أَوْ طَيْلَسَانًا هُوَ لَابِسُهُ أَوْ خَاتَمًا فِي أُصْبُعِهِ لَا يَصِيرُ الِابْنُ قَابِضًا حَتَّى يَنْزِعَ ذَلِكَ الْأَبُ وَكَذَلِكَ فِي الدَّابَّةِ، وَالْأَبُ رَاكِبُهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهَا حِمْلٌ حَتَّى يَنْزِعَهُ عَنْهَا.
وَلَوْ قَالَ الْأَبُ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ اشْتَرَيْت جَارِيَةَ ابْنِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَابْنُهُ صَغِيرٌ فِي عِيَالِهِ جَازَ الشِّرَاءُ وَيَصِيرُ الْأَبُ قَابِضًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ إنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ، وَالثَّمَنُ دَيْنٌ عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا، وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأَبُ لِلصَّغِيرِ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْأَبِ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ السِّيَرِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفُذُ عَلَى الصَّغِيرِ قَالَ الْقَاضِي رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ لَوْ غَصَبَ إنْسَانٌ دَارَ صَبِيٍّ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَمَا ظَنَّك فِي هَذَا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ رَوَى وُجُوبَ أَجْرِ الْمِثْلِ إلَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ خَيْرًا لِلصَّغِيرِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ النُّقْصَانُ وَإِذَا هَلَكَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَبًا وَأَوْصَى كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يُنَفِّذَ وَصَايَاهُ وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ وَوَرَثَةٌ صِغَارٌ وَتَرَكَ مَتَاعًا وَعَقَارًا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ هَكَذَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي، وَفِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الْفَصْلَ فِي الْمَبْسُوطِ عَلَى هَذَا الْبَيَانِ فَإِنَّهُ أَقَامَ الْجَدَّ مَقَامَ الْأَبِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا تَرَكَ وَصِيًّا، وَأَبًا فَالْوَصِيُّ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَالْأَبُ أَوْلَى.
وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَأَوْصَى لِوَصِيِّهِ فَهُوَ أَوْلَى ثُمَّ وَصَّى الْقَاضِي، وَعَنْ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي إذَا بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْقَاضِيَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ بَعْضُ أُمَنَاءِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي خُصُومَةٌ مَعَهُ فِي الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْقَاضِي وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَنُوبِ عَنْهُ الْقَاضِي إذَا بَاعَ عَلَى صَغِيرٍ دَارًا فَإِذَا هِيَ لِصَغِيرٍ آخَرَ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ لَا يَجُوزُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَفِي الْمُنْتَقَى: الْقَاضِي إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَأَشَارَ إلَى الْمَعْنَى، وَقَالَ: لِأَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي مَالَ الصَّغِيرِ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ وَحُكْمُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ بَاطِلٌ وَذُكِرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ فِي أَوَّلِ مَسَائِلِ النِّكَاحِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ الْيَتِيمَةَ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْقَاضِي يَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ، وَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ قَالَ النَّاطِفِيُّ فِي أَجْنَاسِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ: إذَا اشْتَرَى مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ مِنْ وَصِيِّ الْيَتِيمِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي جَعَلَهُ وَصِيًّا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْقَاضِي إذَا بَاعَ أَمِينُ الْقَاضِي مَالَ الصَّغِيرِ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ حَتَّى أَمَرَ الْقَاضِي الْأَمِينَ أَنْ يَضْمَنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي فَضَمِنَ صَحَّ ضَمَانَهُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي
أَمِينِ الْقَاضِي. وَالْأَبُ إذَا بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي نَصْبَ الْوَصِيِّ فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَنْصِبُ فَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْفَصْلَ بِتَمَامِهِ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَذَكَرْنَا ثَمَّةَ: أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَرَادَ نَصْبَ الْوَصِيِّ لِصَغِيرٍ هَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الصَّغِيرِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ وَإِذَا نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلصَّغِيرِ، وَخَصَّ لَهُ نَوْعًا مِنْ الْأَنْوَاعِ تَقْتَصِرُ وِصَايَتُهُ عَلَى ذَلِكَ النَّوْعِ فَالْوِصَايَةُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي قَابِلَةٌ لِلتَّخْصِيصِ بِخِلَافِ الْوِصَايَةِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَفِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ عَنْ غَيْرِ وَصِيٍّ فَقَالَ الْقَاضِي لِرَجُلٍ: جَعَلْتُك وَكِيلًا فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ فَهُوَ وَكِيلٌ فِي حِفْظِ الْأَمْوَالِ خَاصَّةً حَتَّى يَقُولَ لَهُ: بِعْ وَاشْتَرِ وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُك وَصِيًّا فَهُوَ وَصِيٌّ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَبِهِ نَأْخُذُ، وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا اشْتَرَى الْقَاضِي مِنْ مَتَاعِ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ فَإِذَا رَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ نَظَرَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَجَازَهُ وَإِلَّا لَمْ يُجِزْهُ وَكَرِهَ الْقَاضِي شِرَاءَهُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: الْقَاضِي إذَا اسْتَأْجَرَ لِلْيَتِيمِ أَجِيرًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَوْ قَالَ الْقَاضِي تَعَمَّدْت الْجَوَازَ تَنْفُذُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَاضِي وَيَجِبُ جَمِيعُ الْأَجْرِ فِي مَالِ الْقَاضِي وَإِذَا أَقْرَضَ مَالَ الْيَتِيمِ صَحَّ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ وَصِيُّ التَّرِكَتَيْنِ) أَيْ إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ فَأَوْصَى إلَى غَيْرِهِ فَهُوَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَتِهِ وَتَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ فَوَّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفَ وَلَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهِ الْإِيصَاءَ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يَمْلِكْهُ وَلِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ فَصَارَ كَوَصِيِّ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا فِي مَالِ الْوَكِيلِ خَاصَّةً دُونَ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْتَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute