للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَامِ لَيْسَتْ كُتُبَ عِلْمٍ يَعْنِي فِي الْعُرْفِ وَلَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ كُتُبِ الْعِلْمِ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ الْمُتَكَلِّمُونَ وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَدْرَسَةٍ مَنْسُوبَةٍ فِي كُورَةِ كَذَا فَالْمُتَعَلِّمُ لِلْفِقْهِ إذَا لَمْ يَكُونُوا مِنْ جُمْلَةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَتَنَاوَلُ شَفْعَوِيُّ الْمَذْهَبِ، وَيَتَنَاوَلُ مَنْ يَقْرَأُ الْأَحَادِيثَ وَيَسْمَعُ، وَيَكُونُ فِي طَلَبِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ أَوْ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَنْ كَانَ شَفْعَوِيَّ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ الْأَحَادِيثَ وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يَكُونُ فِي طَلَبِ ذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ أَصْحَابِ الْأَحَادِيثِ، قَالَ فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ فَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّا عَجَزْنَا عَنْ تَنْفِيذِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنْهُ تَنْفِيذُهَا لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ فَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِوَاحِدٍ مِنْ عَرْضِ النَّاسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ وَقَعَتْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْفُقَرَاءُ مَصَارِفُ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ وَجَازَ صَرْفُهَا إلَى الْوَاحِدِ مِنْهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مَعْلُومٌ فَوَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِبَنِي فُلَانٍ؛ لِأَنَّهَا تَنَاوَلَتْ الْأَغْنِيَاءَ كَمَا تَنَاوَلَتْ الْفُقَرَاءَ فَيَقَعُ لِلْغَنِيِّ لَا لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى تَرْتَدَّ بِرَدِّهِ، وَلَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ فَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ لِلَّهِ تَعَالَى.

وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ لِلْعِبَادِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ تَنْفِيذُهَا ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا إنْ كَانَ فُلَانٌ أَبَا قَبِيلَةٍ أَوْ فُلَانٌ أَبٌ أَوْ جَدٌّ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ أَبَا قَبِيلَةٍ وَهُمْ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ إذَا اخْتَلَطْنَ بِالرِّجَالِ يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] وَقَدْ تَنَاوَلَ ذَلِكَ الرِّجَالَ، وَالنِّسَاءَ جَمِيعًا وقَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَقَدْ تَنَاوَلَ الذُّكُورَ، وَالْإِنَاثَ فَإِنْ كُنَّ إنَاثًا خُلَّصًا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكِتَابِ وَقَالُوا عَلَى قِيَاسِ تَعْلِيلِ مُحَمَّدٍ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَكُونُ الثُّلُثُ لَهُنَّ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ، وَقَالَ يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَنِي فُلَانٍ إذَا كَانَ فُلَانٌ أَبًا أَوْ جَدًّا وَلَهُ أَوْلَادٌ بَنَاتٌ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَبَنَاتٍ فَالثُّلُثُ لِلذُّكُورِ خَاصَّةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لِلذُّكُورِ، وَالْإِنَاثِ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: يَدْخُلُ الْإِنَاثُ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِنَاثَ مَتَى اخْتَلَطَتْ بِالذُّكُورِ يَتْبَعْنَ الذُّكُورَ وَيَغْلِبُ الذُّكُورُ عَلَى الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يُقَالُ بَنُو آدَمَ وَبَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو تَمِيمٍ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ، وَالْإِنَاثَ وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لِإِخْوَةِ فُلَانٍ دَخَلَ الْإِخْوَةُ، وَالْأَخَوَاتُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْآيَةِ لَهُمَا أَنَّ حَقِيقَةَ هَذَا اللَّفْظِ يُطْلَقُ عَلَى الذُّكُورِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الذُّكُورِ، وَالْإِنَاثِ حَالَةَ الِاخْتِلَاطِ مَجَازًا، وَالْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ مَعَ أَنَّ فِي اسْتِعْمَالِ هَذَا الْمَجَازِ اشْتِرَاكًا؛ لِأَنَّ فُلَانًا إذَا كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا.

فَكَمَا يُذْكَرُ اسْمُ الْأَبِ وَيُرَادُ بِهِ الذُّكُورُ، وَالْإِنَاثُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الذُّكُورُ خَاصَّةً دُونَ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَخْلُو أَوْلَادُهُ عَنْ الْإِنَاثِ وَإِطْلَاقُ هَذَا الِاسْمِ عَلَى الذُّكُورِ خَاصَّةً حَقِيقَةً مُسْتَعْمَلَةً وَعَلَى الْإِنَاثِ خَاصَّةً مَجَازٌ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فَحَالَةُ الِاخْتِلَاطِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي دُخُولِ الْإِنَاثِ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ فَلَا يَدْخُلُ بِالشَّكِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِبَنِي تَمِيمٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَيْسَ هُوَ الْأَعْيَانُ، وَالْأَشْخَاصُ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مُجَرَّدَ الْأَسْبَابِ، وَالْوَصِيَّةُ لِلْإِخْوَةِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ تَكُونُ وَصِيَّةً لِلْإِخْوَةِ دُونَ الْأَخَوَاتِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ اسْمَ الْإِخْوَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْأَخَوَاتِ بِحَقِيقَتِهِ بَلْ بِمَجَازِهِ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١٧٦] فَقَدْ فَسَّرَ الْإِخْوَةَ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ وَلَوْ تَنَاوَلَ اسْمَ الْإِخْوَةِ الْأَخَوَاتِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَلَوْ وُجِدَ فِي الْوَصِيَّةِ مِثْلُ هَذَا التَّفْسِيرِ بِأَنْ قَالَ بِإِخْوَةِ فُلَانٍ رِجَالًا وَنِسَاءً دَخَلَتْ الْأَخَوَاتُ فِيهَا وَلَيْسَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانُوا مَعَ وَلَدِ الصُّلْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ وَلَدُ صُلْبٍ فَالْوَصِيَّةُ لِابْنِ ابْنِهِ دُونَ بَنَاتِ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الِابْنِ يُسَمَّى وَلَدًا إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ فِي الْإِضَافَةِ، وَالِانْتِسَابِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُضَافُ إلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ، وَالنَّاقِصُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ اسْمِ الْمُضَافِ كَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ فَإِنْ تَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ حُمِلَ عَلَى الْمَجَازِ تَجَرِّيًا لِلْجَوَازِ وَلِأَنَّ ابْنَ الِابْنِ قَائِمٌ مَقَامَ ابْنِ الصُّلْبِ حَالَ عَدَمِ الصُّلْبِ فِي الْمِيرَاثِ حَجْبًا وَاسْتِحْقَاقًا وَسَقَطَ اعْتِبَارُ نُقْصَانِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ شَرْعًا.

فَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ الْمِيرَاثِ وَلَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ بِالثُّلُثِ وَلَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ بَنُونَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فَهُوَ لِبَنِيهِ الَّذِينَ حَدَثُوا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مِنْ الْمُوصِي لِلْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الْمُوصَى لَهُ وَقْتَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلِهَذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>