رِيحٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ مُطْلَقًا بِالِانْحِرَافِ عَمَلًا بِمَا هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنِّي لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَإِنَّمَا فِي التَّجْنِيسِ لَوْ شَكَّ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ فَاسْتَخْلَفَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ
وَلَوْ خَافَ سَبْقَ الْحَدَثِ فَانْصَرَفَ، ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَالِاسْتِئْنَافُ لَازِمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ، وَالدَّارُ وَمُصَلَّى الْجِنَازَةِ وَالْجَبَّانَةُ كَالْمَسْجِدِ إذْ لَهُ حُكْمُ الْبُقْعَةِ الْوَاحِدَةِ كَذَا قَالُوا إلَّا فِي الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا إنْ خَرَجَتْ عَنْ مُصَلَّاهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَلَيْسَ الْبَيْتُ لَهَا كَالْمَسْجِدِ لِلرَّجُلِ، وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا وَالْبَيْتُ لَهَا كَالْمَسْجِدِ لِلرَّجُلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ فَمِقْدَارُ الصُّفُوفِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ إنْ مَشَى يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً أَوْ خَلْفًا، وَإِنْ مَشَى أَمَامَهُ وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَالصَّحِيحُ هُوَ التَّقْدِيرُ بِمَوْضِعِ السُّجُودِ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ فَمَسْجِدُهُ مَوْضِعُ سُجُودِهِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ إلَّا إذَا مَشَى أَمَامَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَيُعْطَى لِدَاخِلِهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْجَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سُتْرَةٌ أَنْ يُعْتَبَرَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْمُنْفَرِدُ حُكْمُهُ ذَلِكَ اهـ.
وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَمِقْدَارُ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ ضَعِيفٌ
وَأَمَّا فَسَادُهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالِاحْتِلَامِ فَلِأَنَّهُ يَنْدُرُ وُجُودُ هَذِهِ الْعَوَارِضِ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ مِنْ الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَهْقَهَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ وَهُوَ قَاطِعٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ» ، وَكَذَا لَوْ نَظَرَ إلَى امْرَأَةٍ فَأَنْزَلَ. وَمَحَلُّ الْفَسَادِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا لِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّ تَعَمُّدَ الْحَدَثِ بَعْدَهُ لَا يُفْسِدُهَا فَهَذَا أَوْلَى، وَلَا يَخْلُو الْمَوْصُوفُ بِهَا عَنْ اضْطِرَابٍ أَوْ مُكْثٍ وَكَيْفَمَا كَانَ فَالصُّنْعُ مِنْهُ مَوْجُودٌ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ لِلْخُرُوجِ، أَمَّا فِي الِاضْطِرَابِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْمُكْثِ فَلِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ مُؤَدِّيًا جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ وَالْأَدَاءُ صُنْعٌ مِنْهُ، وَفِي الْعِنَايَةِ وَإِنَّمَا قَالَ أَوْ نَامَ فَاحْتَلَمَ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ بِانْفِرَادِهِ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ، وَكَذَا الِاحْتِلَامُ الْمُنْفَرِدُ عَنْ النَّوْمِ وَهُوَ الْبُلُوغُ بِالسِّنِّ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بَيَانًا لِلْمُرَادِ اهـ.
فَعَلَى هَذَا الِاحْتِلَامُ هُوَ الْبُلُوغُ أَعَمُّ مِنْ الْإِنْزَالِ أَوْ السِّنِّ فَالْمُرَادُ فِي الْمُخْتَصَرِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمُصَلِّي إذَا نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ فَاضْطَجَعَ قِيلَ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ فَيَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ اهـ.
وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالِاسْتِقْبَالِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَغَيْرِهِ دُونَ الْفَسَادِ لِمَا أَنَّ الْفَسَادَ فِيهَا لَيْسَ مَقْصُودًا فَيُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَفْسَدَهَا قَصْدًا فَإِنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ فِيمَا أَدَّاهُ بَلْ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرَامٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ بَعْدَ التَّشَهُّدِ تَوَضَّأَ وَسَلَّمَ) ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْوُضُوءِ لِيَأْتِيَ بِهِ فَالْوُضُوءُ وَالسَّلَامُ وَاجِبَانِ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ كُرِهَ تَحْرِيمًا.
