للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ تَرْكَ الْمُسْتَحَبِّ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ والولوالجية وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ آخِرَ سُورَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ آخِرَ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ السُّورَةِ إنْ كَانَ الْآخِرُ أَكْثَرَ آيَةً اهـ.

وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ خِلَافَهُ وَمِنْهَا الِانْتِقَالُ مِنْ آيَةٍ مِنْ سُورَةٍ إلَى آيَةٍ أُخْرَى مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى أَوْ آيَةٍ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ بَيْنَهُمَا آيَاتٌ وَكَذَا الْجَمْعُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ بَيْنَهُمَا سُوَرٌ أَوْ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مَكْرُوهٌ وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُوَرٌ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَتْ السُّورَةُ طَوِيلَةً لَا يُكْرَهُ كَمَا إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا سُورَتَانِ قَصِيرَتَانِ وَمِنْهَا أَنْ يَقْرَأَ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى سُورَةً وَفِي رَكْعَةٍ أُخْرَى سُورَةً فَوْقَ تِلْكَ السُّورَةِ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي رَكْعَةٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ وَقَعَ هَذَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بِأَنْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: ١] يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ هَذِهِ السُّورَةُ أَيْضًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْفَرَائِضِ أَمَّا فِي النَّوَافِلِ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمِنْهَا مَا إذَا افْتَتَحَ سُورَةً وَقَصْدُهُ سُورَةٌ أُخْرَى فَلَمَّا قَرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ تِلْكَ السُّورَةَ وَيَفْتَتِحَ الَّتِي أَرَادَهَا يُكْرَهُ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ أَقَلَّ مِنْ آيَةٍ وَإِنْ كَانَ حَرْفًا وَمِنْهَا أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ وَاحْتَجَّ لَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ أَرَأَيْتُك لَوْ كُنْتُ أَرْسَلْتُك إلَى بَعْضِ النَّاسِ أَكُنْت تَمُرُّ فِي ثِيَابِك هَذِهِ فَقَالَ لَا فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُتَزَيَّنَ لَهُ

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ أَنْ يُتَزَيَّنَ لَهُ» وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ وَفَسَّرَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ بِمَا يَلْبَسُهُ فِي بَيْتِهِ وَلَا يَذْهَبُ بِهِ إلَى الْأَكَابِرِ وَمِنْهَا أَنْ يَحْمِلَ صَبِيًّا فِي صَلَاتِهِ وَأَمَّا «حَمْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ فِي الصَّلَاةِ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ «إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ وَمِنْهَا أَنْ يَضَعَ فِي فِيهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِحَيْثُ لَا تَمْنَعُهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ مَنَعَهُ عَنْ أَدَاءِ الْحُرُوفِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْهَا أَنْ يُتِمَّ الْقِرَاءَةَ فِي الرُّكُوعِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْ يَقْرَأَ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِيَامِ وَمِنْهَا أَنْ يَقُومَ خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ مُقْتَدِيًا بِالْإِمَامِ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقُومَ فِي خِلَالِ الصُّفُوفِ فَيُصَلِّي فَيُخَالِفَهُمْ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَمِنْهَا أَنَّهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ وَالْمَقْبَرَةِ وَعَلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى إذَا غَسَلَ مَوْضِعًا فِي الْحَمَّامِ لَيْسَ فِيهِ تِمْثَالٌ وَصَلَّى فِيهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا فِي الْمَقْبَرَةِ إذَا كَانَ فِيهَا مَوْضِعٌ آخَرُ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ قَبْرٌ وَلَا نَجَاسَةٌ وَمِنْهَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَجِّلَهُمْ عَنْ إكْمَالِ السُّنَّةِ وَمِنْهَا

وَيُكْرَهُ أَنْ يَمْكُثَ فِي مَكَانِهِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ فِي صَلَاةٍ بَعْدَهَا سُنَّةٌ إلَّا قَدْرَ مَا يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَمِنْهَا أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ أَخَذَهُ غَائِطٌ أَوْ بَوْلٌ وَإِنْ كَانَ الِاهْتِمَامُ يَشْغَلُهُ يَقْطَعُهَا وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ وَكَذَا إنْ أَخَذَهُ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» وَجَعَلَ الشَّارِحُ مُدَافَعَةَ الرِّيحِ كَالْأَخْبَثَيْنِ

ــ

[منحة الخالق]

وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مَا نَصُّهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَصْلُ السُّنَّةِ بِالْمَكْتُوبَةِ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي حَقِّ الْإِمَامِ أَشَدُّ حَتَّى يُؤَدِّيَ تَأْخِيرُهُ إلَى الْكَرَاهَةِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي وَالْمُنْفَرِدِ وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ يُسْتَحَبُّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِمُسَافِرٍ وَلِمَنْ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُمَا لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَعُلِمَ أَنَّ مَرَاتِبَ الِاسْتِحْبَابِ مُتَفَاوِتَةٌ كَمَرَاتِب السُّنَّةِ وَالْوَاجِبِ وَالْفَرْضِ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْبَاقَانِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَعْضُ الْمُسْتَحَبَّاتِ تَرْكُهَا مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا وَبَعْضُهَا غَيْرَ مَكْرُوهٍ وَمِنْهُ الْأَكْلُ يَوْمَ الْأَضْحَى فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ إلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا يُكْرَهُ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ وَالْمُرَادُ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ أَصْلًا خِلَافًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِيدِ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ خَاصٍّ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ تَنْزِيهًا الَّذِي ثَبَتَتْ كَرَاهَتُهُ بِالدَّلِيلِ يَكُونُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّيْءِ خِلَافَ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى أَعَمُّ مِنْ الْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا وَتَرْكُ الْمُسْتَحَبِّ خِلَافُ الْأَوْلَى دَائِمًا لَا مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا دَائِمًا بَلْ قَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا إنْ وُجِدَ دَلِيلُ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى إلَخْ) وَقِيلَ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ وَبِالْأَوَّلِ يُفْتَى كَذَا فِي الْفَيْضِ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِ الْحَمَّامِيِّ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ مَوْضِعُ نَزْعِ الثِّيَابِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي النَّهْرِ كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ) لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مُعَلَّلَةٌ بِالتَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيمَا كَانَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ حَلَبِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>