الْخَرَاجُ فَإِذَا أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ فَعَلَى الْمُوصَى لَهُ الْخَرَاجُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِثَمَرَةِ نَخْلِهِ أَوْ زَرْعٍ قَدْ أَدْرَكَ فَخَرَاجُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَلَوْ قَطَعَ الثَّمَرَةَ وَحَصَدَ الزَّرْعَ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْمُوصِي وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذَا الْفَصْلِ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ: رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَأَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِخِدْمَتِهِ سَنَتَيْنِ لِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ لَهُمْ خِدْمَةً لِلْعَبْدِ تُقَسَّمُ عَلَى تِسْعَةِ أَيَّامٍ لِلْوَرَثَةِ سِتَّةُ أَيَّامٍ وَلَهُمَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِذَا مَضَى ثَلَاثُ سِنِينَ سَلَّمَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ رَقَبَتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ؛ لِأَنَّهُ مَالُ الْمَيِّتِ وَقَدْ خَلَا عَنْ الدَّيْنِ، وَالْوَصِيَّةِ فَيَكُونُ لِلْوَرَثَةِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ بَلْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ قُسِّمَتْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ أَثْلَاثًا يَوْمًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالسَّنَةِ وَيَوْمَيْنِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالسَّنَتَيْنِ فَيَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْوَصِيَّتَيْنِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَمِائَةٍ وَلِآخَرَ سَنَةَ إحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَالْخِدْمَةُ، وَالْعَبْدُ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ قُسِّمَتْ الْخِدْمَةُ فِي سَنَةِ إحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ عَلَى سِتَّةِ أَيَّامٍ لِلْوَرَثَةِ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُمَا يَوْمٌ وَإِذَا مَضَتْ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَبْطُلُ وَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِسَنَةِ سَبْعِينَ، وَفِي سَنَةِ إحْدَى وَسَبْعِينَ تُقْسَمُ خِدْمَةُ الْعَبْدِ أَثْلَاثًا عَلَى ثَلَاثَةٍ يَوْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِسَنَةِ إحْدَى وَسَبْعِينَ وَيَوْمَانِ لِلْوَرَثَةِ فَإِذَا مَضَتْ هَذِهِ السَّنَةُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا يَخْرُجُ لَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ كَانَتْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا فِي سَنَةِ سَبْعِينَ لَهُ.
وَفِي الْجَامِعِ أَيْضًا: رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ سَنَةً وَأَوْصَى لِآخَرَ بِسُكْنَاهَا سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الدَّارِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا ذَكَرَ أَنَّ الدَّارَ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ ثُلُثَا الدَّارِ تَسْكُنُهَا الْوَرَثَةُ وَثُلُثُ الدَّارِ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ يَسْكُنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسَ الدَّارِ حَتَّى تَمْضِي سَنَةٌ فَإِذَا مَضَى سَنَةٌ فَالْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَى الدَّارِ سَنَةً يَدْفَعُ السُّدُسَ إلَى الْمُوصَى لَهُمَا بِسُكْنَى الدَّارِ سَنَتَيْنِ فَيَسْكُنُ ثُلُثَ الدَّارِ سَنَةً أُخْرَى ثُمَّ تَعُودُ الدَّارُ إلَى الْوَرَثَةِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ لَا تَتَحَمَّلُ الْقِسْمَةَ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الْعَبْدِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ الدَّارُ، وَالْعَبْدُ، وَالثَّمَرَةُ مِنْ الثُّلُثِ فَأَمَّا إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ قُسِّمَتْ الدَّارُ، وَالْغَلَّةُ، وَالسُّكْنَى كُلُّهَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كُلُّهَا لِصَاحِبِ السَّنَتَيْنِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ مِنْ ثُلُثِهِ سُلِّمَ إلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي الثُّلُثِ لَا يُزَاحِمُهُ الْوَرَثَةُ فِيهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا فِيهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ (خِدْمَةَ الْوَرَثَةِ يَوْمَيْنِ، وَالْمُوصَى لَهُ يَوْمًا) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الثُّلُثِ وَحَقَّهُمْ فِي الثُّلُثَيْنِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَصِرْنَا إلَى الْمُهَايَأَةِ فَيَخْدُمُهُمْ أَثْلَاثًا وَقَدْ قَدَّمْنَا تَفَاصِيلَ الْمَسْأَلَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِمَوْتِهِ يَعُودُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي) أَيْ بِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ يَعُودُ الْعَبْدُ أَوْ الدَّارُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْحَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَسْتَوْفِيَ الْمَنَافِعَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ فَلَوْ انْتَقَلَ إلَى وَارِثِ الْمُوصَى لَهُ اسْتَحَقَّهَا أَبَدًا مِنْ مِلْكِ الْمُوصِي بِغَيْرِ رِضَاهُ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَوْ مَاتَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بَطَلَتْ) أَيْ لَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَفِي الْحَالِ مِلْكُ الْمُوصِي ثَابِتٌ فِيهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ تَمَلُّكُ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَبَطَلَتْ وَقَدَّمْنَاهُ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ فَمَاتَ، وَفِيهِ ثَمَرَةٌ لَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَإِنْ زَادَ أَبَدًا لَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَمَا يَسْتَقْبِلُ كَغَلَّةِ بُسْتَانِهِ) أَيْ إذَا أَوْصَى بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَفِيهِ ثَمَرَةٌ كَانَ لَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ قَالَ لَهُ ثَمَرَةُ بُسْتَانِي أَبَدًا كَانَ لَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَثَمَرَتُهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ مَا عَاشَ، وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ فَلَهُ الْغَلَّةُ الْقَائِمَةُ عَلَيْهِ، وَمَا يَسْتَقْبِلُ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِالْغَلَّةِ اسْتَحَقَّ الْقَائِمَ، وَالْحَادِثَ وَإِنْ أَوْصَى بِالثَّمَرَةِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الْقَائِمُ إلَّا إذَا زَادَ أَبَدًا فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ كَالْغَلَّةِ فَيَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ زَادَ أَبَدًا لَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَمَا يَسْتَقْبِلُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّمَرَةَ اسْمٌ لِلْمَوْجُودِ عُرْفًا فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَعْدُومَ إلَّا بِدَلَالَةٍ زَائِدَةٍ مِثْلَ التَّنْصِيصِ عَلَى الْأَبَدِ فَتَتَنَاوَلُ الْمَعْدُومَ، وَالْمَوْجُودَ بِذِكْرِهِ عُرْفًا وَأَمَّا الْغَلَّةُ فَتَنْتَظِمُ الْمَوْجُودَ وَمَا يَكُونُ بِعَرْضِ الْوُجُودِ وَلَا يُرَادُ الْمَعْدُومُ إلَّا بِدَلِيلٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ، وَفِيهِ ثَمَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبُسْتَانِ ثَمَرَةٌ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الْغَلَّةِ فِي تَنَاوُلِهَا لِلثَّمَرَةِ الْمَعْدُومَةِ مَا عَاشَ الْمُوصَى لَهُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ اسْمٌ لِلْمَوْجُودِ حَقِيقَةً وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَعْدُومَ إلَّا مَجَازًا فَإِذَا كَانَ فِي الْبُسْتَانِ ثَمَرَةٌ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي صَارَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْحَقِيقَةِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَجَازَ وَإِذَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute