للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهِدَ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَا يَرْجِعُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى دَارًا أَوْ ضَيْعَةً أَوْ مَمْلُوكًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَ لِلِابْنِ مَالٌ فَالرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ أَشْهَدَ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلِابْنِ مَالٌ لَا يَرْجِعُ أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ ثُمَّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَفِي بَعْضِهَا: يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ وَقْتَ نَقْدِ الثَّمَنِ.

وَنَقُولُ: إذَا أَشْهَدَ وَقْتَ نَقْدِ الثَّمَنِ إنَّمَا نَقَدَ الثَّمَنَ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ، وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَجُلٌ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثَوْبًا وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ أَدَّى الثَّمَنَ فِي مَرَضِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ بِشَيْءٍ.

وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَمَةً لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِذَا أَسْلَمَ الْأَمَةَ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْأَمَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ إمْهَارُ الْأَمَةِ وَيَكُونُ عَلَى الْأَبِ قِيمَتُهَا لِلزَّوْجَةِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: اشْتَرَى الْأَبُ قَرِيبَ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ لَا يَجُوزُ عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْمَعْتُوهِ وَيَجُوزُ عَلَى الْأَبِ، وَلَوْ اشْتَرَى لِلْمَعْتُوهِ أَمَةً كَانَ اسْتَوْلَدَهَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ يَلْزَمُ الْأَبُ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَهَذَا الْقِيَاسُ، وَالِاسْتِحْسَانُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ أَصْلًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْأَبَ إذَا بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَجُوزُ وَيَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ وَيَصِيرُ هُوَ ضَامِنًا لِلصَّغِيرِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَبَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُوَفِّيَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ قَضَاءَ دَيْنِ نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ، وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ يَجُوزُ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَإِذَا صَحَّ رَهْنُ الْأَبِ مَتَاعَ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا فَهَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَلَكَ بِمَا فِيهِ وَيَضْمَنُ الْأَبُ لِلصَّغِيرِ قِيمَةَ الرَّهْنِ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ يَضْمَنُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ، وَلَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الذَّخِيرَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْأَبِ فِي اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي، وَالْأَبُ إذَا أَقْرَضَ مَالَ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَخَذَ رَهْنًا مِنْ مَالِ وَلَدِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَخُوَاهَرْ زَادَهْ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ: عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ وَسَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ مَسَائِلَ الْمَعْتُوهُ وَالتَّصَرُّفُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ حَتَّى تَمْضِيَ عَلَيْهِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ صَارَ مَعْتُوهًا، قَالَ وَلَا أَحْفَظُ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ شَيْئًا، قَالَ ابْنُ سِمَاعَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَّتَ فِي ذَلِكَ شَهْرًا ثُمَّ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ الَّذِي قَدَّرَهُ بِسَنَةٍ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الْجُنُونِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْمَعْتُوهِ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْأَحْكَامِ.

وَإِذَا أَرْسَلَ الْأَبُ غُلَامَهُ فِي حَاجَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ ابْنِ صَغِيرٍ لَهُ جَازَ وَلَا يَصِيرُ الْأَبُ قَابِضًا مِنْ ابْنِهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْوَلَدِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْوَالِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَهُ مِنْهُ حَيْثُ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُ عَنْ الِابْنِ بِنَفْسِ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ الْعَبْدُ حَتَّى بَلَغَ الْوَلَدُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْوَلَدِ لَا يَصِيرُ الْوَالِدُ قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْوَالِدُ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ وَإِنْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ، وَفِي حِيَلِ الْأَصْلِ ذَكَرَ طَرِيقَ بَرَاءَةِ الْأَبِ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَقَالَ يُخْرِجُ الْأَبُ مِقْدَارَ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَقُولُ الْأَبُ إنِّي اشْتَرَيْت وَقَدْ قَبَضْتهَا لِابْنِي بِكَوْنِهِ فِي يَدَيَّ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ قَالَ لَا يَبْرَأُ عَنْ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَشْتَرِ لِابْنِهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ شَيْئًا وَعَلَى هَذَا إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ عَنْهُ فَهُوَ عَلَى مَا قُلْنَا، وَفِي الْهَارُونِيِّ الثَّمَنُ الَّذِي لَزِمَ الْأَبَ بِشِرَاءِ مَالِ وَلَدِهِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَبُ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ فِي يَدِهِ عَنْ ابْنِهِ وَدِيعَةً وَإِذَا بَاعَ دَارِهِ مِنْ ابْنِهِ فِي عِيَالِهِ، وَالْأَبُ سَاكِنٌ فِيهَا لَا يَصِيرُ الِابْنُ قَابِضًا حَتَّى يُفَرِّغَهَا الْأَبُ حَتَّى لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ، وَالْأَبُ فِيهَا يَكُونُ الْهَلَاكُ عَلَى الْأَبِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهَا مَتَاعُ الْأَبِ أَوْ عِيَالُهُ وَهُوَ غَيْرُ سَاكِنٍ فِيهَا فَإِنْ فَرَّغَهَا الْأَبُ صَارَ الِابْنُ قَابِضًا فَإِنْ عَادَ الْأَبُ بَعْدَمَا تَحَوَّلَ مِنْهَا فَسَكَنَهَا أَوْ جَعَلَ فِيهَا مَتَاعًا أَوْ سَكَّنَهَا عِيَالَهُ وَكَانَ غَنِيًّا صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ، وَفِي الْهَارُونِيِّ.

وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جُبَّةً، وَهِيَ عَلَى الْأَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>