للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَارُوا رَفْعَ الْيَدِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِيهَا، وَكَانَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَرْفَعُ تَارَةً، وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى وَلَا يَجْهَرُ بِمَا يَقْرَأُ عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَالسُّنَّةُ فِيهِ الْمُخَافَتَةُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِيهِ هَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّسْلِيمِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَة وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ؛ لِأَنَّهُ لِلْإِعْلَامِ، وَلَا حَاجَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ مَشْرُوعٌ عَقِبَ التَّكْبِيرِ بِلَا فَصْلٍ وَلَكِنَّ الْعَمَلَ فِي زَمَانِنَا عَلَى خِلَافِهِ اهـ.

وَفِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ إذَا سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّ التَّكْبِيرَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ فَإِنَّهُ يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ فِي مَحَلِّهِ، وَهُوَ الْقِيَامُ فَيَكُونُ مَعْذُورًا، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا رَجُلٌ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ فَجِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَكَبَّرَ يَنْوِيهِ وَنَوَى أَنْ لَا يُكَبِّرَ عَلَى الْأُولَى فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْأُولَى إلَى صَلَاةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَبَّرَ الثَّانِيَةَ يَنْوِي بِهَا عَلَيْهِمَا لَمْ يَكُنْ خَارِجًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَبَّرَ يَنْوِي بِهِ التَّطَوُّعَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ جَازَ عَنْ التَّطَوُّعِ اهـ. .

(قَوْلُهُ فَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا لَمْ يُتْبَعْ) ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلَا مُتَابَعَةَ فِيهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَاذَا يَصْنَعُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُسَلِّمُ لِلْحَالِ، وَلَا يَنْتَظِرُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ يَمْكُثُ حَتَّى يُسَلِّمَ مَعَهُ إذَا سَلَّمَ لِيَكُونَ مُتَابِعًا فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْمُتَابَعَةُ وَبِهِ يُفْتَى كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الْبَقَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا لَيْسَ بِخَطَأٍ مُطْلَقًا إنَّمَا الْخَطَأُ فِي الْمُتَابَعَةِ فِي الْخَامِسَةِ، وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ إنَّمَا لَا يُتَابِعُهُ فِي الزَّوَائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ إذَا سَمِعَ مِنْ الْإِمَامِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْمَعْ إلَّا مِنْ الْمُبَلِّغِ فَيُتَابِعُهُ وَهَذَا حَسَنٌ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ اهـ.

وَذَكَرَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَالُوا وَيَنْوِي الِافْتِتَاحَ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ لِجَوَازِ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِمَامِ لِلِافْتِتَاحِ الْآنَ وَأَخْطَأَ الْمُنَادِي وَقُيِّدَ بِتَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي الْعِيدِ لَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهَا حَتَّى لَوْ تَجَاوَزَ الْإِمَامُ فِي التَّكْبِيرِ حَدَّ الِاجْتِهَادِ لَا يُتَابَعُ أَيْضًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

(قَوْلُهُ، وَلَا يَسْتَغْفِرُ لِصَبِيٍّ، وَلَا لِمَجْنُونٍ وَيَقُولُ «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَاجْعَلْهُ لَنَا أَجْرًا وَذُخْرًا وَاجْعَلْهُ لَنَا شَافِعًا وَمُشَفَّعًا» ) كَذَا وَرَدَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُمَا

ــ

[منحة الخالق]

