للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَدْرَكَ هَذَا الْقَدْرَ فَيُتَابِعُهُ فِيهِ ثُمَّ يَنْفَرِدُ وَكَذَا الْمُقِيمُ الْمُقْتَدِي بِالْمُسَافِرِ فَلَوْ كَانَ مَسْبُوقًا بِثَلَاثٍ وَلَاحِقًا بِرَكْعَةٍ فَسَجَدَ إمَامُهُ لِلسَّهْوِ فَإِنَّهُ يَقْضِي رَكْعَةً بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ وَيَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ سُجُودِ الْإِمَامِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِقِرَاءَةٍ وَيَقْعُدُ لِأَنَّهَا ثَانِيَةَ صَلَاتِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ

وَلَوْ سَجَدَ اللَّاحِقُ مَعَ الْإِمَامِ لِلسَّهْوِ لَمْ يَجُزْهُ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ فِي حَقِّهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ إذَا فَرَغَ مِنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ مَا زَادَ إلَّا سَجْدَتَيْنِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ إذَا تَابَعَ الْإِمَامَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ لِكَوْنِهِ اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ لَا لِزِيَادَةِ السَّجْدَتَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي اللَّاحِقِ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ فِي جَمِيعِ مَا يُؤَدِّي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفَصَّلَ فِي الْمُحِيطِ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إمَامِهِ سَهْوٌ فَيُفِيدُ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَلَا يَفْسُدُ لِأَنَّ كَثِيرًا مَا يَقَعُ لِجَهَلَةِ الْأَئِمَّةِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْمُفْسِدِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ اهـ.

وَلَوْ لَمْ يُتَابِعْ الْمَسْبُوقُ إمَامَهُ وَقَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ مُتَّحِدَةٌ فَجَعَلَ كَأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ سَهَا فِيمَا يَقْضِي وَلَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِ إمَامِهِ كَفَاهُ سَجْدَتَانِ وَلَوْ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ سَهَا فِيمَا يَقْضِي فَعَلَيْهِ السَّهْوُ ثَانِيًا لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَلِكَ أَدَاءُ السَّهْوِ فِي صَلَاتَيْنِ حُكْمًا فَلَمْ يَكُنْ تَكْرَارًا ثُمَّ الْمَسْبُوقُ إنَّمَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي السَّهْوِ لَا فِي السَّلَامِ فَيَسْجُدُ مَعَهُ وَيَتَشَهَّدُ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى الْقَضَاءِ فَإِنْ سَلَّمَ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا فَسَدَتْ وَإِلَّا فَلَا وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ سَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ مَعَهُ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ لِكَوْنِهِ مُنْفَرِدًا حِينَئِذٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ قَبْلَ السُّجُودِ فَاسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا وَارْتَكَبَ خِلَافَ الْأُولَى وَتَقَدَّمَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ مُدْرِكًا لِيَسْجُدَ بِهِمْ وَيَسْجُدُ هُوَ مَعَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَ خَلِيفَتِهِ سَجَدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَسْبُوقُ مُدْرِكًا وَكَانُوا كُلُّهُمْ مَسْبُوقِينَ قَامُوا وَقَضَوْا مَا سُبِقُوا بِهِ فُرَادَى ثُمَّ إذَا فَرَغُوا يَسْجُدُونَ وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ بَعْدَمَا سَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْمَسْبُوقَ رَكْعَةً بِسَجْدَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَ ذَلِكَ وَيَعُودُ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ ثُمَّ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِمَامِ وَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ يَجُوزُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ الْقَضَاءِ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ مَا قَيَّدَ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَهُ بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى الْإِمَامِ وَلَا يُتَابِعُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ تَابَعَهُ فِيهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِزِيَادَةِ رَكْعَةٍ

وَقَدْ ذَكَرْنَا بَقِيَّةَ مَسَائِلِ الْمَسْبُوقِ فِي بَابِ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَتَابَعَهُ فِيهَا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَإِنَّمَا يَسْجُدُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْإِتْمَامِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْبُوقِينَ وَالْأُولَى بِمَنْزِلَةِ اللَّاحِقِينَ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْمَأْمُومَ سَهْوُ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ وَحْدَهُ كَانَ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ إنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ وَإِنْ أَخَّرَهُ إلَى مَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ مِمَّنْ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَابَعَهُ الْإِمَامُ يَنْقَلِبُ التَّبَعُ أَصْلًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمُدْرِكَ وَاللَّاحِقَ فَإِنَّهُ مُقْتَدٍ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِ فَلَا سُجُودَ لَوْ سَهَا فِيمَا يَقْضِيهِ مُطْلَقًا وَأَمَّا الْمُقِيمُ إذَا اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ ثُمَّ قَامَ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ وَسَهَا فَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ كَاللَّاحِقِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَدَى بِالْإِمَامِ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَإِذَا انْقَضَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَارَ مُنْفَرِدًا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَا يَقْرَأُ فِيمَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَدْ قَرَأَ الْإِمَامُ فِيهِمَا وَشَمِلَ الْمَسْبُوقُ فِيمَا يُؤَدِّيهِ مَعَ الْإِمَامِ وَأَمَّا فِيمَا يَقْضِيهِ فَهُوَ كَالْمُنْفَرِدِ كَمَا تَقَدَّمَ

وَعَلَيْهِ يُفَرَّعُ مَا إذَا سَلَّمَ سَاهِيًا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ مَعَهُ فَلَا سَهْوَ وَإِنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ) قَالَ فِي النَّهْرِ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِسَلَامِهِ وَقَدْ سَبَقَ خِلَافٌ فِيمَنْ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ بِمَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذَا الْجَابِرِ اهـ.

وَمُرَادُهُ بِالْخِلَافِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْقَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الصَّلَاةِ بِحَدَثِ الْإِمَامِ عَمْدًا اتِّفَاقًا وَلِهَذَا لَا يُسَلِّمُونَ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا بِسَلَامِهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ

وَأَمَّا بِكَلَامِهِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِوَايَتَانِ اهـ.

لَكِنْ ذَكَرَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ لَوْ ضَحِكَ الْقَوْمُ بَعْدَمَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ مُتَعَمِّدًا لَا وُضُوءَ عَلَيْهِمْ وَكَذَا بَعْدَمَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ وَكَذَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقِيلَ إذَا قَهْقَهُوا بَعْدَ سَلَامِهِ بَطَلَ وُضُوءُهُمْ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ هَلْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَا اهـ.

وَعَلَيْهِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْأَصَحَّ الثَّانِيَ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ هُنَا وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ عَلَيْهِ سَهْوٌ أَوْ لَا فَسَقَطَ كَلَامُ النَّهْرِ فَتَدَبَّرْ وَفِي النَّهْرِ أَيْضًا ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُعِيدُهَا لِثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ مَعَ تَعَذُّرِ الْجَابِرِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَرَأَ الْإِمَامُ فِيهِمَا) قَالَ فِي النَّهْرِ وَبِهَذَا عَلِمَ أَنَّهُ كَاللَّاحِقِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>