للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي بَيْعَهُ عَلَى الْكِبَارِ فَكَذَلِكَ قِسْمَتُهُ، وَفِي الْعُرُوضِ لَهُ وِلَايَةُ الْقِسْمَةِ كَمَا يَلِي بَيْعَهَا؛ لِأَنَّ الْكِبَارَ الْغُيَّبَ الْتَحَقُوا بِالصِّغَارِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَصَارَ كَأَنَّ الْكُلَّ صِغَارٌ وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ صِغَارًا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ فَكَذَا هَذَا وَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ حُضُورًا جَازَ قِسْمَتُهُ عَنْ الصِّغَارِ مَعَ الْكِبَارِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ قِسْمَةٌ جَرَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَالْقِسْمَةُ بَيْنَ الصِّغَارِ جَرَتْ مِنْ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي الْقِسْمَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ فِي حَقِّ الصِّغَارِ جُمْلَةً فَالْقِسْمَةُ فِي حَقِّ الْكِبَارِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا جَرَتْ بَيْنَ الْكَبِيرِ، وَالْوَصِيِّ فِي نَصِيبِ الصِّغَارِ وَإِذَا قَسَّمَ الْوَصِيَّانِ التَّرِكَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَ بَعْضِهِمْ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكِلَاهُمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ لَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا التَّفَرُّدَ بِالْقِسْمَةِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ كَانَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكَّلَ صَاحِبَهُ فِي الْقِسْمَةِ فَتَصِيرُ قِسْمَتُهُ مَعَ صَاحِبِهِ كَقِسْمَتِهِ مَعَ نَفْسِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَلَوْ قَاسَمَ الْوَرَثَةَ وَأَخَذَ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ فَضَاعَ رَجَعَ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ) أَيْ لَوْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَرَثَةَ وَأَخَذَ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ فَضَاعَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ رَجَعَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ فَيَرْجِعُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى مَا فِي يَدِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَيَأْخُذُ بِثُلُثِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ فِي حَقِّهِ وَإِذَا هَلَكَ فِي أَيْدِيهِمْ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُمْ قَدْرَ الثُّلُثِ مَا قَبَضُوا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَصِيَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ، وَالْوَرَثَةُ بِالْقَبْضِ فَيُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِحَجَّةٍ فَقَاسَمَ الْوَرَثَةُ فَهَلَكَ مَا فِي يَدِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ يَحُجُّ عَنْهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ) أَيْ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ فَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَرَثَةَ فَهَلَكَ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ إذَا دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَضَاعَ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ يَحُجُّ عَنْهُ بِثُلُثِ الْبَاقِي وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ كَانَ الْمُقَرَّرُ مُسْتَغْرِقًا لِلثُّلُثِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَمْ يَحُجَّ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرِقًا لِلثُّلُثِ يَحُجُّ عَنْهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ إلَى تَمَامِ الثُّلُثِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَحُجُّ عَنْهُ بِشَيْءٍ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي الْمَنَاسِكِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَصَحَّ قِسْمَةُ الْقَاضِي وَأَخَذُ حَظَّ الْمُوصَى لَهُ إنْ غَابَ) أَيْ إنْ غَابَ الْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبُولِ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ تَصِيرُ الْوَصِيَّةَ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ.

وَالْقَاضِي نَاظِرٌ فِي حَقِّ الْعَاجِزِ وَإِقْرَارُ نَصِيبِ الْغَائِبِ وَقَبْضُهُ مِنْ النَّظَرِ فَيُنَفَّذُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْقَاضِي أَوْ أَمِينِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ سَبِيلٌ وَلَا عَلَى الْقَاضِي وَهَذَا فِي الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ، وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِيهِ تَابِعٌ حَتَّى جَازَ أَخْذُهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضًا وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ مُرَابَحَةً وَأَمَّا مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهِ مُبَادَلَةٌ كَالْبَيْعِ وَبَيْعُ مَالِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا الْقِسْمَةُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَبَيْعُ الْوَصِيِّ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ يَصِحُّ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَبْدًا لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي وَلَوْ تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ عَنْ الْغُرَمَاءِ فَكَذَا الْوَصِيُّ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ لَا بِالصُّورَةِ، وَالْبَيْعُ لَا يُبْطِلُ الْمَالِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ أَخْلَفَ شَيْئًا، وَهُوَ الثَّمَنُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ لَهُمْ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَضَمِنَ الْوَصِيُّ إنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْصَى بِبَيْعِهِ، وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهِ إنْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ بَعْدَ هَلَاكِ ثَمَنِهِ عِنْدَهُ) مَعْنَاهُ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ، وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَ الْوَصِيُّ الْعَبْدَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْهَلَاكِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُخْتَصَرِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ الْوَصِيُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ فَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ لَمْ يَرْضَ بِبَدَلِ الثَّمَنِ إلَّا لِيُسَلِّمَ لَهُ الْمَبِيعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ وَهُوَ الْوَصِيُّ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِضَمَانِ الْوَصِيِّ فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَلَا فِي الطَّعَامِ، الْوَدِيعَةِ، وَالْبَيْعِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ أَوْ بِغَيْرِ طَلَبٍ وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ.

قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: فَالْوَصِيُّ تَارَةً يَضْمَنُ وَتَارَةً لَا يَضْمَنُ فَإِذَا أَمَرَ الْوَصِيُّ الْمُسْتَوْدِعَ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ فَأَقْرَضَ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدِعُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ فَلَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ وَالْأَمْر بِهِ فَلَمْ يَصِحَّ الْأَمْرُ بِالْإِقْرَاضِ، وَلَوْ قَضَى الْوَصِيَّانِ دَيْنًا لِرَجُلٍ ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا لَمْ يَحُزْ وَيَضْمَنَانِ إنْ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُمَا بِشَهَادَتِهِمَا يَدْفَعَانِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا مَغْرَمًا؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا ضَامِنَيْنِ مَا دَفَعَا إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُمَا دَفَعَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَلَوْ شَهِدَا بِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَا جَازَ؛ لِأَنَّهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>