للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ قَدْرَ مَا يَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ وَإِلَيْك يَعُودُ السَّلَامُ تَبَارَكَتْ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»

وَكَذَلِكَ عَنْ الْبَقَّالِيِّ وَلَمْ يَمُرَّ بِي لَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ هَلْ تَسْقُطُ السُّنَّةُ قِيلَ تَسْقُطُ وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ وَلَكِنَّ ثَوَابَهُ أَنْقَصُ مِنْ ثَوَابِهِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ الْكَلَامُ بَعْدَ الْفَرْضِ لَا يُسْقِطُ السُّنَّةَ وَلَكِنْ يَنْقُصُ ثَوَابُهُ وَكُلُّ عَمَلٍ يُنَافِي التَّحْرِيمَةَ أَيْضًا وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَوْ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوْ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ السُّنَّةَ أَمَّا بِأَكْلِ لُقْمَةٍ أَوْ شَرْبَةٍ لَا تَبْطُلُ السُّنَّةُ اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى وَفِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَلَا يَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ النَّوَافِلِ اهـ.

وَصَحَّحَ فِي فَتَاوَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِمَا فِي الْكُلِّ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَالدَّلِيلُ عَلَى اسْتِنَانِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَرْفُوعًا «مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا» مَعَ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْكَعُ مِنْ قَبْلِ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ» وَعَلَى اسْتِنَانِ الْأَرْبَعِ بَعْدَهَا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا» وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَ يَمْكُثُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مِقْدَارَ مَا يُصَلِّي أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالتَّجْنِيسِ وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَالْأَفْضَلُ عِنْدَنَا أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْقُنْيَةِ صَلَّى الْفَرِيضَةَ وَجَاءَ الطَّعَامُ فَإِنْ ذَهَبَ حَلَاوَةُ الطَّعَامِ أَوْ بَعْضُهَا يَتَنَاوَلُ ثُمَّ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ وَإِنْ خَافَ الْوَقْتَ يَأْتِي بِالسُّنَّةِ ثُمَّ يَتَنَاوَلُ الطَّعَامَ وَلَوْ نَذَرَ بِالسُّنَنِ وَأَتَى بِالْمَنْذُورِ بِهِ فَهُوَ السُّنَّةُ وَقَالَ تَاجُ الدِّينِ أَبُو صَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ لِأَنَّهُ لَمَّا الْتَزَمَهَا صَارَتْ أُخْرَى فَلَا تَنُوبُ مَنَابَ السُّنَّةِ وَلَوْ أَخَّرَ السُّنَّةَ بَعْدَ الْفَرْضِ ثُمَّ أَدَّاهَا فِي آخِرِ الْوَقْتِ لَا تَكُونُ سُنَّةً وَقِيلَ تَكُونُ سُنَّةً اهـ.

وَالْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ أَدَاؤُهَا فِي الْمَنْزِلِ إلَّا التَّرَاوِيحَ وَقِيلَ إنَّ الْفَضِيلَةَ لَا تَخْتَصُّ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ كُلُّ مَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاءِ وَأَجْمَعَ لِلْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ فَهُوَ أَفْضَلُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي سُنَّةِ الْمَغْرِبِ إنْ خَافَ لَوْ رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ شَغَلَهُ شَأْنٌ آخَرُ يَأْتِي بِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ صَلَّاهَا فِي الْمَنْزِلِ وَكَذَا فِي سَائِرِ السُّنَنِ حَتَّى الْجُمُعَةِ وَالْوِتْرُ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَبَعْدَهَا وَالسِّتُّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ) بَيَانٌ لِلْمَنْدُوبِ مِنْ النَّوَافِلِ أَمَّا الْأَرْبَعُ قَبْلَ الْعَصْرِ فَلِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ» فَلِذَا خَيَّرَهُ فِي الْأَصْلِ بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَبَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ رُبَّمَا يَدَّعِي عَدَمَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا بِحَمْلِ قَوْلِهِ يُعِيدُ السُّنَّةَ أَيْ لِتَلَافِي النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِالِاشْتِغَالِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ بِأَكْلِ لُقْمَةٍ أَوْ شَرْبَةٍ لَا تَبْطُلُ السُّنَّةُ أَيْ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهَا إذْ حَقِيقَةُ الْبُطْلَانِ بَعِيدَةٌ لِعَدَمِ الْمُنَافِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَفِيمَا بَعْدَ الْأُولَيَيْنِ اُكْتُفِيَ بِالْفَاتِحَةِ أَنَّ مَا ذَكَرَ مُسَلَّمٌ فِيمَا قَبْلَ الظُّهْرِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ بِالِانْتِقَالِ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي مِنْهَا وَلَوْ أَفْسَدَهَا قَضَى أَرْبَعًا وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِمَنْزِلَتِهَا وَأَمَّا الْأَرْبَعُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ هِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ السُّنَنِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُثْبِتُوا لَهَا تِلْكَ الْأَحْكَامَ الْمَذْكُورَةَ اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ هَذِهِ السُّنَنَ الثَّلَاثَ وَفَرَّعَ عَلَيْهَا تِلْكَ الْأَحْكَامَ

(قَوْلُهُ وَعَلَى اسْتِنَانِ الْأَرْبَعِ بَعْدَهَا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إلَخْ) الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ وَالثَّانِي عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَقُلْنَا بِالسُّنَّةِ مُؤَكَّدَةً جَمْعًا بَيْنَهُمَا كَذَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَفِي الشرنبلالية وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الدُّرَرِ أَنَّ حُكْمَ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ كَالَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ الْعُذْرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنْ عَجَّلَ بِك شَيْءٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْنِ إذَا رَجَعْت» ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْبُرْهَانِ فِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى ثُبُوتِ الْأَرْبَعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ يُصَلِّي سِتًّا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَرْبَعًا وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يُصَلِّي بَعْدَهَا سِتًّا أَرْبَعًا ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَالطَّحَاوِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَعَلَى هَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَصْلُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنً تَقْدِيمِ الْأَرْبَعِ وَبَيْنَ تَقْدِيمِ الْمَثْنَى وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الْأَرْبَعِ كَيْ لَا يَصِيرَ مُتَطَوِّعًا بَعْدَ الْفَرْضِ مِثْلَهَا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>