للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَوْمٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ صَلَاةٌ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا فِعْلُ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ كَأَنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ كَلَّمْت فُلَانًا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْوَفَاءِ بِهِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ عَنْ غَيْرِهِ وَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ ثُمَّ فِي الْمُعَلَّقِ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ الْمُضَافِ كَأَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي غَدٍ فَصَلَّى الْيَوْمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا فِي الْحَالِ بَلْ عِنْدَ الشَّرْطِ وَالْمُضَافُ يَنْعَقِدُ فِي الْحَالِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ وَأَوْضَحْنَاهُ فِي لُبِّ الْأُصُولِ

وَلَوْ عَيَّنَ مَكَانًا فَصَلَّى فِيمَا هُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ أَوْ دُونَهُ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ فِي الثَّانِي وَذَكَرَ فِي الْمُصَفَّى أَنَّ أَقْوَى الْأَمَاكِنِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ثُمَّ مَسْجِدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ الْجَامِعُ ثُمَّ مَسْجِدُ الْحَيِّ ثُمَّ الْبَيْتُ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ بَعْدَ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَسْجِدَ قُبَاءَ ثُمَّ الْأَقْدَمَ فَالْأَقْدَمَ ثُمَّ الْأَعْظَمَ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ مُخْتَصَّةٌ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَانَ فِي زَمَانِهِ دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ بَعْدَهُ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِنَاءُ هَذَا الْمَسْجِدِ فِي حُكْمِهِ فِي الْفَضِيلَةِ تَشْرِيفًا لَهُ وَهِيَ كَانَتْ مِنْ فِنَائِهِ قَبْلَ أَنْ تُجْعَلَ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَفِي عِدَّةِ الْمُفْتِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مَرِيضٌ قَالَ إنْ شَفَانِي اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنْ أَقْدِرَ فَأُصَلِّي رَكْعَةً فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ هَكَذَا إلَى أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَقَدَرَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ انْتَهَى وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى دِرْهَمٌ وَبِالثَّانِيَةِ دِرْهَمَانِ وَبِالثَّالِثَةِ ثَلَاثَةٌ وَبِالرَّابِعَةِ أَرْبَعَةٌ فَالْجُمْلَةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَفِي الْقُنْيَةِ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاةً فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ يَتَعَيَّنُ وَلَوْ فَاتَ يَقْضِيهَا كَالصَّوْمِ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ يُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ وَيَسْتَفْتِحُ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَفْسَدَهُ بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَهُ) يَعْنِي فَيَلْزَمُهُ الشَّفْعُ الثَّانِي إنْ أَفْسَدَهُ بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ وَالشُّرُوعِ فِي الثَّانِي وَالشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَقَطْ إنْ أَفْسَدَهُ قَبْلَ الْقُعُودِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِتَحْرِيمَةِ النَّفْلِ أَكْثَرُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا إلَّا بِعَارِضِ الِاقْتِدَاءِ وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ رُجُوعَ أَبِي يُوسُفَ إلَى قَوْلِهِمَا فَهُوَ بِاتِّفَاقِهِمْ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِسَبَبِ الشُّرُوعِ لَمْ يَثْبُتْ وَضْعًا بَلْ لِصِيَانَةِ الْمُؤَدِّي وَهُوَ حَاصِلٌ بِتَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا تَلْزَمُ الزِّيَادَةُ بِلَا ضَرُورَةِ قَيْدٍ بِقَوْلِهِ نَوَى أَرْبَعًا لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ وَلَمْ يَنْوِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا رَكْعَتَانِ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِالشُّرُوعِ لِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَوَى أَرْبَعًا لَزِمَهُ أَرْبَعٌ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لِأَنَّ سَبَبُ الْوُجُوبِ فِيهِ هُوَ النَّذْرُ بِصِيغَتِهِ وَضْعًا وَأَطْلَقَ فِي النَّفْلِ فَشَمَلَ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ فَلَا يَجِبُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا إلَّا رَكْعَتَانِ حَتَّى لَوْ قَطَعَهَا قَضَى رَكْعَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهَا نَفْلٌ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا فِي التَّطَوُّعِ فَفِي السُّنَّةِ أَوْلَى وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ اخْتَارَ قَوْلَهُ فِي السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ بِدَلِيلِ الْأَحْكَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَفْتِحُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ فَانْتَقَلَ إلَى الشَّفِيعِ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَكَذَا الْمُخَيَّرَةُ وَتَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّبْيِينِ وَالْبَدَائِعِ الِاتِّفَاقُ عَلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَخْتَصَّ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَتَنْعَكِسُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مُسَلَّمَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَلِذَا اخْتَارَ ابْنُ الْفَضْلِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَنَصَّ صَاحِبُ النِّصَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَطَعَ سُنَّةَ الظُّهْرِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَشَرَعَ فِي الْفَرْضِ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ بِالشُّرُوعِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْفَرْضِ انْتَهَى

وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا إلَّا بِعَارِضِ الِاقْتِدَاءِ لِأَنَّ الْمُتَطَوِّعَ لَوْ اقْتَدَى بِمُصَلِّي الظُّهْرِ ثُمَّ قَطَعَهَا فَإِنَّهُ يَقْضِي أَرْبَعًا سَوَاءٌ اقْتَدَى بِهِ فِي أَوَّلِهَا أَوْ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ الْتَزَمَ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَهِيَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَدْ عَلِمْت رُجُوعَهُ فَالْخِلَافُ لَيْسَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ بَلْ اخْتِيَارٌ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ وَعَزَاهُ فِي الدِّرَايَةِ لِلْفَضْلِيِّ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْأَرْبَعِ بَيْنَ نِيَّتِهَا أَوْ لَا لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّبْيِينِ وَالْبَدَائِعِ إلَخْ) أَقُولُ: نَعَمْ مَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ ظَاهِرُهُ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا فِي الْبَدَائِعِ فَلَا بَلْ ظَاهِرُهُ الْخِلَافُ فَإِنَّهُ قَالَ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ اخْتَارَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا يُؤَدِّي مِنْ الْأَرْبَعِ مِنْهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ وَقَالُوا لَوْ قَطَعَهَا يَقْضِي أَرْبَعًا وَلَوْ أَخْبَرَ بِالْبَيْعِ فَانْتَقَلَ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَيَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>