للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِيقَةً عِنْدَنَا بَلْ هُمَا تَمَامُ فَرْضِ الْمُسَافِرِ وَإِلَّا كَمَالٌ لَيْسَ رُخْصَةً فِي حَقِّهِ بَلْ إسَاءَةٌ وَمُخَالَفَةٌ لِلسُّنَّةِ وَلِأَنَّ الرُّخْصَةَ اسْمٌ لِمَا تَغَيَّرَ عَنْ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ بِعَارِضٍ إلَى تَخْفِيفٍ وَيُسْرٍ، وَلَمْ يُوجَدْ مَعْنَى التَّغْيِيرِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ رَأْسًا إذْ الصَّلَاةُ فِي الْأَصْلِ فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ ثُمَّ زِيدَتْ رَكْعَتَيْنِ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ كَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَانْعَدَمَ مَعْنَى التَّغْيِيرِ فِي حَقِّهِ أَصْلًا، وَفِي حَقِّ الْمُقِيمِ وُجِدَ التَّغْيِيرُ لَكِنْ إلَى الْغِلَظِ وَالشِّدَّةِ لَا إلَى السُّهُولَةِ وَالْيُسْرِ، وَالرُّخْصَةُ تُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رُخْصَةً حَقِيقَةً فِي حَقِّ الْمُقِيمِ أَيْضًا، وَلَوْ سَمَّى فَإِنَّمَا هُوَ مَجَازٌ لِوُجُودِ بَعْضِ مَعَانِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ التَّغْيِيرُ اهـ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ صَلَّى الْفَرْضَ الرُّبَاعِيَّ رَكْعَتَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى وَقَيَّدَ بِالْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَصْرَ فِي الْوِتْرِ وَالسُّنَنِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَرْكِ السُّنَنِ فِي السَّفَرِ فَقِيلَ: الْأَفْضَلُ هُوَ التَّرْكُ تَرْخِيصًا وَقِيلَ الْفِعْلُ تَقَرُّبًا وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ: الْفِعْلُ حَالَ النُّزُولِ وَالتَّرْكُ حَالَ السَّيْرِ، وَقِيلَ يُصَلِّي سُنَّةَ الْفَجْرِ خَاصَّةً، وَقِيلَ سُنَّةَ الْمَغْرِبِ أَيْضًا، وَفِي التَّجْنِيسِ وَالْمُخْتَارِ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَالَ أَمْنٍ وَقَرَارٍ يَأْتِي بِهَا؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ مُكَمِّلَاتٍ وَالْمُسَافِرُ إلَيْهِ مُحْتَاجٌ، وَإِنْ كَانَ حَالَ خَوْفٍ لَا يَأْتِي بِهَا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بِعُذْرٍ اهـ.

وَقَيَّدَ بِالرُّبَاعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا قَصْرَ فِي الْفَرْضِ الثُّنَائِيِّ وَالثُّلَاثِيِّ فَالرَّكَعَاتُ الْمَفْرُوضَةُ حَالَ الْإِقَامَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَحَالَ السَّفَرِ إحْدَى عَشْرَةَ، وَفِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ إذَا قَالَ لِنِسَائِهِ مَنْ لَمْ يَدْرِ مِنْكُنَّ كَمْ رَكْعَةٍ فَرْضُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ فَقَالَتْ: إحْدَاهُنَّ عِشْرُونَ رَكْعَةً وَالْأُخْرَى سَبْعَةَ عَشَرَ رَكْعَةً وَالْأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ وَالْأُخْرَى إحْدَى عَشْرَةَ لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَمَّا السَّبْعَةَ عَشَرَ لَا يُشْكِلُ وَمَنْ قَالَتْ عِشْرُونَ رَكْعَةً فَقَدْ ضَمَّتْ الْوِتْرَ إلَيْهَا، وَمَنْ قَالَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَمَنْ قَالَتْ إحْدَى عَشْرَةَ فَفَرْضُ الْمُسَافِرِ اهـ.

أَطْلَقَ الْإِرَادَةَ فَشَمَلَتْ إرَادَةَ الْكَافِرِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: صَبِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ خَرَجَا إلَى سَفَرٍ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا فَلَمَّا سَارَا يَوْمَيْنِ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ فَالنَّصْرَانِيُّ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ سَفَرِهِ وَالصَّبِيُّ يُتِمُّ الصَّلَاةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْكَافِرِ مُعْتَبَرَةٌ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَالْإِمَامُ الْجَلِيلُ الْفَضْلِيُّ سَوَّى بَيْنَهُمَا يَعْنِي كِلَاهُمَا يُتِمَّانِ الصَّلَاةَ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ أَتَمَّ وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ صَحَّ وَإِلَّا لَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ فَرْضُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَعَدَ فَقَدْ تَمَّ فَرْضُهُ وَصَارَتْ الْأُخْرَيَاتُ لَهُ نَفْلًا كَالْفَجْرِ وَصَارَ آثِمًا لِتَأْخِيرِ السَّلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فَقَدْ خَلَطَ النَّفَلَ بِالْفَرْضِ قَبْلَ إكْمَالِهِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ فَلَوْ تَرَكَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَمْ يَصِحَّ فَرْضُهُ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ، فَإِنْ نَوَاهَا قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ لَوْ صَلَّى الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ فِيهِمَا وَتَشَهَّدَ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ بَعْدَمَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِسَجْدَةٍ فَإِنَّهُ يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ إلَّا أَنَّهُ يُعِيدُ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَلَا يَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْقِرَاءَةِ فَلَوْ قَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ ثُمَّ نَوَاهَا لَمْ يَتَحَوَّلْ فَرْضُهُ وَيُضَيِّفُ إلَيْهَا أُخْرَى، وَلَوْ أَفْسَدَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ وَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ تَحَوَّلَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا اتِّفَاقًا، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ عَادَ إلَى التَّشَهُّدِ، وَإِنْ أَقَامَهُ لَا يَعُودُ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْقِرَاءَةِ، وَلَوْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ ثُمَّ نَوَى قَبْلَ السَّجْدَةِ تَحَوَّلَ الْفَرْضُ وَيُعِيدُ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ، وَلَوْ قَيَّدَ بِالسَّجْدَةِ فَقَدْ تَأَكَّدَ الْفَسَادُ فَيُضِيفُ أُخْرَى فَتَكُونُ الْأَرْبَعُ تَطَوُّعًا عَلَى قَوْلِهِمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَعِنْدَهُ لَا تَنْقَلِبُ بَعْدَ الْفَسَادِ تَطَوُّعًا، وَلَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ وَأَتَى بِالتَّشَهُّدِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ أَوْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَتَحَوَّلُ إلَى الْأَرْبَعِ وَيَقْرَأُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ قَضَاءً عَنْ الْأُولَيَيْنِ، وَلَوْ قَيَّدَ الثَّالِثَةَ بِسَجْدَةٍ ثُمَّ نَوَى فَسَدَتْ اتِّفَاقًا وَيُضِيفُ رَابِعَةً لِتَكُونَ تَطَوُّعًا عِنْدَهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ حَتَّى يَدْخُلَ مِصْرَهُ أَوْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ نِصْفَ شَهْرٍ فِي بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قَصَرَ أَيْ قَصَرَ إلَى غَايَةِ دُخُولِ الْمِصْرِ أَوْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي مَوْضِعٍ صَالِحٍ لِلْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَإِلَّا عُدِّلَ مَا قَالَهُ الْهِنْدُوَانِيُّ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>