للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَرِيرُهُ بِقَوَائِمِهِ الْأَرْبَعِ) بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ وَفِيهِ تَكْثِيرُ الْجَمَاعَةِ وَزِيَادَةُ الْإِكْرَامِ وَالصِّيَانَةِ وَيَرْفَعُونَهُ أَخْذًا بِالْيَدِ لَا وَضْعًا عَلَى الْعُنُقِ كَمَا تُحْمَلُ الْأَمْتِعَةُ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَيُكْرَهُ أَنْ يُحْمَلَ بَيْنَ عَمُودَيْ السَّرِيرِ مِنْ مُقَدَّمِهِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهِ التَّرْبِيعُ وَيُكْرَهُ حَمْلُهُ عَلَى الظَّهْرِ وَالدَّابَّةِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ الصَّبِيَّ الرَّضِيعَ أَوْ الْفَطِيمَ أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا إذَا مَاتَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى يَدَيْهِ وَيَتَدَاوَلُهُ النَّاسُ بِالْحَمْلِ عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَحْمِلَهَا عَلَى يَدَيْهِ، وَهُوَ رَاكِبٌ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا يُحْمَلُ عَلَى الْجِنَازَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُعَجَّلُ بِهِ بِلَا خَبَبٍ) وَهُوَ بِمُعْجَمَةِ مَفْتُوحَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ ضَرْبٌ مِنْ الْعَدْوِ وَقِيلَ هُوَ كَالرَّمَلِ وَحَدُّ التَّعْجِيلِ الْمَسْنُونِ أَنْ يُسْرَعَ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَضْطَرِبُ الْمَيِّتُ عَلَى الْجِنَازَةِ لِلْحَدِيثِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَرَّبْتُمُوهُ إلَى الْخَيْرِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» . وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعَجَّلَ بِتَجْهِيزِهِ كُلُّهُ مِنْ حِينِ يَمُوتُ، وَلَوْ مَشَوْا بِهِ بِالْجَنْبِ كُرِهَ؛ لِأَنَّهُ ازْدِرَاءٌ بِالْمَيِّتِ وَإِضْرَارٌ بِالْمُتَّبِعِينَ، وَفِي الْقُنْيَةِ، وَلَوْ جُهِّزَ الْمَيِّتُ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ وَدَفْنُهُ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ الْعَظِيمُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَلَوْ خَافُوا فَوْتَ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ دَفْنِهِ يُؤَخَّرُ الدَّفْنُ وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْعِيدِ عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَتُقَدَّمُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ وَالْقِيَاسُ أَنْ تُقَدَّمَ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لَكِنَّهُ قَدَّمَ صَلَاةَ الْعِيدِ مَخَافَةَ التَّشْوِيشِ وَكَيْ لَا يَظُنَّهَا مَنْ فِي أُخْرَيَاتِ الصُّفُوفِ أَنَّهَا صَلَاةُ الْعِيدِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا) أَيْ بِلَا جُلُوسٍ لِمُتَّبِعِهَا قَبْلَ وَضْعِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى التَّعَاوُنِ، وَالْقِيَامُ أَمْكَنُ مِنْهُ فَكَانَ الْجُلُوسُ قَبْلَهُ مَكْرُوهًا وَلِأَنَّ الْجِنَازَةَ مَتْبُوعَةٌ وَهُمْ أَتْبَاعٌ وَالتَّبَعُ لَا يَقْعُدُ قَبْلَ قُعُودِ الْأَصْلِ، قُيِّدَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ وَضْعِهَا؛ لِأَنَّهُمْ يَجْلِسُونَ إذَا وُضِعَتْ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ بَعْدَ وَضْعِهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْعِنَايَةِ وَفِي الْمُحِيطِ خِلَافُهُ قَالَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَجْلِسُوا مَا لَمْ يُسَوُّوا عَلَيْهِ التُّرَابَ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَقُومُ حَتَّى يُسَوِّيَ عَلَيْهِ التُّرَابَ» ، وَلِأَنَّ فِي الْقِيَامِ إظْهَارَ الْعِنَايَةِ بِأَمْرِ الْمَيِّتِ وَأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ اهـ.

وَالْأَوْلَى الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ فَأَمَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَجْلِسُ حَتَّى يُوضَعَ الْمَيِّتُ فِي اللَّحْدِ فَكَانَ قَائِمًا مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَى رَأْسِ قَبْرٍ فَقَالَ يَهُودِيٌّ هَكَذَا نَصْنَعُ بِمَوْتَانَا فَجَلَسَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ خَالِفُوهُمْ» اهـ.

أَيْ فِي الْقِيَامِ فَلِذَا كُرِهَ وَقَيَّدْنَا بِمُتَّبِعِهَا؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُرِدْ اتِّبَاعَهَا وَمَرَّتْ عَلَيْهِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَقُومُ لَهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ» بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصُحِّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ مَنْ فِي الْمُصَلَّى لَا يَقُومُ لَهَا إذَا رَآهَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ.

(قَوْلُهُ وَمَشَى قُدَّامَهَا) أَيْ بِلَا مَشْيٍ لِمُتَّبِعِهَا أَمَامَهَا؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ عِنْدَنَا لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَقَدْ نُقِلَ فِعْلُ السَّلَفِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَالتَّرْجِيحُ بِالْمَعْنَى فَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ هُمْ شُفَعَاءُ وَالشَّفِيعُ يَتَقَدَّمُ لِيُمَهِّدَ الْمَقْصُودَ وَنَحْنُ نَقُولُ هُمْ مُشَيِّعُونَ فَيَتَأَخَّرُونَ وَالشَّفِيعُ الْمُتَقَدِّمُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَصْحِبُ الْمَشْفُوعَ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ بِخِلَافِهِ بَلْ قَدْ ثَبَتَ شَرْعًا إلْزَامُ تَقْدِيمِهِ حَالَةَ الشَّفَاعَةِ لَهُ أَعْنِي حَالَةَ الصَّلَاةِ فَثَبَتَ شَرْعًا عَدَمُ اعْتِبَارِ مَا اعْتَبَرَهُ قَالُوا وَيَجُوزُ الْمَشْيُ أَمَامَهَا إلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ عَنْهَا أَوْ يَتَقَدَّمَ الْكُلُّ فَيُكْرَهُ وَلَا يَمْشِي عَنْ يَمِينِهَا، وَلَا عَنْ شِمَالِهَا وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَذْهَبَ إلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ رَاكِبًا غَيْرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ التَّقَدُّمُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ بِخِلَافِ الْمَاشِي اهـ.

وَبِهَذَا يَضْعُفُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مَعْزِيًّا إلَى أَبِي يُوسُفَ فَقَالَ رَأَيْت أَبَا حَنِيفَةَ يَتَقَدَّمُ الْجِنَازَةَ، وَهُوَ رَاكِبٌ ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى تَأْتِيَهُ كَذَا فِي النَّوَادِرِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْمَشْيُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَفِي الْغَايَةِ اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ مِنْ النَّوَافِلِ إذَا كَانَ لِجِوَارٍ

ــ

[منحة الخالق]

الْأَئِمَّةِ كَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا) قَالَ فِي النَّهْرِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ كَمَا فِي السِّرَاجِ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ بَعْدَ وَضْعِهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ ذَكَرَ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ الْآتِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلِذَا كُرِهَ) يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْبَدَائِعِ فَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا تَرْكُهُ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ قَالُوا وَيَجُوزُ الْمَشْيُ أَمَامَهَا إلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>