للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِإِجَارَةٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ إجَارَةٌ وَشَرِكَةٌ حَتَّى إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا لَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ شَيْءٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِاسْمِ الْغَلَّةِ تَنْصَرِفُ إلَى الْإِجَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَمْ تَنْصَرِفْ إلَى الْمُزَارَعَةِ.

وَإِذَا أَوْصَى أَنْ تُؤَاجَرَ أَرْضِهِ مُنْذُ سِنِينَ مُسَمَّاةً كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا وَهِيَ جَمِيعُ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى أُجْرَتِهَا فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَجْرَ مِثْلِهَا وَجَبَ تَنْفِيذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ تَنْفُذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ يُقَالُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْإِجَارَةِ إنْ أَرَدْت أَنْ نُؤَجِّرَ مِنْك هَذِهِ الْأَرْضَ فَبَلَغَ الْأَجْرُ إلَى تَمَامِ الثُّلُثَيْنِ.

فَإِنْ بَلَغَ تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ لَا تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ مِنْهُ وَكَانَ الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَوْصَى أَنْ تُبَاعَ أَرْضُهُ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَذَلِكَ جَمِيعُ مَالِهِ هُنَاكَ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى مِثْلَ قِيمَةِ الْأَرْضِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ تُبَاعُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَإِنْ كَانَ الْمُحَابَاةُ بِحَيْثُ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ يُقَالُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْبَيْعِ إنْ أَرَدْت أَنْ تُبَاعَ مِنْك هَذِهِ الْأَرْضُ فَبَلَغَ الثَّمَنُ إلَى تَمَامِ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ فَإِنْ بَلَغَ تُبَاعُ الْأَرْضُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ الْأَرْضُ مِنْهُ فَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ، وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ كَالْجَوَابِ فِي الْبَيْعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ الْجَوَابِ صَحِيحٌ فِي الْإِجَارَةِ وَإِذَا أَوْصَى وَلَيْسَ لَهُ بُسْتَانٌ ثُمَّ اشْتَرَى بُسْتَانًا ثُمَّ مَاتَ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ مِنْ الثُّلُثِ.

وَإِذَا أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَمْ يَقُلْ يَوْمَ الْمَوْتِ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَتَعَلَّقَ بِهَا حَتَّى إذَا هَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ غَنَمٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً وَلَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لَك بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِي يَوْمَ الْمَوْتِ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ غَنَمٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَأَغَلَّ الْبُسْتَانَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ تِلْكَ الْغَلَّةِ شَيْءٌ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ مَا يَكُونُ فِي الْبُسْتَانِ يَوْمَ مَاتَ الْمُوصِي وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَى أَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ فَأَمَّا مَا يُوجَدُ مِنْ غَلَّةِ الْبُسْتَانِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.

وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ اشْتَرَى الْبُسْتَانَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَتَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَبِعْهُ الْوَرَثَةُ وَلَكِنَّهُمْ تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ دَفَعُوهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْغَلَّةَ وَيَبْرَأَ مِنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ عَنْ سُكْنَى الدَّارِ وَخِدْمَةِ الْعَبْدِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بَيْعُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الصُّلْحِ عَنْ مَسْأَلَةِ النَّخِيلِ، وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ فِيهَا الْقِيَاسَ، وَالِاسْتِحْسَانَ وَصُورَةُ مَا ذُكِرَ عَنْهُ: " إذَا أَوْصَى بِغَلَّةِ نَخْلَةٍ ثَلَاثَ سِنِينَ وَصَالَحَ عَنْهَا وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ مِنْهُمْ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ هَذَا صَالَحَ عَنْ مَجْهُولٍ لَا يَدْرِي أَيَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ لَكِنْ اُسْتُحْسِنَ وَأُجِيزَ هَذَا الصُّلْحُ.

وَإِذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِغَلَّةِ دَارِهِ أَوْ بِغَلَّةِ عَبْدِهِ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْغَلَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى جَائِزَةٌ كَالْمَنْفَعَةِ وَإِذَا أَوْصَى بِظَهْرِ دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ جَازَتْ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فَأَمَّا إذَا أَوْصَى بِظَهْرِ دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْخِلَافِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ أَوْصَى بِغَلَّةِ كَرْمِهِ لِإِنْسَانٍ قَالَ يَدْخُلُ فِيهِ الْقَوَائِمُ، وَالْأَوْرَاقُ، وَالْحَطَبُ، وَالثَّمَرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْكَرْمَ مُعَامَلَةً فَكُلُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا كَذَا هَذَا.

وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا أَوْصَى بِثَمَرِ كَرْمِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ لِلْمَسَاكِينِ فَمَاتَ وَلَمْ يَحْمِلْ كَرْمُهُ ثَلَاثَ سِنِينَ شَيْئًا قَالَ نُصَيْرٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَفِي النَّوَازِلِ: وَلَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةً يُوقَفُ ذَلِكَ الْكَرْمُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ بِتَصَدُّقِ بِغَلَّتِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ قَالَ الْفَقِيهُ: قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةً مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ غَائِبٌ فَمَتَى رَجَعَ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَخْدُمُهُ سَنَةً فَلَوْ قَالَ يَخْدُمُهُ هَذِهِ السَّنَةَ فَقَدِمَ فُلَانٌ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ الْغَلَّةُ.

وَفِي الْعُيُونِ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ أَنْ يَزْرَعَ لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي أَرْضِهِ فَالْبَذْرُ، وَالْخَرَاجُ، وَالسَّقْيُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يَزْرَعَ كُلَّ سَنَةٍ عَشْرَةَ أَجْرِبَةٍ فَالْبَذْرُ، وَالسَّقْيُ، وَالْخَرَاجُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثَمَرِ نَخْلٍ قَدْ بَلَغَ أَوْ زَرَعَ اُسْتُحْصِدَ أَوْ لَمْ يُحْصَدْ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَوْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ لَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَ الْأَرْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>