للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَجْرِ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَطَوُّعٌ فَتَتَأَدَّى بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ اهـ.

لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ الْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَنُوبُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَفِيهَا أَيْضًا عَنْ مُتَفَرِّقَاتِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ رَجُلٌ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي اللَّيْلِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ تُحْتَسَبُ عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عِنْدَهُمَا وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ وَبِهِ يُفْتَى اهـ.

وَرَدَّهُ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تَنُوبُ عَنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ كَمَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ سِتًّا وَقَدْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ لَا تَنُوبُ الرَّكْعَتَانِ عَنْ رَكْعَتَيْ السُّنَّةِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ كَذَا هَذَا وَهَذَا لِأَنَّ السُّنَّةَ مَا وَاظَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا وَمُوَاظَبَتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَتْ بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالسُّنَّةُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثَلَاثٌ أَحَدُهَا أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِخْلَاصَ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا فِي بَيْتِهِ وَإِلَّا فَعَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْجِدِ الشَّتْوِيِّ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ أَوْ عَكْسُهُ إنْ كَانَ يَرْجُو إدْرَاكَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ وَاحِدًا يَأْتِي بِهِمَا فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يُصَلِّيهِمَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ مُخَالِفًا لِلْجَمَاعَةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ يُكْرَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهَةِ وَلَا يُطَوِّلُ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا وَلَوْ تَذَكَّرَ فِي الْفَجْرِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَمْ يَقْطَعْ اهـ

وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ إمَامٌ يُصَلِّي الْفَجْرَ فِي الْمَسْجِدِ الدَّاخِلِ فَجَاءَ رَجُلٌ يُصَلِّي الْفَجْرَ فِي الْمَسْجِدِ الْخَارِجِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ بِدَلِيلِ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ لِمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْخَارِجِ بِمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الدَّاخِلِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يَفْعَلَ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ إذَا لَمْ يَسَعْ وَقْتُ الْفَجْرِ إلَّا الْوِتْرَ وَالْفَجْرَ أَوْ السُّنَّةَ وَالْفَجْرَ فَإِنَّهُ يُوتِرُ وَيَتْرُكُ السُّنَّةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا السُّنَّةُ أَوْلَى مِنْ الْوِتْرِ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ الطُّلُوعِ فَالسُّنَّةُ آخِرُهُمَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمَكْتُوبَةِ وَلَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا صَلَاةٌ وَالسُّنَّةُ مَا تُؤَدَّى مُتَّصِلًا بِالْمَكْتُوبَةِ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ وَاخْتُلِفَ فِي آكَدِ السُّنَنِ بَعْدَ سُنَّةِ الْفَجْرِ فَقِيلَ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالرَّكْعَتَانِ بَعْدَهُ وَالرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ كُلُّهَا سَوَاءٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ آكَدُ اهـ.

وَهَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَالنِّهَايَةِ لِأَنَّ فِيهَا وَعِيدًا مَعْرُوفًا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ تَرَكَ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ لَمْ تَنَلْهُ شَفَاعَتِي» وَفِي التَّجْنِيسِ وَالنَّوَازِلِ وَالْمُحِيطِ رَجُلٌ تَرَكَ سُنَنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إنْ لَمْ يَرَ السُّنَنَ حَقًّا فَقَدْ كَفَرَ لِأَنَّهُ تَرَكَ اسْتِخْفَافًا وَإِنْ رَأَى حَقًّا مِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَأْثَمُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَأْثَمُ لِأَنَّهُ جَاءَ الْوَعِيدُ بِالتَّرْكِ اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الْإِثْمَ مَنُوطٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي قَالَ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ» اهـ.

وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ فِي الْإِثْمِ بِالتَّرْكِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ كَثِيرًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ هُنَا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ وَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ وَهُوَ أَحْوَطُ اهـ وَبِأَنَّ حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ كَانَ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ شُرِعَ بَعْدَهُ أَشْيَاءُ كَالْوِتْرِ فَجَازَ أَنْ تَكُونَ السُّنَنُ الْمُؤَكَّدَةُ كَذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا وَفِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالسُّنَّةِ الْأَوْرَادَ وَفِي شَرْحِ الشَّهِيدِ الْقِيَامُ إلَى السُّنَّةِ مُتَّصِلًا بِالْفَرْضِ مَسْنُونٌ وَفِي الشَّافِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ) فِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّاتِبَةَ لَا تَتَأَدَّى إلَّا بِالتَّعْيِينِ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ وَإِنْ كَانَ الْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا مَرَّ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَشْهَدُ أَنَّ السُّنَّةَ تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ اهـ.

وَالْإِشَارَةُ إلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي صَحَّحَهَا صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ فِي التَّجْنِيسِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَتَرْجِيحُ التَّجْنِيسِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْجُهٌ أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا (قَوْلُهُ فَجَاءَ رَجُلٌ يُصَلِّي الْفَجْرَ) أَيْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عِبَارَةِ التَّجْنِيسِ (قَوْلُهُ فَالسُّنَّةُ آخِرُهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ إيلَاؤُهُمَا لِلْفَرْضِ وَقَبْلَ تَقْدِيمِهِمَا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَجَزَمَ فِي الْخُلَاصَةِ بِهِ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي كَوْنُ السُّنَّةِ أَوَّلَهُمَا اهـ. (خَاتِمَةٌ) فِي الْمُوَطَّإِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا رَكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ اضْطَجَعَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا شَأْنُهُ فَقَالَ نَافِعٌ قُلْت يَفْصِلُ بَيْنَ صَلَاتِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَأَيُّ فَصْلٍ أَفْضَلُ مِنْ السَّلَامِ قَالَ مُحَمَّدٌ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ نَأْخُذُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.

كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ وَاخْتُلِفَ فِي آكَدِ السُّنَنِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي أَقْوَى السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا لَا تَجُوزُ مَعَ الْقُعُودِ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِقَوْلِهِ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلُّوهَا وَلَوْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ» ثُمَّ الْآكَدُ بَعْدَهَا قِيلَ رَكْعَتَا الْمَغْرِبِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ آكَدُ بَعْدَ سُنَّةِ الْفَجْرِ ثُمَّ الْبَاقِي عَلَى السَّوَاءِ وَقَدْ نَقَلَ مِثْلَهُ فِي النَّهْرِ ثُمَّ قَالَ وَصَحَّحَهُ يَعْنِي الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْأَصَحِّ الْمُحْسَنِ وَقَدْ أَحْسَنَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>