للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ لِفُلَانٍ بَنُونَ أَرْبَعَةٌ وَوُلِدَ لَهُ آخَرَانِ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَالثُّلُثُ لِلْبَاقِينَ وَلِلْمَوْلُودَيْنِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَى بَنِي فُلَانٍ مُطْلَقًا وَلَمْ يُسَمِّ تَقَعُ الْوَصِيَّةُ لِبَنِيهِ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا لِبَنِيهِ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٍ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ الْمِلْكُ وَقْتَ الْمَوْتِ.

حَتَّى لَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِالثُّلُثِ لِبَنِي فُلَانٍ هَؤُلَاءِ وَسَمَّاهُمْ تَقَعُ لِبَنِيهِ الْمَوْجُودِينَ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ حَتَّى تَبْطُلَ بِمَوْتِهِمْ وَلَا يَكُونُ لِبَنِيهِ الْمَوْجُودِينَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ قَالَ: لِوَلَدِ فُلَانٍ دَخَلَ الذُّكُورُ، وَالْإِنَاثُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ حَقِيقَةً وَكَذَلِكَ الْجَنِينُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْجَنِينِ بِشَرْطِ أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا وَتَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ بِالشَّرْطِ، وَالْإِحْصَارِ جَائِزَةٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَعْدُومِ لِلْمَعْدُومِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَنَاتٌ وَبَنُو ابْنٍ فَالْوَصِيَّةُ لِلْبَنَاتِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُهُ الْبَنَاتُ الصُّلْبِيَّةُ حَقِيقَةً وَوَلَدُ الِابْنِ مَجَازًا؛ لِأَنَّ الِاسْمَ مُشْتَقٌّ مِنْ التَّوْلِيدِ، وَالتَّفَرُّعِ.

وَالْبِنْتُ الصُّلْبِيَّةُ مُتَوَلِّدَةٌ عَنْهُ حَقِيقَةً وَوَلَدُ الِابْنِ مُتَوَلِّدٌ بِوَاسِطَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدُ صُلْبٍ فَالْوَصِيَّةُ لِوَلَدِ الِابْنِ الذُّكُورِ، وَالْإِنَاثِ سَوَاءٌ كَانَ وَلَدُ الِابْنِ مُضَافًا أَوْ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْأَبِ، وَفِي الْإِضَافَةِ إلَيْهِ نَوْعُ قُصُورٍ فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ الِاسْمُ إلَى الْوَلَدِ الصُّلْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ وَعِنْدَ عَدَمِهِ يُحْمَلُ عَلَى وَلَدِ الِابْنِ مَجَازًا وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إلَيْهِ وَمُضَافٌ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ عَلَى مَا مَرَّ بِشَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ فَكُلُّ الثُّلُثِ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ فَصَاعِدًا.

وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِأَكَابِرِ وَلَدِ فُلَانٍ وَلَهُ أَوْلَادٌ بَعْضُهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِينَ وَبَعْضُهُمْ أَبْنَاءُ سِتِّينَ وَبَعْضُهُمْ أَبْنَاءُ أَرْبَعِينَ فَالْوَصِيَّةُ لِأَبْنَاءِ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ أَوْ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ فَكَذَلِكَ السَّيِّدُ إذَا قَالَ: أَكَابِرُ رَقِيقِي أَحْرَارٌ وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي بَيْنَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ وَلِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُ بَنِينَ وَلِلْآخَرِ وَاحِدٌ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ ابْنٌ رُدَّ نِصْفُ الثُّلُثِ إلَى الْوَرَثَةِ، وَلَوْ قَالَ بَيْنَ أَعْمَامِي وَأَخْوَالِي وَلَهُ عَمٌّ وَخَالٌ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَالْمِيرَاثِ اثْنَانِ لِمَا بَيَّنَّا وَإِنْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ أَوْ عَمَّانِ وَلَيْسَ لَهُ خَالٌ رُدَّ نِصْفُ الثُّلُثِ لِلْوَرَثَةِ.

وَلَوْ قَالَ لِإِخْوَانِي وَلَهُ أَخٌ وَاحِدٌ وَهُوَ يَعْلَمُ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَلَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ.

وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِبَنِيهِ وَلِلْمَسَاكِينِ فَإِذَا لِفُلَانٍ ابْنٌ وَاحِدٌ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا لِفُلَانٍ سَهْمٌ وَلِابْنِهِ سَهْمٌ وَلِلْمَسَاكِينِ سَهْمٌ وَيَرْجِعُ سَهْمٌ إلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لِبَنِي فُلَانٍ، وَالِابْنُ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ بَنِينَ وَيَكُونُ الِابْنَانِ بَنِي فُلَانٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْجَمْعِ يُطْلَقُ عَلَى الِابْنَيْنِ.

وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِآلِ فُلَانٍ أَوْ لِأَهْلِ بَيْتِ فُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ بَيْتٌ وَلَا قَرَابَةٌ فَإِنَّهُ يُعْطِي الرَّجُلَ الَّذِي سَمَّاهُ وَعِيَالَهُ الَّذِي يَعُولُهُ مِنْ وَلَدِهِ وَتَدْخُلُ امْرَأَتُهُ فِيهِمْ الْفَتَاوَى رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِبَنِي فُلَانٍ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنْ كَانَ أَبُوهُمْ حَيًّا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بَطَلَ ثُلُثُ الْوَصِيَّةِ فَالثُّلُثَانِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ؛ لِأَنَّ أَبَاهُمْ لَوْ مَاتَ لَا يَبْقَى لَهُ وَلَدٌ سِوَاهُمَا فَانْصَرَفَتْ الْوَصِيَّةُ إلَى عَدَدِهِمَا فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ فَلَمَّا مَاتَ أَحَدُهُمْ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ.

وَإِذَا أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِقَرَابَةِ بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ دَخَلَ مَوَالِيهِمْ وَمَوَالِي مَوَالِيهِمْ وَمَوَالِي الْمُوَالَاةِ وَحُلَفَاؤُهُمْ يُقَسِّمُهُ بَيْنَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرِيقٍ مِنْ هَؤُلَاءِ يُنْسَبُونَ إلَى فُلَانٍ بِالْبُنُوَّةِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَحَلِيفَ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» ، وَالْحَلِيفُ مَنْ وَالَى قَوْمًا وَيَحْلِفُونَ لَهُ عَلَى الْمُوَالَاةِ، وَالْقَرِيبُ مَنْ يَصِيرُ بِغَيْرِ حِلْفٍ وَإِنْ أَعْطَى الْكُلَّ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُعْطِيهِ ابْنَيْنِ فَصَاعِدًا لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ أَبًا خَاصًّا وَلَيْسَ بِأَبِي قَبِيلَةٍ وَلَا جَدٍّ فَالثُّلُثُ لِبَنِيهِ لِصُلْبِهِ وَلَمْ تَدْخُلْ الْمَوَالِي، وَالْحَلِيفُ فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَوَالِيَهُمْ أَبْعَدُ إلَى فُلَانٍ مِنْ بَنِي بَنِيهِ وَبَنُو بَنِيهِ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ فَالْمَوَالِي أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْقَبِيلَةُ مُضَافَةً إلَيْهِ.

وَلَوْ أَوْصَى لِيَتَامَى أَوْ أَرَامِلِ بَنِي فُلَانٍ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ يُحْصَوْنَ أَوْ لَا قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَالْيَتِيمُ كُلُّ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَرْبَابِ اللُّغَةِ وَهَكَذَا قَالَ الْخَلِيلُ وَلِهَذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يُتْمَ بَعْدَ الْحُلُمِ» ثُمَّ الْيَتِيمُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْيُتْمِ وَهُوَ الِانْفِرَادُ، وَالْمُبَايَنَةُ عَنْ الشَّيْءِ كَمَا يُقَالُ هَذِهِ الدُّرَّةُ يَتِيمَةٌ لِانْفِرَادِهَا عَنْ أَشْكَالِهَا وَنَظَائِرِهَا وَتُسَمَّى الْمَرْأَةُ يَتِيمَةً مَجَازًا لِانْفِرَادِهَا عَنْ قُوَّةِ الْقَلْبِ إلَّا أَنَّهُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِمَنْ انْفَرَدَ عَنْ أَبِيهِ فِي حَالِ صِغَرِهِ، وَالْأَرْمَلَةُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ فَارَقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ حُجَّةٌ وَهَكَذَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>