للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ الْهُمَامِ هُنَا فِي الْكَلَامِ مَعَ الشَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ وَلَسْنَا بِصَدَدِهِ وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْغَايَةِ وَإِنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْقُنُوتُ عِنْدَ النَّوَازِلِ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُتْبَعُ الْمُؤْتَمُّ قَانِتَ الْوِتْرِ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَأْتِي بِهِ الْمَأْمُومُ بَلْ يُؤَمِّنُ لِأَنَّ لِلْقُنُوتِ شُبْهَةَ الْقُرْآنِ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ لَا فَأَوْرَثَ شُبْهَةً وَهُوَ لَا يَقْرَأُ حَقِيقَةَ الْقُرْآنِ فَكَذَا مَا لَهُ شُبْهَةٌ وَالْمُخْتَارُ مَا فِي الْكِتَابِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحُوهُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ حَقِيقَةً كَسَائِرِ الْأَدْعِيَةِ وَالثَّنَاءِ وَالتَّشَهُّدِ وَالتَّسْبِيحَاتِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ لِلْجُنُبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ لَا الْفَجْرِ) أَيْ لَا يَتْبَعُ الْمُؤْتَمُّ الْإِمَامَ الْقَانِتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُتَابِعُهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ وَالْقُنُوتُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَلَهُمَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَبَّرَ خَمْسًا فِي الْجِنَازَةِ حَيْثُ لَا يُتَابِعُهُ فِي الْخَامِسَةِ وَإِذَا لَمْ يُتَابِعْهُ فِيهِ فَقِيلَ يَقْعُدُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ لِأَنَّ السَّاكِتَ شَرِيكُ الدَّاعِي بِدَلِيلِ مُشَارَكَةِ الْإِمَامِ فِي الْقِرَاءَةِ وَإِذَا قَعَدَ فُقِدَتْ الْمُشَارَكَةُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَقْعُدُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ وَهِيَ مُفْسِدَةٌ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيمَا هُوَ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ مَفْسَدَةٌ لَا فِي غَيْرِهَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ

وَالْأَظْهَرُ وُقُوفُهُ سَاكِتًا وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ يَشْتَمِلُ عَلَى مَشْرُوعٍ وَغَيْرِهِ فَمَا كَانَ مَشْرُوعًا يَتْبَعُهُ فِيهِ وَمَا كَانَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ لَا يَتْبَعُهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ طُولَ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ فَلَا يُتَابِعُهُ فِيهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّفْعَوِيَّةِ وَإِذَا عَلِمَ الْمُقْتَدِي مِنْهُ مَا يَزْعُمُ بِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِ كَالْفَصْدِ وَغَيْرِهِ لَا يُجْزِئُهُ اهـ.

وَوَجْهُ دَلَالَتِهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ يَصِحَّ اخْتِلَافُ عُلَمَائِنَا فِي أَنَّهُ يَسْكُتُ أَوْ يُتَابِعُهُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهَا بِالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا عُرِفَ مِنْ وُجُوبِ حَذْفِ يَاءِ النَّسَبِ إذَا نُسِبَ إلَى مَا هِيَ فِيهِ وَوَضْعِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مَكَانَهَا حَتَّى تَتَّحِدَ الصُّورَةُ قَبْلَ النِّسْبَةِ الثَّانِيَةِ وَبَعْدَهَا وَالتَّمْيِيزُ حِينَئِذٍ مِنْ خَارِجٍ فَالْيَاءُ الْمُشَدَّدَةُ فِيهِ يَاءُ النِّسْبَةِ لَا آخِرُ الْكَلِمَةِ كَكُرْسِيٍّ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ بَنُو شَافِعٍ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَبْدِ مَنَافٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ الْفَقِيهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْ قَالَ فِي نِسْبَتِهِ الشَّفْعَوِيُّ فَهُوَ عَامِّيٌّ وَحَقُّهُ أَنْ يُقَالَ بِالشَّافِعِيِّ الْمَذْهَبِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ جَوَّزَ الِاقْتِدَاءَ بِالشَّافِعِيِّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْلَمَ الْمُقْتَدِي مِنْهُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ فِي رَأْيِ الْمُقْتَدِي كَالْفَصْدِ وَنَحْوِهِ وَعَدَدِ مَوَاضِعِ عَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي الْعِنَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ بِقَوْلِهِ كَمَا إذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ الْفَصْدِ وَالْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ وَكَمَا إذَا كَانَ شَاكًّا فِي إيمَانِهِ بِقَوْلِهِ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ مُتَوَضِّئًا مِنْ الْقُلَّتَيْنِ أَوْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ لَمْ يَغْسِلْ ثَوْبَهُ مِنْ الْمَنِيِّ وَلَمْ يَفْرُكْهُ أَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ إلَى الْيَسَارِ أَوْ صَلَّى الْوِتْرَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَةٍ أَوْ لَمْ يُوتِرْ أَصْلًا أَوْ قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَوْ صَلَّى فَرْضَ الْوَقْتِ مَرَّةً ثُمَّ أَمَّ الْقَوْمَ فِيهِ زَادَ فِي النِّهَايَةِ وَأَنْ لَا يُرَاعِيَ

