للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْقَاضِي وَأَمِينِ الْقَاضِي فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْأَصْلِ: الْأَبُ إذَا بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ اشْتَرَى مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِإِتْمَامِ هَذَا الْعَقْدِ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ حَتَّى إنَّ الْأَبَ إذَا قَالَ بِعْت هَذَا مِنْ وَلَدِي بِكَذَا أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْهُ هَذَا بِكَذَا فَإِنَّهُ يَتِمُّ الْعَقْدُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَقُولَ بِعْت وَاشْتَرَيْت، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا بَاعَ مِنْ وَلَدِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ جَازَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْقَبُولَ هَكَذَا ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ ثُمَّ إنَّ مُحَمَّدًا مَا ذَكَرَ الْإِشْهَادَ فِي الْكِتَابِ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ لِجَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ وَتَمَامِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِيثَاقِ لِحَقِّ الصَّغِيرِ حَتَّى يَتِمَّ مُعَامَلَةُ الصَّغِيرِ وَيَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ مِنْ الِابْنِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا الْعَقْدُ إلَّا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَفِي هَذَا الْغَبْنِ الْيَسِيرِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَمْنَعُ وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَصَحُّ.

وَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ مِنْ ابْنٍ لَهُ، وَالِابْنُ صَغِيرٌ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ وَكَّلَ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكِيلًا وَوَكَّلَ الْأَبُ أَيْضًا ذَلِكَ الْوَكِيلَ فَبَاعَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَذَا هُنَا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا وَقَبِلَ مِنْ الْوَكِيلِ جَازَ، وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ مِنْ جَانِبِ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ، وَمِنْ جَانِبِ الْأَبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَقِيلَ عَلَى الْعَكْسِ ذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إذَا اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ شِرَاءً فَاسِدًا فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدَ أَوْ يَقْبِضَهُ أَوْ يَأْمُرَهُ بِعَمَلٍ مَاتَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ، وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى مِنْ ابْنِهِ عَبْدًا، وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْأَبِ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَهُوَ مِنْ مَالِ الِابْنِ حَتَّى يَأْمُرَهُ الْوَالِدُ بِعَمَلٍ أَوْ يَقْبِضَهُ وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنَانِ فَبَاعَ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ وَهُمَا صَغِيرَانِ فَإِنْ قَالَ: بِعْت عَبْدَا بَنِي فُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ جَازَ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الدِّيَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَّةَ إنَّهُمَا إذَا بَلَغَا فَالْعُهْدَةُ عَلَى مَنْ تَكُونُ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ رَجُلًا حَتَّى بَاعَ مَالَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ يَجُوزُ، وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَبَ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ مَلَّكَ هَؤُلَاءِ وَكِيلَهُ لِفَقْدِهَا.

وَلَوْ وَكَّلَ الْأَبُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَوَكِيلًا بِالشِّرَاءِ فَبَاعَ الْوَكِيلُ يَجُوزُ، وَفِي الزِّيَادَاتِ الْأَبُ إذَا بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ عَدْلًا عِنْدَ النَّاسِ أَوْ كَانَ مَسْتُورًا بِحَالٍ يَجُوزُ الْبَيْعُ حَتَّى لَوْ كَبِرَ الِابْنُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُنْقَضَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْمَشَايِخِ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إذَا كَانَ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ بِأَنْ بَاعَ بِضَعْفِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ بَاعَ مَا سِوَى الْعَقَارِ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ: يَجُوزُ وَيُؤْخَذُ الثَّمَنُ وَيُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا، وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْأَبُ إذَا بَاعَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَا ثَمَنُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِرْهَمٍ يَجُوزُ وَإِنْ اشْتَرَى لَهُ مَا ثَمَنُهُ دِرْهَمٌ بِعَشَرَةٍ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ، وَفِي الْأَصْلِ سَوَّى بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَشْبَاهِهَا وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي أَدَبِ الْقَاضِي فِي أَبْوَابِ الْوَصَايَا أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا وَرِثَ مَالًا، وَالْأَبُ مُبَذِّرٌ مُسْتَحِقُّ الْحَجْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبِ، وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ: رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ فِي مَرَضِهِ: قَدْ قَبَضْت مِنْ فُلَانٍ مِنْ الثَّمَنِ مِائَتَيْنِ فَمَاتَ فِي مَرَضِهِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُ الْأَبِ وَكَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْ الْمَرِيضِ وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ قَبَضْتهَا مِنْ فُلَانٍ فَضَاعَتْ كَانَ مُصَدَّقًا وَلَوْ قَالَ: قَبَضْتهَا وَاسْتَهْلَكْتهَا لَمْ يَكُنْ مُصَدَّقًا.

وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إذَا أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ أَوْ فِي مَالِهِ الزِّيَادَاتِ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ يَنْوِي أَنْ يَرْجِعَ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِالرُّجُوعِ وَسِعَهُ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ رَبِّهِ أَنْ يَرْجِعَ، وَفِي الْمُنْتَقَى: عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَعَلَى الْأَبِ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَنْفُذَ فَهُوَ فِي مَالِهِ خَاصَّةً يَعْنِي مَالَ الْأَبِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الِابْنِ، وَلَوْ اشْتَرَى لِابْنِهِ دَارًا وَأَشْهَدَ عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَشْتَرِيهِ مِمَّا لَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ دَيْنٍ كَانَ عَلَى الْأَبِ، وَضَمِنَ لِلْأَبِ عَنْهُ، وَذُكِرَ فِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ تَفْصِيلًا فِيمَا اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ قَالَ إنْ كَانَ اشْتَرَى شَيْئًا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً وَلَا مَالَ لِلصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ الْأَبُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرَى طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى دَارًا أَوْ ضَيَاعًا إنْ كَانَ الْأَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>