للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَعِيفًا كَعَدَمِ التَّرْتِيبِ لَا يَسْتَتْبِعُ وَفَرَّعُوا عَلَى ذَلِكَ فَرْعَيْنِ أَحَدُهُمَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ ذَاكِرًا لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْعَصْرِ لِأَنَّ فَسَادَ الظُّهْرِ قَوِيٌّ لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ فَأَوْجَبَ فَسَادَ الْعَصْرِ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ ثَانِيهِمَا لَوْ صَلَّى هَذِهِ الظُّهْرَ بَعْدَ هَذِهِ الْعَصْرِ وَلَمْ يُعِدْ الْعَصْرَ حَتَّى صَلَّى الْمَغْرِبَ ذَاكِرًا لَهَا فَالْمَغْرِبُ صَحِيحَةٌ إذَا ظَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ لِأَنَّ فَسَادَ الْعَصْرِ ضَعِيفٌ لِقَوْلِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ بِعَدَمِهِ فَلَا يَسْتَتْبِعُ فَسَادَ الْمَغْرِبِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ لَهُ أَصْلًا فَقَالَ إذَا صَلَّى وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُجْزِئُهُ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ الْفَائِتَةُ وَجَبَ إعَادَتُهَا بِالْإِجْمَاعِ أَعَادَ الَّتِي صَلَّى وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَنَا وَفِي قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْفَرْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَعَلَّلَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ لِلْفَرْعِ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ كَوْنُ الْفَائِتَةِ مَتْرُوكَةً بِيَقِينٍ فَلَمْ يَتَنَاوَلُهَا النَّصُّ الْمُقْتَضِي لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمَتْرُوكِ بِيَقِينٍ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا كَلَامَ فِيهَا أَصْلًا وَأَنَّ ظَنَّهُ مُعْتَبَرٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْفَائِتَةُ وَجَبَ إعَادَتُهَا بِالْإِجْمَاعِ أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُهُ اجْتِهَادُ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا فَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَلَا عِبْرَةَ بِرَأْيِهِ الْمُخَالِفِ لِمَذْهَبِ إمَامِهِ فَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا لِلشَّافِعِيِّ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْعَصْرِ أَيْضًا

وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا لَيْسَ لَهُ مَذْهَبٌ مُعَيَّنٌ فَمَذْهَبُهُ فَتْوَى مُفْتِيهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنْ أَفْتَاهُ حَنَفِيٌّ أَعَادَ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَإِنْ أَفْتَاهُ شَافِعِيٌّ فَلَا يُعِيدُهُمَا وَلَا عِبْرَةَ بِرَأْيِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَفْتِ أَحَدًا وَصَادَفَ الصِّحَّةَ عَلَى مَذْهَبٍ مُجْتَهِدٍ أَجْزَأَهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ مُعَزِّيًا إلَى الْفَتَاوَى الصُّغْرَى رَجُلٌ يَرَى التَّيَمُّمَ إلَى الرُّسْغِ وَالْوِتْرَ رَكْعَةً ثُمَّ رَأَى التَّيَمُّمَ إلَى الْمِرْفَقِ وَالْوِتْرَ ثَلَاثًا لَا يُعِيدُ مَا صَلَّى وَإِنْ فَعَلَ عَنْ جَهْلٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا ثُمَّ سَأَلَ فَأَمَرَ بِالثَّلَاثِ يُعِيدُ مَا صَلَّى شَفْعَوِيُّ الْمَذْهَبِ إذَا صَارَ حَنَفِيًّا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا كَلَامَ فِيهِ أَصْلًا) رَدَّ لِمَا فِي الْكَشْفِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا إلَخْ رَدٌّ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِرَأْيِهِ الْمُخَالِفِ لِمَذْهَبِ إمَامِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ كَوْنُ هَذَا الظَّنِّ لَا عِبْرَةَ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِرَأْيِ إمَامِهِ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ وَكَيْفَ يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ وَقَدْ اعْتَبَرَهُ وَحِينَئِذٍ فَإِفْتَاءُ الْحَنَفِيِّ بِإِعَادَةِ الْمَغْرِبِ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ صِحَّةِ الْمَغْرِبِ حِينَ ظَنِّهِ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ هُوَ مَذْهَبُ إمَامِهِ لِأَنَّهُ قَدْ اعْتَبَرَ ظَنَّهُ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ فَالْإِفْتَاءُ بِعَدَمِهَا مُخَالِفٌ لَهُ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا هَذَا مَعْنَى كَلَامِ النَّهْرِ وَبِهِ سَقَطَ قَوْلُ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ النَّهْرِ فِيهِ كَلَامٌ إذْ الْفَرْضُ كَوْنُهُ مُقَلِّدًا وَعَمَلُهُ بِرَأْيِهِ خُرُوجٌ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ مِنْ التَّقْلِيدِ فَلَا يُعْتَبَرُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَيْفَ يَكُونُ إلَخْ لَا يَظْهَرُ مَعْنًى صَحِيحٌ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ.

إذْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَمَلَهُ قَدْ صَادَفَ رَأْيَ إمَامِهِ وَكَيْفَ يَصِحُّ الْإِفْتَاءُ بِإِعَادَةِ الْمَغْرِبِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى عَدَمِهَا وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ مِنْ الْفَرْعَيْنِ تَفْرِيعًا بِرَأْيِهِمْ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي غَيْرِ مَا كِتَابٍ كَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهَا مَرْوِيَّةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ وَعَزَاهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى الْأَصْلِ وَقَالَ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ أَعَادَ الظُّهْرَ وَحْدهَا ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْعَصْرَ لَهُ جَائِزٌ قَالَ يُجْزِئُهُ الْمَغْرِبُ وَيُعِيدُ الْعَصْرَ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ الْعَصْرَ لَا يُجْزِئُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَغْرِبُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الطَّعْنُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْهُ مُصَوَّرًا بِصُورَةٍ مَعَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا عَلِمْت وَقَدْ تَابَعَ الْمُؤَلِّفُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي إمْدَادِ الْفَتَّاحِ لَكِنَّهُ قَالَ فَتَعَيَّنَ حَمْلِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى عَامِّيٍّ لَيْسَ لَهُ مَذْهَبٌ وَلَمْ يَسْتَفْتِ أَحَدًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لِمُصَادِفَتِهَا مُجْتَهَدًا فِيهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ مَنْ عَلِمَ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْتَائِهِ اهـ.

وَهُوَ بَعِيدٌ إذْ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيَقْتَضِي أَنْ لَا تَفْسُدَ الْعَصْرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْضًا لِمُصَادِفَتِهِ فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقُولُ بِوُجُوبِهِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مُقَلِّدٍ لِأَبِي حَنِيفَةَ جَهِلَ هَذَا الْحُكْمَ ثُمَّ اسْتَفْتَى حَنَفِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُهُ بِإِعَادَةِ الْمَغْرِبِ اعْتِبَارًا لِظَنِّهِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ الظَّنُّ مَتَى لَاقَى فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ وَقَعَ مُعْتَبَرًا وَإِنْ كَانَ خَطَأً وَالتَّرْتِيبُ لَا يُوجِبُهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَكَانَ ظَنُّهُ مُوَافِقًا لِرَأْيِهِ وَصَارَ كَمَا إذْ عَفَا أَحَدُ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ وَظَنَّ صَاحِبُهُ أَنَّ عَفْوَ صَاحِبِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي حَقِّهِ فَقَتَلَ ذَلِكَ الْقَاتِلَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا قَتْلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مُتَأَوِّلًا وَمُجْتَهِدًا فِي ذَلِكَ الظَّنِّ مَانِعًا وُجُوبَ الْقِصَاصِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ اهـ.

لَكِنَّ قَوْلَهُ الظَّنَّ مَتَى لَاقَى فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ إلَخْ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا حَقَّقَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِيُنَاسِبَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ الْمَحَلِّ مُجْتَهَدًا فِيهِ لَا يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَ الظَّنِّ فِيهِ مِنْ الْجَاهِلِ بَلْ إنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ فِيهِ ابْتِدَاءً لَا يُعْتَبَرُ الظَّنُّ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبْنَى عَلَى الْمُجْتَهِدِ وَيَسْتَتْبِعُهُ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ الظَّنُّ لِزِيَادَةِ الضَّعْفِ فَفَسَادُ الْعَصْرِ هُوَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ ابْتِدَاءً وَفَسَادُ الْمَغْرِبِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَاعْتُبِرَ اهـ.

وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ هَذَا الظَّنِّ وَعَدَمَهُ فِي الْجَاهِلِ لَا الْعَالِمِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْقُدُورِيِّ الْكَبِيرِ وَأَمَّا مَا سَيَأْتِي أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ فِي الْأَصْلِ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ وَقَالَ فِي الْبِنَايَةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَقَدْ قَالَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ مُشْكِلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>