للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّرْتِيبَ فِي الْفَوَائِتِ وَأَنْ لَا يَمْسَحَ رُبُعَ رَأْسِهِ وَزَادَ قَاضِي خَانْ وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَصِّبًا وَالْكُلُّ ظَاهِرٌ مَا عَدَا خَمْسَةَ أَشْيَاءَ الْأَوَّلُ مَسْأَلَةُ التَّوَضُّؤِ مِنْ الْقُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَقَعْ فِي الْمَاءِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَخْتَلِطْ بِمُسْتَعْمَلٍ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَهُمْ بِالْقُلَّتَيْنِ الْمُتَنَجِّسِ مَاؤُهُمَا أَوْ الْمُسْتَعْمَلِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ لَا مُطْلَقًا الثَّانِي مَسْأَلَةُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْفَسَادَ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعَ الرَّأْسِ مِنْهُ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ رَوَاهَا مَكْحُولٌ النَّسَفِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ رِوَايَةً وَدِرَايَةً لِأَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْمُفْسِدِ لَهَا مَا لَوْ رَآهُ شَخْصٌ مِنْ بَعِيدٍ ظَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ لَا مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ وَلِأَنَّ وَضْعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيِّ وَبَقَائِهِ إلَى وَقْتِ الْقُنُوتِ حَتَّى اخْتَلَفُوا هَلْ يُتَابِعُهُ فِيهِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مَعَ وُجُودِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثِ الثَّانِي أَنَّ الْفَسَادَ عِنْدَ الرُّكُوعِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ الِابْتِدَاءِ مَعَ أَنَّ عُرُوضَ الْبُطْلَانِ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ حَتَّى يُجْعَلَ كَالْمُتَحَقِّقِ عِنْدَ الشُّرُوعِ لِأَنَّ الرَّفْعَ جَائِزُ التَّرْكِ عِنْدَهُمْ لِسُنِّيَّتِهِ الثَّالِثُ مَسْأَلَةُ الِانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ إلَى الْيَسَارِ لِأَنَّ الِانْحِرَافَ الْمَانِعَ عِنْدَنَا أَنْ يُجَاوِزَ الْمَشَارِقَ إلَى الْمَغَارِبِ كَمَا نَقَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لَا يَنْحَرِفُونَ هَذَا الِانْحِرَافَ الرَّابِعُ مَسْأَلَةُ التَّعَصُّبِ وَهُوَ تَعَصُّبٌ لِأَنَّ التَّعَصُّبَ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ مِنْهُمْ إنَّمَا يُوجِبُ الْفِسْقَ لَا الْكُفْرَ وَالْفِسْقُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ

وَالظَّاهِرُ مِنْ الشَّارِطِينَ لِعَدَمِهِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْكُفْرَ لِكَوْنِهِ فِي الدِّينِ وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى الْخَامِسُ مَسْأَلَةُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ فَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَتَهُمْ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ إلَى تَكْفِيرِ مَنْ قَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِأَنْ يَكُونَ شَاكًّا فِي إيمَانِهِ وَمِنْهُمْ الْأَتْقَانِيُّ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَصَرَّحَ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَرْفَعُ إيمَانَهُ فَيَبْقَى بِلَا إيمَانٍ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الْمَوَاعِظِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ سُئِلَ عَمَّنْ يُسْتَثْنَى فِي الْإِيمَانِ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ قَالَ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: ٤] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء: ١٥١] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ} [النساء: ١٤٣] فَمَنْ قَالَ بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِيمَانِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُذَبْذَبِينَ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ مَنْ قَالَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ لَا تَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ مَعَهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَفْصٍ فِي فَوَائِدِهِ لَا يَنْبَغِي لِلْحَنَفِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ مِنْ رَجُلٍ شَفْعَوِيِّ الْمَذْهَبِ وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَلَكِنْ يَتَزَوَّجُ بِنْتَهمْ زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَنْزِيلًا لَهُمْ مَنْزِلَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ اهـ.

وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى تَكْفِيرِ مَنْ شَكَّ مِنْهُمْ فِي إيمَانِهِ بِقَوْلِهِ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ الْحَقُّ لِأَنَّهُ لَا مُسْلِمَ يَشُكُّ فِي إيمَانِهِ وَقَوْلُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى أَنَّهُ يَكْفُرُ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يُقَالُ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِلشَّكِّ فِي ثُبُوتِهِ لِلْحَالِ بَلْ ثُبُوتُهُ فِي الْحَالِ مَجْزُومٌ بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي الْمُسَايَرَةِ وَإِنَّمَا مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِهِ لِقَصْدِ إيمَانِ الْمُوَافَاةِ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إلَى مَنْعِهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَأَجَازَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ لِأَنَّ بَقَاءَهُ إلَى الْوَفَاةِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِإِيمَانِ الْمُوَافَاةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي النَّجَاةِ كَانَ هُوَ الْمَلْحُوظُ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ فِي رَبْطِهِ بِالْمَشِيئَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مُسْتَقْبَلٌ فَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهِ اتِّبَاعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٤] وَقَالَ أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ التَّرْكِيبِ الْإِخْبَارُ بِقِيَامِ الْإِيمَانِ بِهِ فِي الْحَالِ مَعَ اقْتِرَانِ كَلِمَةِ الِاسْتِثْنَاءِ بِهِ كَانَ تَرْكُهُ أَبْعَدَ عَنْ التُّهْمَةِ فَكَانَ تَرْكُهُ وَاجِبًا وَأَمَّا مَنْ عُلِمَ قَصْدُهُ فَرُبَّمَا تَعْتَادُ النَّفْسُ التَّرَدُّدَ لِكَثْرَةِ إشْعَارِهَا بِتَرَدُّدِهَا فِي ثُبُوتِ الْإِيمَانِ

ــ

[منحة الخالق]

التَّرْتِيبِ أَيْ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي الْفَجْرِ مَثَلًا إنْ كَانَ لَمْ يُوتِرْ وَلَكِنْ يَتَكَرَّرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يُرَاعِيَ التَّرْتِيبَ فَلْيُتَأَمَّلْ مَا الْمُرَادُ (قَوْلُهُ وَالشَّافِعِيَّةِ لَا يَنْحَرِفُونَ هَذَا الِانْحِرَافَ) .

أَقُولُ: بَلْ لَا يَنْحَرِفُونَ أَصْلًا لِأَنَّ مَذْهَبَهُمْ أَضْيَقُ مِنْ مَذْهَبِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِوُجُوبِ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ عِنْدَهُمَا وَغَايَةُ مَا يَفْعَلُونَهُ أَنَّهُمْ يَضَعُونَ الْيَدَيْنِ عَلَى مَا يُحَاذِي الْقَلْبَ مِنْ جِهَةِ الْيَسَارِ وَبِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ انْحِرَافٌ أَصْلًا لِأَنَّهُ بِالصَّدْرِ وَالْوَجْهِ لَا بِالْيَدَيْنِ وَأَفَادَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمُرَادَ انْحِرَافُهُمْ إذَا اجْتَهَدُوا فِي الْقِبْلَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَحَارِيبِ الْقَدِيمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ لَا عِنْدَنَا فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْمِحْرَابِ الْقَدِيمِ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>