الْأَهْوَاءِ أَوْ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْمُقْتَدِي لَا يُرَاعِي مَذْهَبَهُ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْإِسَاءَةَ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اهـ.
وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ عَنْ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ رَجُلٌ يَشْتَغِلُ بِتَكْرَارِ الْفِقْهِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ لَا يُعْذَرُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَقَالَ أَيْضًا رَجُلٌ يَشْتَغِلُ بِتَكْرَارِ اللُّغَةِ فَتَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ لَا يُعْذَرُ بِخِلَافِ تَكْرَارِ الْفِقْهِ قِيلَ جَوَابُهُ الْأَوَّلُ فِيمَنْ وَاظَبَ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ تَهَاوُنًا وَالثَّانِي فِيمَنْ لَا يُوَاظِبُ عَلَى تَرْكِهَا اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ بَقِيَّةَ أَحْكَامِهَا فَمِنْهَا أَنَّ أَقَلَّهَا اثْنَانِ وَاحِدٌ مَعَ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الِاجْتِمَاعِ وَهُمَا أَقَلُّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِمَا الِاجْتِمَاعُ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ» وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا يَعْقِلُ وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِ الْعَاقِلِ
وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ وَأَمَّ صَبِيًّا يَعْقِلُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بَيْتِهِ حَتَّى لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ بِزَوْجَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ فَقَدْ أَتَى بِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَمِنْهَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إلَّا لِلْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا شَرْطٌ فِيهَا وَتَجِبُ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا، وَتُسَنُّ فِيهَا عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهَا، وَفِي الْكُسُوفِ وَالتَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا فِي التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَنَصَّ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ عَلَى أَنَّهَا فِيهَا وَاجِبَةٌ وَهُوَ غَرِيبٌ وَيُسْتَحَبُّ فِي الْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ عَلَى قَوْلٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ عَلَى قَوْلٍ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَقِيلَ لَا، وَأَمَّا مَا عَدَا هَذِهِ الْجُمْلَةَ فَفِي الْخُلَاصَةِ الِاقْتِدَاءُ فِي الْوِتْرِ خَارِجَ رَمَضَانَ يُكْرَهُ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالْجَمَاعَةِ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّدَاعِي يُكْرَهُ فِي الْأَصْلِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ أَمَّا إذَا صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إنْ كَانَ سِوَى الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ لَا يُكْرَهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي الْأَرْبَعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ اهـ.
كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْعِيدَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ سُنَّةً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيهَا فَهِيَ شَرْطُ الصِّحَّةِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ؛ لِأَنَّ شَرَائِطَ الْعِيدَيْنِ وُجُوبًا وَصِحَّةً شَرَائِطُ الْجُمُعَةِ إلَّا الْخُطْبَةَ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مُنْفَرِدًا كَالْجُمُعَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْوَصْفِ بُطْلَانُ الْأَصْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمِنْهَا حُكْمُ تَكْرَارِهَا فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ فَفِي الْمَجْمَعِ وَلَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ بِزَوْجَتِهِ إلَخْ) سَيَأْتِي خِلَافُهُ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنَالُ الثَّوَابَ وَيَكُونُ بِدْعَةً وَمَكْرُوهًا لَكِنْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إقَامَتِهَا فِي الْبَيْتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كَإِقَامَتِهَا فِي الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْفَضْلِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ.
قُلْتُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْحَلْوَانِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْهُ فِي الْأَذَانِ مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِالْقِدَمِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ فَلِذَا صَحَّحُوا خِلَافَ مَا قَالَهُ هُنَا أَيْضًا.
(قَوْلُهُ الِاقْتِدَاءُ فِي الْوِتْرِ خَارِجَ رَمَضَانَ يُكْرَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْحَاشِيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُوتِرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ وَإِنَّ الْكَرَاهَةَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ إلَخْ) لَا مَحَلَّ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ هُنَا، وَإِنَّمَا مَحِلُّهَا فِيمَا بَعْدُ عِنْدَ ذِكْرِ حُكْمِ تَكْرَارِهَا (قَوْلُهُ وَمِنْهَا حُكْمُ تَكْرَارِهَا فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ صَلَّى فِيهِ أَهْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لِأَنَّ فِي تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ تَقْلِيلَهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ وَالْآخَرُونَ فِيهَا كَالْأَوَّلِينَ وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ إذَا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ صَلَّوْا وُحْدَانًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ إذَا كَثُرَ الْقَوْمُ أَمَّا إذَا صَلَّوْا وُحْدَانًا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ وَهَذَا إذَا كَانَ صَلَّى فِيهِ أَهْلُهُ
فَإِنْ صَلَّى فِيهِ قَوْمٌ مِنْ الْغُرَبَاءِ بِالْجَمَاعَةِ فَلِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَهُمْ بِجَمَاعَةٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لِأَنَّ إقَامَةَ الْجَمَاعَةِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ حَقُّهُمْ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُمْ نَصْبُ الْمُؤَذِّنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُمْ بِإِقَامَةِ غَيْرِهِمْ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِتَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَهْلٌ مَعْلُومٌ فَكَانَتْ حُرْمَتُهُ أَخَفَّ، وَلِهَذَا لَا يُقَامُ فِيهِ بِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الرِّبَاطِ فِي الْمَفَاوِزِ وَهُنَاكَ تُعَادُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَهَذَا كَذَلِكَ اهـ.
بِحُرُوفِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْحَقَائِقِ وَقَدَّمْنَا نَحْوَهُ فِي الْأَذَانِ عَنْ الْكَافِي وَالْمِفْتَاحِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ السِّرَاجِ، أَقُولُ: وَمُفَادُ هَذِهِ النُّقُولِ كَرَاهَةُ التَّكْرَارِ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ بِدُونِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ قَاضِي خَانْ الْمَارِّ يُصَلِّي بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ أَنَّهُ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا لَا بِالْجَمَاعَةِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِالْمَرْوِيِّ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ
وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا اهـ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ مَا نَقَلَهُ الرَّمْلِيُّ عَنْ رِسَالَةِ الْعَلَّامَةِ السِّنْدِيِّ عَنْ الْمُلْتَقَطِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَشَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ وَالْعُبَابِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ تَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ ثَانِيَةٍ اتِّفَاقًا. قَالَ وَفِي بَعْضِهَا إجْمَاعًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ مَكْرُوهٌ اتِّفَاقًا وَأَنَّهُ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا إنْكَارُهُ صَرِيحًا حِينَ حَضَرَ الْمَوْسِمَ بِمَكَّةَ سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْهُمْ الشَّرِيفُ الْغَزْنَوِيُّ وَأَنَّهُ أَفْتَى الْإِمَامُ أَبُو قَاسِمٍ الْجَانُّ الْمَالِكِيُّ سَنَةَ خَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ بِمَنْعِ الصَّلَاةِ بِأَئِمَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَجَمَاعَاتٍ مُتَرَتِّبَةٍ وَعَدَمِ جَوَازِهَا عَلَى مَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَرُدَّ عَلَى مَنْ قَالَ بِخِلَافِهِ