ــ

[منحة الخالق]

إذَا وَقَعَتْ نَازِلَةٌ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا يَقْنُتُ عِنْدَنَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي غَيْرِ بَلِيَّةٍ أَمَّا إذَا وَقَعَتْ فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ.

وَلَعَلَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ لِيَنْظُرَ هَلْ الْقُنُوتُ لِلنَّازِلَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ وَظَاهِرُ حَمْلِهِمْ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْفَجْرِ عَلَى النَّازِلَةِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ ثُمَّ رَأَيْت الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي مَرَاقِي الْفَلَاحِ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَاسْتَظْهَرَ الْحَمَوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ الْأَوَّلَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَظْهَرُ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَتْبَعُ الْمُؤْتَمُّ قَانِتَ الْوِتْرِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ شَافِعِيًّا يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْفَجْرِ مَعَ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُتَابِعُهُ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا بِيَقِينٍ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَفِي الشرنبلالية لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقْنُتُ بِاَللَّهُمِ اهْدِنَا وَالْحَنَفِيُّ بِاَللَّهُمِ إنَّا نَسْتَعِينُك فَمَا يَفْعَلُهُ فَلْيُنْظَرْ اهـ.

قَالَ فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ فِي مُطْلَقِ الْقُنُوتِ لَا فِي خُصُوصِ مَا قَنَتَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَبْدَ الْحَيِّ ذَكَرَ طِبْقَ مَا فَهِمْته اهـ.

عَلَى أَنَّهُ قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ) قَالَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ النَّوَازِلِ وَأَمَّا عِنْدَ النَّوَازِلِ فِي الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَابِعَهُ عِنْدَ الْكُلِّ لِأَنَّ الْقُنُوتَ فِيهَا عِنْدَ النَّوَازِلِ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ عَلَى مَا هُوَ التَّحْقِيقُ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا فِي الْقُنُوتِ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ عِنْدَ النَّوَازِلِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَلَا يُتَابِعُهُ عِنْدَ الْكُلِّ فَإِنَّ الْقُنُوتَ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ مَنْسُوخٌ عِنْدَنَا اتِّفَاقًا اهـ.

فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ نَسْخُ عُمُومِ الْحُكْمِ لَا نَسْخُ الْحُكْمِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ السَّاكِتَ شَرِيكُ الدَّاعِي) قَالَ فِي الْفَتْحِ مُشْتَرِكُ الْإِلْزَامِ فَإِنَّ الْجَالِسَ أَيْضًا سَاكِتٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ مُشَارَكَتَهُ الدَّاعِيَ بِحَالِ مُوَافَقَتِهِ فِي خُصُوصِ هَيْئَةِ الدَّاعِي لَكِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مُشَارِكًا إذَا رَفَعَ يَدَهُ مِثْلَهُ لِأَنَّهَا مِنْ هَيْئَةِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يُلْغِيَ ذَلِكَ وَيُقَالُ مُجَرَّدُ الْوُقُوفِ خَلْفَ الدَّاعِي الْوَاقِفِ سَاكِتًا يُعَدُّ شَرِكَةً لَهُ فِي ذَلِكَ عُرْفًا رَفَعَ يَدَيْهِ مِثْلَهُ أَوْ لَا وَهُوَ حَقٌّ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُوتِرْ أَصْلًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ عَدَمُ مُرَاعَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>