للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَوْنِهَا غَيْرَ مَقْرُونَةٍ بِالتَّرْكِ مَرَّةً لَكِنَّ مُطْلَقَ الْمُوَاظَبَةِ أَعَمُّ مِنْ الْمَقْرُونَةِ بِهِ أَحْيَانًا وَغَيْرَ الْمَقْرُونَةِ وَلَا دَلَالَةَ لِلْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ عَيْنًا أَوْ كَانَتْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا لَكِنَّ الْمُتَقَرِّرَ عِنْدَهُمْ الدُّعَاءُ الْمَعْرُوفُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك كَمَا سَيَأْتِي اهـ.

وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ فَلِذَا قَالُوا وَمَنْ يَقْضِي الصَّلَوَاتِ وَالْأَوْتَارَ يَقْنُتُ فِي الْأَوْتَارِ احْتِيَاطًا وَعَلَّلَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ الْوِتْرُ كَانَ عَلَيْهِ الْقُنُوتُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْوِتْرُ فَالْقُنُوتُ يَكُونُ فِي التَّطَوُّعِ وَالْقُنُوتُ فِي التَّطَوُّعِ لَا يَضُرُّ اهـ.

وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ قَضَاءَهُ لَيْسَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُؤَدَّ حَقِيقَةً بَلْ احْتِيَاطًا وَلَيْسَ هُوَ بِمُسْتَحَبٍّ قَالَ فِي مَآلِ الْفَتَاوَى وَلَوْ لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَأُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا مُتَدَارِكًا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ فَسَادُ مَا صَلَّى وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَضَى صَلَاةَ عُمُرِهِ فَإِنْ صَحَّ النَّقْلُ فَنَقُولُ كَانَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْوِتْرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِثَلَاثِ قَعَدَاتٍ اهـ.

وَفِي التَّجْنِيسِ شَكَّ فِي الْوِتْرِ وَهُوَ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ أَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ أَمْ فِي الثَّالِثَةِ يُتِمُّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَيَقْنُتُ فِيهَا لِجَوَازِ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَقُومُ فَيُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَيَقْنُتُ فِيهَا أَيْضًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَسْبُوقِ بِرَكْعَتَيْنِ فِي الْوِتْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إذَا قَنَتَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ حَيْثُ لَا يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ إذَا قَامَ إلَى الْقَضَاءِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَالْفَرْقُ أَنَّ تَكْرَارَ الْقُنُوتِ فِي مَوْضِعِهِ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ وَهَاهُنَا أَحَدُهُمَا فِي مَوْضِعِهِ وَالْآخَرُ لَيْسَ فِي مَوْضِعِهِ فَجَازَ فَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَقْنُتَ مَعَ الْإِمَامِ فَصَارَ ذَلِكَ مَوْضِعًا لَهُ فَلَوْ أَتَى بِالثَّانِي كَانَ ذَلِكَ تَكْرَارًا لِلْقُنُوتِ فِي مَوْضِعِهِ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى الْأَجْنَاسِ لَوْ شَكَّ أَنَّهُ فِي الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِقَعْدَتَيْنِ وَيَقْنُتُ فِيهِمَا احْتِيَاطًا وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَا يَقْنُتُ فِي الْكُلِّ أَصْلًا لِأَنَّ الْقُنُوتَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالْأُولَى بِدْعَةٌ وَتَرْكُ السُّنَّةِ أَسْهَلُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْبِدْعَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ الْقُنُوتَ وَاجِبٌ وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْبِدْعَةِ يَأْتِي بِهِ احْتِيَاطًا اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ قَنَتَ فِي الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ سَاهِيًا لَمْ يَقْنُتْ فِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فِي الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَ الشَّكِّ فِي كَوْنِهِ فِي مَحَلِّهِ يُعِيدُهُ لِيَقَعَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَمَعَ الْيَقِينِ بِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ أَوْلَى أَنْ يُعِيدَهُ كَمَا لَوْ قَعَدَ بَعْدَ الْأُولَى سَاهِيًا لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَقْعُدَ بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَلَعَلَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَقْنُتُ فِي الْكُلِّ أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا مِقْدَارُهُ فَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ مِقْدَارَ الْقِيَامِ فِي الْقُنُوتِ مِقْدَارُ سُورَةِ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: ١] وَكَذَا ذَكَرَ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ) أَيْ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت إلَخْ أَوْ كَانَتْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا مَعَ أَنَّ الْمُتَقَرِّرَ عِنْدَ مَنْ اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إجْحَافٌ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِ بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَلِمَاتِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْتَهُ مِنْ الْقَوْلَةِ السَّابِقَةِ وَلِحُصُولِ الْمُنَاقَضَةِ فِي قَوْلِهِ لَكِنَّ الْمُتَقَرِّرَ عِنْدَهُمْ لَوْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ صَحَّ النَّقْلُ فَنَقُولُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا مَعَ أَنَّهُ قَيَّدَ الِاسْتِحْبَابَ بِمَا إذَا كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ فَسَادُ مَا صَلَّى عَلَى أَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ الْقَعْدَةِ فِي الثَّالِثَةِ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ سِيَّمَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَتَى بِالثَّانِي إلَخْ) .

