلَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ حَقِيقَةُ هَذَا الِاسْمِ لِوَلَدِ الصُّلْبِ فَمَا دَامَ لِفُلَانٍ وَلَدُ صُلْبِهِ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ ابْنِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا فَإِذَا كَانَ هُوَ أَبَا فَخِذٍ فَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ حَالَ قِيَامِ وَلَدِ الصُّلْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ إلَّا وَلَدًا وَاحِدًا كَانَ الثُّلُثُ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ.
وَإِذَا أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ أَوْلَادٌ لِصُلْبِهِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي دُخُولِ بَنِي الْبَنَاتِ أَمَّا بَنَاتُ الْبَنَاتِ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ رِوَايَةً وَاحِدَةً.
وَلَوْ أَوْصَى لِأَوْلَادِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَلَوِيَّةُ، وَالشِّيعِيَّةُ، وَالْفُقَهَاءُ، وَالْعُلَمَاءُ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَسُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى لِأَوْلَادِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ أَنَّ أَبَا نَصْرِ بْنَ يَحْيَى كَانَ يَقُولُ الْوَصِيَّةُ لِأَوْلَادِ الْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ وَلَا تَكُونُ لِغَيْرِهِمَا فَأَمَّا الْعُمَرِيَّةُ فَهَلْ يَدْخُلُونَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ قَالَ يَنْظُرُ كُلُّ مَنْ كَانَ يُنْسَبُ إلَى الْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ وَلَا يَكُونُ لِغَيْرِهِمَا فَأَمَّا الْعُمَرِيَّةُ فَهَلْ يَدْخُلُونَ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَيَتَّصِلُ بِمَا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - زَوْجَ ابْنَتَيْهِ مِنْ وَلَدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَإِذَا أَوْصَى لِلْعَلَوِيَّةِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَلَيْسَ فِي هَذَا الِاسْمِ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْفَقْرِ أَوْ ذِي الْحَاجَةِ وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَاء الْعَلَوِيَّةِ يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا الْوَصِيَّةُ لِلْفُقَهَاءِ لَا تَجُوزُ وَلَوْ أَوْصَى لِفُقَرَائِهِمْ يَجُوزُ وَقَدْ يُحْكَى عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَلِّمِي الصِّبْيَانِ فِي الْمَسَاجِدِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عَامَّتَهُمْ فُقَرَاءُ، وَالْفَقْرُ فِيهِمْ هُوَ الْغَالِبُ فَصَارَ حُكْمُ غَلَبَةِ الْفَقْرِ كَالْمَشْرُوطِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: كَانَ الْإِمَامُ الْقَاضِي يَقُولُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا أَوْصَى لِطَلَبَةِ عِلْمِ كُورَةِ كَذَا أَوْ لِطَلَبَةِ عِلْمِ كَذَا يَجُوزُ وَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيَّ وَاحِدًا مِنْ فُقَرَاءِ الطَّلَبَةِ أَوْ مِنْ فُقَرَاءِ الْعَلَوِيَّةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا صَرَفَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمْ.
وَإِذَا أَوْصَى لِلشِّيعَةِ وَمُحِبِّيهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: اعْلَمْ بِأَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ شِيعَةٌ وَمُحِبٌّ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا مَا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الْوَهْمُ مِنْ أَنَّهُمْ الَّذِينَ يُعْرَفُونَ بِالْمَيْلِ إلَيْهِمْ وَصَارُوا مَوْسُومِينَ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ فَقَدْ قِيلَ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ قِيَاسًا إذَا كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ وَإِذَا أَوْصَى لِفُقَرَاء الْفُقَهَاءِ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ الْفَقِيهُ عِنْدَنَا مَنْ بَلَغَ مِنْ الْفِقْهِ الْغَايَةَ وَلَيْسَ الْمُتَّفِقَةُ بِفَقِيهٍ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِنَصِيبٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِنَا أَحَدٌ يُسَمَّى فَقِيهًا غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ شَيْخِنَا، وَقَدْ أَهْدَى أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ مَالًا كَثِيرًا لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ حِينَ نَادَوْهُ فِي مَجْلِسٍ أَيُّهَا الْفَقِيهُ.
وَإِذَا أَوْصَى لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلْدَةِ كَذَا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَهْلُ الْفِقْهِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ يَتَعَلَّمُ الْحِكْمَةَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَدْخُلُ مَنْ يَتَعَلَّمُ الْحِكْمَةَ مِثْلَ كَلَامِ الْفَلْسَفَةِ وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يُسَمَّوْنَ الْمُتَفَلْسِفَةَ لَا طَلَبَةَ عِلْمٍ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُونَ فَلَا ذِكْرَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا فِي الْكُتُبِ.
وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ إنَّ كُتُبَ