للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَخَّرَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَائِهَا اهـ.

وَرَدَّهُ فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ سَقَطَ لَجَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ الَّتِي بَدَأَ بِهَا وَلِأَنَّ التَّرْتِيبَ إنَّمَا يَسْقُطُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ هُنَا وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِفَسَادِ الْوَقْتِيَّةِ الَّتِي بَدَأَ بِهَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَمَا فَسَدَتْ الَّتِي بَدَأَ بِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ وَذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَارْتَضَاهُ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فَقَدْ نَصَّ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ مِنْ أَصْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَقْتَ السَّادِسَةِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ إلَّا أَنَّ سُقُوطَهُ يَتَقَرَّرُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ فَإِذَا أَدَّى وَقْتِيَّةٌ تَوَقَّفَ جَوَازُهَا عَلَى قَضَاءِ الْفَائِتَةِ وَعَدَمِهِ فَإِذَا قُضِيَ دَخَلَتْ الْفَوَائِتُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ فَبَطَلَتْ الْوَقْتِيَّةُ لِأَنَّهَا أُدِّيَتْ عِنْدَ ذِكْرِ الْفَائِتَةِ وَلِذَا صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا قَضَى فَائِتَةً عَادَتْ الْفَوَائِتُ أَرْبَعًا وَفَسَدَتْ الْوَقْتِيَّةُ إلَّا الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ صَلَّاهَا وَعِنْدَهُ أَنَّ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ قَدْ قَضَاهُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ اهـ.