وَلَا مَقْطُوعًا بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ بَلْ هُوَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَقَدْ نَصَّ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُقْتَدِيَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ يَتْبَعُ الْإِمَامَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمَأْثُورَ كَمَا مَرَّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، وَكَذَا يَتْبَعُ الشَّافِعِيَّ إذَا قَنَتَ لِلْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَعَلَّلُوهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، وَلَا يُتَابِعُهُ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مَنْسُوخٌ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَانَ سُنَّةً ثُمَّ تُرِكَ أَوْ مَقْطُوعٌ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَانَ دُعَاءً عَلَى قَوْمٍ شَهْرًا وَعَدَّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ لَا فِي الْمَقْطُوعِ بِنَسْخِهِ أَوْ بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ كَقُنُوتِ فَجْرٍ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُتَابَعَةِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ لَيْسَ مَقْطُوعًا بِنَسْخِهِ، وَلَا بِعَدَمِ سُنِّيَّتِهِ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ عُلَمَائِنَا فِيهِ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْبَدَائِعِ عَلَى وُجُوبِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ فِي الْعِيدِ مَا لَمْ يُكَبِّرْ تَكْبِيرًا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِإِمَامِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مُتَابَعَتُهُ وَتَرْكُ رَأْيِهِ بِرَأْيِ الْإِمَامِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تَابِعْ إمَامَك عَلَى أَيِّ حَالٍ وَجَدْته» فَمَا لَمْ يَظْهَرْ خَطَؤُهُ بِيَقِينٍ كَانَ اتِّبَاعُهُ وَاجِبًا إلَخْ لَكِنْ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ الْكَيْدَانِيَّةِ لِلْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْجَلَّابِيِّ أَنَّهُ لَا يُتَابِعُ إمَامَهُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْجِنَازَةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ قَالُوا وَيَنْوِي الِافْتِتَاحَ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مَا زَادَ عَلَى الرَّابِعَةِ فَهَلْ يُكَبِّرُ بَعْدَ سُكُوتِ الْمُنَادِي شَيْئًا أَمْ لَا وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ يَنْوِي بِذَلِكَ الِافْتِتَاحِ أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ بِثَلَاثٍ لِتَتِمَّ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ نِيَّةَ الِافْتِتَاحِ لِلِاحْتِيَاطِ فَلَا يُنَافِي أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ تَامَّةً بِدُونِ زِيَادَةٍ لَكِنْ لَوْ كَبَّرَ الْمُنَادِي خَمْسًا وَقُلْنَا إنَّهُ يَنْوِي بِالْخَامِسَةِ الِافْتِتَاحَ يَكُونُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لِلِافْتِتَاحِ فِي الْخَامِسَةِ لَا تُفِيدُهُ مَا لَمْ يَأْتِ بَعْدَهَا بِثَلَاثٍ أُخَرَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْوِي الِافْتِتَاحَ بِجَمِيعِ التَّكْبِيرَاتِ الَّتِي أَتَى بِهَا فَفِيهِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَكُونُ بَعْدَ الْمَنْوِيِّ بَلْ مَعَهُ وَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ الْمُقْتَدِي أَنَّ الْمُنَادِيَ يَزِيدُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ حَتَّى يَنْوِيَ الِافْتِتَاحَ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ كَبَّرَهَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى كَانَ بَعِيدًا عَنْ الْإِمَامِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ تَكْبِيرَهُ بَلْ يَأْخُذُ مِنْ الْمُنَادِي يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ بِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ الِافْتِتَاحَ لِاحْتِمَالِ خَطَئِهِ فِي الْأُولَى وَأَنَّ الثَّانِيَةَ هِيَ الصَّوَابُ أَوْ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا، وَأَنَّ الثَّالِثَةَ هِيَ الصَّوَابُ، وَهَكَذَا فَيَنْوِي بِالْكُلِّ الِافْتِتَاحَ لِيَكُنْ هَذَا مَعَ بُعْدِهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَالِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَحِينَئِذٍ فَمَا فَائِدَةُ هَذِهِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ خَطَأً مِنْ الْمُنَادِي سَبَقَ بِهَا الْإِمَامُ كَانَتْ الثَّالِثَةُ هِيَ الصَّوَابُ، وَكَذَا الرَّابِعَةُ فَيَلْزَمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بِتَكْبِيرَتَيْنِ، وَلَا تَصِحُّ بِدُونِ الْأَرْبَعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَنَا وَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِإِبْرَاهِيمَ الْحَلَبِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>