وَالشُّرُوطُ الَّتِي
ــ
[منحة الخالق]
الشَّكِّ بِالْأَوْلَى مَعَ تَعْبِيرِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الظَّنِّ ثَانِيًا بِالتَّوَهُّمِ، وَأَمَّا مَا فِي التَّجْنِيسِ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ ظَاهِرِهِ وَهُوَ الشَّكُّ فِي ذَاتِهَا لِيَكُونَ اسْتِخْلَافُهُ نَاشِئًا عَنْ الرَّفْضِ فَلَا يَصِحُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ أَقُولُ: مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُحِيطِ هُوَ ظَنٌّ لَا تَوَهُّمٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَاءً وَلَمْ يَكُنْ دَمًا فَالتَّوَهُّمُ فِي عِبَارَةِ الْمُحِيطِ بِمَعْنَى الظَّنِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى دَلِيلٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الشُّمُنِّيِّ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: أَغْلَبُ الْكُتُبِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ حَتَّى قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَإِنْ تَقَدَّمَ إمَامُهُ وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِنَاءٌ وَلَا سُتْرَةٌ، فَإِنْ تَقَدَّمَ مِقْدَارَ مَا لَوْ تَأَخَّرَ جَاوَزَ الصُّفُوفَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ وَصَلَّى مَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ، فَإِنْ جَاوَزَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ حَتَّى يَتَقَدَّمَ مِثْلَ مَا لَوْ تَأَخَّرَ خَرَجَ عَنْ الصُّفُوفِ وَجَاوَزَ أَصْحَابَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ اهـ فَكَيْفَ يَكُونُ مَا فِي الْهِدَايَةِ ضَعِيفًا وَأَغْلَبُ الْكُتُبِ عَلَى اعْتِمَادِهِ فَرَاجِعْ الْكُتُبَ يَظْهَرُ لَك ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي الْبِدَايَةِ الَّتِي هِيَ مَتْنُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ بِانْفِرَادِهِ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَقْوَالًا وَاخْتِلَافَ تَصْحِيحٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ فِي نَوْمِ الْمُضْطَجِعِ وَالْمَرِيضِ فِي الصَّلَاةِ اخْتِلَافًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُنْقَضُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ فِي النَّوْمِ مُضْطَجِعًا الْحَالُ لَا يَخْلُو إنْ غَلَبَتْ عَيْنَاهُ فَنَامَ ثُمَّ اضْطَجَعَ فِي حَالَةِ نَوْمِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي وَلَوْ تَعَمَّدَ النَّوْمَ فِي الصَّلَاةِ مُضْطَجِعًا فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ مَشَايِخِنَا اهـ
فَرَاجِعْ الْمَنْقُولَ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا أَطْلَقَهُ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا الِاحْتِلَامُ هُوَ الْبُلُوغُ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ الِاحْتِلَامُ اسْمٌ لِمَا يَرَاهُ النَّائِمُ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنْ خَاصٍّ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ نَفْسَ الْبُلُوغِ لَكَانَ قَوْلُ الْقُدُورِيِّ وَغَيْرِهِ بُلُوغُ الصَّبِيِّ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَحَتَّى يَتِمَّ لَهُ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ سَنَةً غَيْرُ وَاقِعٍ فِي مَحِلِّهِ وَكَأَنَّ الدَّاعِيَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ ذِكْرُ النَّوْمِ مَعَهُ وَلَا يَكُونُ تَصْرِيحًا بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ وَلَا سِيَّمَا وَالْكِتَابُ أَلَّفَهُ لِوَلَدِهِ اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ أَشَارَ إلَى نَحْوِهِ فِي الْمُغْرِبِ بِقَوْلِهِ