للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَصْلِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْقُنُوتِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك، اللَّهُمَّ اهْدِنَا» وَكِلَاهُمَا عَلَى مِقْدَارِ هَذِهِ السُّورَةِ وَرُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ لَا يُطَوِّلُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ» كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

وَأَمَّا دُعَاؤُهُ فَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَدْعِيَةٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي حَالِ الْقُنُوتِ وَلِأَنَّ الْمُؤَقَّتَ مِنْ الدُّعَاءِ يَذْهَبُ بِالرِّقَّةِ كَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فَيَبْعُدُ عَنْ الْإِجَابَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤَقَّتُ فِي الْقِرَاءَةِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ أَوْلَى وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ مَا سِوَى اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَهُ وَلَوْ قَرَأَ غَيْرَهُ جَازَ وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ غَيْرَهُ كَانَ حَسَنًا وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَهُ مَا عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فِي قُنُوتِهِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت» إلَى آخِرِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ فِي الْوِتْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ رُبَّمَا يَكُونُ جَاهِلًا فَيَأْتِي بِدُعَاءٍ يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّ التَّوْقِيتَ فِي الدُّعَاءِ يَذْهَبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ مَحْمُولٌ عَلَى أَدْعِيَةِ الْمَنَاسِكِ دُونَ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي قَوْلَ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ لَمَّا ذَكَرُوا وَتَبَرُّكًا بِالْمَأْثُورِ الْوَارِدِ بِهِ الْأَخْبَارَ وَتَوَارَثَهُ الْخَلْفُ عَنْ السَّلَفِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ تَوْقِيتِهِ ثُمَّ إنَّ الدُّعَاءَ الْمَشْهُورَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يُفْجِرُك اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ لَكِنْ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْغَزْنَوِيَّةِ إنَّ عَذَابَك الْجِدُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ إلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ الْوَاوَ مِنْ نَخْلَعُ وَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهُمَا أَمَّا إثْبَاتُ الْجِدِّ فَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد وَأَمَّا إثْبَاتُ الْوَاوِ فِي وَنَخْلَعُ فَفِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ الْجِدُّ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ بِمَعْنَى الْحَقِّ وَاخْتَلَفُوا فِي مُلْحَقٌ وَصَحَّحَ الْإِسْبِيجَابِيُّ كَسْرَ الْحَاءِ بِمَعْنَى لَاحِقٌ بِهِمْ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَنَصَّ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى أَنَّهُ صَوَابٌ وَأَمَّا نَحْفِدُ فَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْحَفْدِ بِمَعْنَى السُّرْعَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّ النُّونِ يُقَالُ حَفَدَ بِمَعْنَى أَسْرَعَ وَأَحْفَدَ لُغَةً فِيهِ حَكَاهَا ابْنُ مَالِكٍ فِي فَعَلَ وَأَفْعَلَ وَصَرَّحَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ قَرَأَهَا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَعَلَّهُ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ مُهْمَلَةٌ لَا مَعْنَى لَهَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَشَايِخَ اخْتَلَفُوا فِي حَقِيقَةِ الْقُنُوتِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ عِنْدَهُ فَنُقِلَ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ شَرْحِ الْمُؤَذِّنِيِّ الْقُنُوتُ طُولُ الْقِيَامِ دُونَ الدُّعَاءِ وَعَنْ أَبِي عَمْرٍو لَا أَعْرِفُ مِنْ الْقُنُوتِ إلَّا طُولَ الْقِيَامِ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْله تَعَالَى {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} [الزمر: ٩] وَعَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ هُوَ الدُّعَاءُ دُونَ الْقِيَامِ اهـ.

وَيَنْبَغِي تَصْحِيحُهُ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقُنُوتَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ لَا يَحْفَظُهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مُخْتَارَةٍ قِيلَ يَقُولُ يَا رَبُّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ يَرْكَعُ وَقِيلَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقِيلَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ لَا فِي الْجَوَازِ وَأَنَّ الْأَخِيرَ أَفْضَلُ لِشُمُولِهِ وَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ يَجُوزُ لِمَنْ يَعْرِفُ الدُّعَاءَ الْمَعْرُوفَ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ تَوْقِيتِهِ وَأَمَّا حُكْمُهُ إذَا فَاتَ مَحَلُّهُ فَنَقُولُ إذَا نَسِيَ الْقُنُوتَ حَتَّى رَكَعَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يَعُودُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْقُنُوتُ وَإِنْ تَذَكَّرَهُ فِي الرُّكُوعِ فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْقُنُوتِ لِشَبَهِهِ بِالْقُرْآنِ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ السُّورَةَ فَتَذَكَّرَهَا فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَعُودُ وَيُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ وَالْفَرْقُ عَلَى

ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ نَقْضَ الرُّكُوعِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لَا كَمَالِهِ لِأَنَّهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إلَخْ) صَحَّحَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك) زَادَ بَعْدَهُ فِي الدُّرَرِ وَنَسْتَهْدِيك قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ كَذَا فِي الْمَنْبَعِ وَلَيْسَ فِي الْمُغْرِبِ وَلَا فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ وَذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَالْجَوْهَرِيَّةِ وَالْمِفْتَاحِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَنَسْتَغْفِرُك اهـ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الدُّعَاءِ وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْخَتْمُ عِنْدَ قَوْلِهِ مُلْحَقٌ وَلَيْسَ فِي الْمَشْهُورِ نَسْتَهْدِيك وَلَا كَلِمَةُ كُلِّهِ اهـ.

وَزَادَ فِي الدُّرَرِ أَيْضًا بَعْدَ وَنَسْتَغْفِرُك وَنَتُوبُ إلَيْك قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ كَذَا فِي الْمَنْبَعِ وَالتَّاجِيَّةِ وَلَيْسَ فِي الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ اهـ.

وَزَادَ فِي الدُّرَرِ أَيْضًا وَنَخْضَعُ لَك بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا نَكْفُرُك قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ كَذَا فِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد وَلَيْسَ فِي الْمَنْبَعِ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَنَخْلَعُ وَنَسَبَهَا أَيْضًا إلَى الْوَانِيَةِ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ نَخْنَعُ بِالنُّونِ أَيْ نَخْضَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>