وَمَا أُجِيبَ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ مَدَّ الْوَقْتِيَّةَ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ ثُمَّ قَضَى الْفَائِتَةَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشُّرُوعُ فِي سَعَةِ الْوَقْتِ إذْ لَوْ كَانَ عِنْدَ الضِّيقِ لَكَانَتْ الْوَقْتِيَّةُ صَحِيحَةً رُدَّ بِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ صَلَّى مَعَ كُلِّ فَائِتَةٍ وَقْتِيَّةٌ وَمَعَ لِلْقِرَانِ وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إبْطَالَ الدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْمَدْلُولِ فَكَيْفَ بِالِاسْتِشْهَادِ وَحَاصِلُهُ بُطْلَانُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ نَصًّا عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ لَكِنَّ الْوَجْهَ يُسَاعِدُهُ بِجَعْلِهِ مِنْ قَبِيلِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ بِانْتِهَاءِ عِلَّتِهِ وَذَلِكَ أَنَّ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ كَانَ بِعِلَّةِ الْكَثْرَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْحَرَجِ أَوْ أَنَّهَا مَظِنَّةُ تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ فَمَا قُلْت زَالَتْ الْعِلَّةُ فَعَادَ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ قَبْلُ كَحَقِّ الْحَضَانَةِ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّا قَدْ نَقَلْنَا عَنْ الْإِمَامَيْنِ السَّرَخْسِيِّ وَالْبَزْدَوِيِّ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ مَتَى سَقَطَ التَّرْتِيبُ لَمْ يُعِدْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي الْمُحِيطِ لَمْ يُعِدْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إذْ الرِّوَايَاتُ إنَّمَا هِيَ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِمْ لَا إلَى الْمَشَايِخِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قَبِيلِ زَوَالِ الْمَانِعِ فِي التَّحْقِيقِ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلتَّرْتِيبِ مَعَ كَثْرَةِ الْفَوَائِتِ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ أَصْلًا وَلِذَا اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ مُتُونًا وَشُرُوحًا عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَصَرَّحَ الْكُلُّ بِالسُّقُوطِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ حَقِّ الْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ الْمُقْتَضِي لَهَا مَوْجُودٌ مَعَ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ الْقَرَابَةُ الْمَحْرَمِيَّةُ مَعَ صِغَرِ الْوَلَدِ وَقَدْ مَنَعَ التَّزَوُّجُ مِنْ عَمَلِ الْمُقْتَضِي فَإِذَا زَالَ التَّزَوُّجُ زَالَ الْمَانِعُ فَعَمَلُ الْمُقْتَضِي عَمَلُهُ فَالْفَارِقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وُجُودُ الْمُقْتَضِي وَعَدَمُهُ وَلِذَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ مُسْتَدِلًّا بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ إلَخْ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْوَقْتِيَّةَ صَارَتْ هِيَ سَادِسَةُ الْمَتْرُوكَاتِ فَسَقَطَ التَّرْتِيبُ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَعُودَ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا قَضَى بَعْدَهَا فَائِتَةً حَتَّى عَادَتْ الْمَتْرُوكَاتُ الْوَقْتِيَّةُ الثَّانِيَةُ قَدَّمَهَا أَوْ أَخَّرَهَا وَإِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ عِدَّةٍ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ أَعْنِي خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ إلَى الْخَمْسِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَائِهَا) مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ جَاهِلًا أَمَّا لَوْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ كَانَتْ أَيْضًا فَاسِدَةً وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ الْفَرْضُ جَهْلَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي صِحَّةِ الْعِشَاءِ إذَا أَخَّرَهَا لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلَّ اجْتِهَادٍ فَلَا وَجْهَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ تَقْدِيمِهَا وَتَأْخِيرِهَا بَلْ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ وَإِنْ قَدَّمَهَا لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ جَاهِلٌ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَائِتَةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَالْجَوَابُ يُعْلَمُ مِنْ جَوَابِهِمْ لِطَلَبِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ وَجَوَابِهَا وَكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا أَخَّرَ الْعِشَاءَ فَفَسَادُهَا بِسَبَبِ فَسَادِ الْوَقْتِيَّاتِ وَفَسَادُ الْوَقْتِيَّاتِ هُوَ الْفَسَادُ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ فَهُوَ نَظِيرُ الْعَصْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا قَدَّمَهَا فَفَسَادُهَا حِينَئِذٍ لِوُجُودِ الْفَائِتَةِ بِيَقِينٍ وَهِيَ آخِرُ الْمَتْرُوكَاتِ كَذَا حَقَّقَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ هُنَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ قَضَى فَائِتَةً قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بَقِيَتْ الْفَوَائِتُ أَرْبَعًا وَصَارَتْ خَمْسًا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَكَانَ الْعَوْدُ مِنْ الْخَمْسِ إلَى الْأَرْبَعِ وَمِنْ الْأَرْبَعِ إلَى الْخَمْسِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْكَثْرَةُ (قَوْلُهُ وَمَا أُجِيبُ بِهِ فِي الْمِعْرَاجِ) أَيْ عَنْ الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ الْهِدَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ (قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ رُدَّ بِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إلَخْ) أَقُولُ: قَدْ ذَكَرَ فِي الْمِعْرَاجِ هَذَا الرَّدَّ بِصُورَةِ سُؤَالٍ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ قِيلَ قَالَ فِي الْكِتَابِ صَلَّى مَعَ كُلِّ وَقْتِيَّةٍ فَائِتَةً وَمَعَ لِلْقِرَانِ فَلَنَا أَنَّ الْقِرَانَ غَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا فَإِنَّ الصَّلَاتَيْنِ لَا تُؤَدِّيَانِ مَعًا فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ فَائِتَةٍ تُقْضَى مَعَ مَا يُجَانِسُهَا مِنْ الْوَقْتِيَّةِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْبَيَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ فَذِكْرُهُ السُّؤَالَ بِدُونِ الْجَوَابِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي وَقَالَ إنَّ هَذَا الْجَوَابَ أَيْ الْمَذْكُورَ فِي الْمِعْرَاجِ أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ اهـ.

لَكِنْ اسْتَشْكَلَهُ شَيْخُنَا بِمَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ قَاسِمٍ مِنْ أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْفَائِتَةَ فِي وَقْتِ السَّادِسَةِ يَتَقَرَّرُ سُقُوطُ التَّرْتِيبِ فَيَلْزَمُ صِحَّةُ الْوَقْتِيَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) أَيْ جَوَابًا عَمَّا ذَكَرَهُ سَابِقًا مِنْ الرَّدِّ عَلَى الْهِدَايَةِ تَبَعًا لِلْكَافِي وَالتَّبْيِينِ (قَوْلُهُ فَكَيْفَ بِالِاسْتِشْهَادِ) أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ اسْتِشْهَادٌ عَلَى مُدَّعَاهُ لَا اسْتِدْلَالٌ فَإِبْطَالُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الْمُسْتَشْهَدِ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ قُبَيْلِ زَوَالِ الْمَانِعِ إلَخْ) سَبَقَهُ إلَى هَذِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>