أَقُولُ: قَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ الْخِلَافَ فِيمَا يَقْضِيهِ الْمَسْبُوقُ هَلْ هُوَ أَوَّلُ الصَّلَاةِ أَوْ آخِرُهَا وَأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الْخِلَافُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْقُنُوتِ لِأَنَّ مَنْ قَالَ يَقْضِي آخِرَ صَلَاتِهِ يَقُولُ إلَّا فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَالْقُنُوتِ وَعَلَى هَذَا فَقُنُوتُهُ مَعَ الْإِمَامِ يَكُونُ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَلَوْ قَنَتَ فِيمَا يَقْضِي لَا يَكُونُ تَكْرَارًا لَهُ فِي مَوْضِعِهِ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَكَذَلِكَ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّهُ جَعَلَ مَا يَقْضِيهِ آخِرُ صَلَاتِهِ إلَّا فِي الْقِرَاءَةِ وَالْقُنُوتِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ شَرْعِيَّةَ الْقُنُوتِ أَنَّهَا هِيَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَمَا فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ أَوْ حُكْمًا فَقَطْ كَمَا فِي الْمَسْبُوقِ فَإِنَّ مَا يَقْضِيهِ الْمَسْبُوقُ بِالنَّظَرِ إلَى مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ وَمَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَهَا حَقِيقَةٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ وَبِالنَّظَرِ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ يَكُونُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَكُونُ مَا يَقْضِيهِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ تَحْقِيقًا لِلتَّبَعِيَّةِ وَتَصْحِيحًا لِلِاقْتِدَاءِ لَكِنَّهَا أَوَّلِيَّةٌ حُكْمِيَّةٌ وَيَكُونُ مَا أَدَّاهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ حَقِيقَةً عَلَى النَّظَرِ الْأَوَّلِ وَآخِرَهَا حُكْمًا عَلَى النَّظَرِ الثَّانِي وَقَدْ اُعْتُبِرَ الْحُكْمُ فِي حَقِّ الْقُنُوتِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَكْرَارِهِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا قَنَتَ مَعَ الْإِمَامِ يَكُونُ قُنُوتُهُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ حُكْمًا وَإِذَا قَنَتَ فِيمَا يَقْضِي أَيْضًا يَكُونُ فِي آخِرِهَا حَقِيقَةً فَلَزِمَ تَكْرَارُهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ آخِرُ الصَّلَاةِ

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّاكِّ فَلَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ فِيهَا لِأَنَّ أَحَدَ الْقُنُوتَيْنِ لَيْسَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَكَانَ مُقْتَضَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ تَكْرَارِهِ الْمَنْعَ وَلَكِنَّهُ أَمَرَ بِهِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْمُحِيطِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْقُنُوتَ الْوَاجِبَ هُوَ طُولُ الْقِيَامِ دُونَ الدُّعَاءِ فَمَا ذُكِرَ بَيَانٌ لِمِقْدَارِ ذَلِكَ الطُّولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>