للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ صَلَاحٍ مَشْهُورٍ وَإِلَّا فَالنَّوَافِلُ أَفْضَلُ وَيَنْبَغِي لِمَنْ تَبِعَ جِنَازَةً أَنْ يُطِيلَ الصَّمْتَ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِمَا فِي الْجِنَازَةِ وَالْكَرَاهَةُ فِيهَا كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فِي فَتَاوَى الْعَصْرِ وَعِنْدَ مَجْدِ الْأَئِمَّةِ التُّرْكُمَانِيِّ وَقَالَ عَلَاءُ الدِّينِ النَّاصِرِيُّ تَرْكُ الْأَوْلَى اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ يَذْكُرُهُ فِي نَفْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥] أَيْ الْجَاهِرِينَ بِالدُّعَاءِ، وَعَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ، وَهُوَ يَمْشِي مَعَهَا اسْتَغْفِرُوا لَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ، وَفِي الْبَدَائِعِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ مَنْ يَتَّبِعُ جِنَازَةً حَتَّى يُصَلِّيَ؛ لِأَنَّ الِاتِّبَاعَ كَانَ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَلَا يَرْجِعُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلنِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَاهُنَّ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ انْصَرِفْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ» وَيُكْرَهُ النَّوْحُ وَالصِّيَاحُ فِي الْجِنَازَةِ وَمَنْزِلِ الْمَيِّتِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَأَمَّا الْبُكَاءُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ الْجِنَازَةِ نَائِحَةٌ أَوْ صَائِحَةٌ زُجِرَتْ، فَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تُتَّبَعَ الْجِنَازَةُ، وَلَا يَمْتَنِعَ لِأَجْلِهَا؛ لِأَنَّ الِاتِّبَاعَ سُنَّةٌ فَلَا تُتْرَكُ بِبِدْعَةٍ مِنْ غَيْرِهِ اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى قَالَ الْبَقَّالِيُّ إذَا اسْتَمَعَ إلَى بَاكِيَةٍ لِيَلِينَ فَلَا بَأْسَ إذَا أَمِنَ الْوُقُوعَ فِي الْفِتْنَةِ لِاسْتِمَاعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَبِوَاكِي حَمْزَةَ وَلَا تُتَّبَعُ بِنَارٍ فِي مِجْمَرَةٍ، وَلَا شَمْعٍ، وَلَا بَأْسَ بِمَرْثِيَّةِ الْمَيِّتِ شِعْرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَالتَّعْزِيَةُ لِلْمُصَابِ سُنَّةٌ لِلْحَدِيثِ «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ» قَالَ الْبَقَّالِيُّ، وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ لِلْعَزَاءِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي بَيْتٍ أَوْ مَسْجِدٍ، وَقَدْ «جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قُتِلَ جَعْفَرٌ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَالنَّاسُ يَأْتُونَ وَيُعَزُّونَهُ» وَالتَّعْزِيَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ وَالْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلتَّعْزِيَةِ مَكْرُوهٌ، وَفِي غَيْرِهِ جَاءَتْ الرُّخْصَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلرِّجَالِ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ وَيُكْرَهُ لِلْمُعَزِّي أَنْ يُعَزِّيَ ثَانِيًا اهـ.

وَهِيَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ أَنْ يَقُولَ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك وَأَحْسَنَ عَزَاك وَغَفَرَ لِمَيِّتِك، وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ إلَيْهَا ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْأَطْعِمَةِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهَا تُتَّخَذُ عِنْدَ السُّرُورِ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُتَّخَذَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامٌ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنْ اتَّخَذَ وَلِيُّ الْمَيِّتِ طَعَامًا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ حَسَنًا إذَا كَانُوا بَالِغِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ لَمْ يُتَّخَذْ ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ عَلَى بَابِ الدَّارِ لِلتَّعْزِيَةِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ، وَمَا يُصْنَعُ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْقِيَامِ عَلَى قَوَارِعِ الطُّرُقِ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ اهـ.

وَفِي التَّجْنِيسِ وَيُكْرَهُ الْإِفْرَاطُ فِي مَدْحِ الْمَيِّتِ عِنْدَ جِنَازَتِهِ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا يَذْكُرُونَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ شِبْهُ الْمُحَالِ وَفِيهِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ، وَلَا تَكْنُوا» اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ عَنْ شَدَّادٍ أَكْرَهُ التَّعْزِيَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ اهـ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَلْ يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعَذَّبُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ» وَقَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ لَا يُعَذَّبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وَتَأْوِيلُ الْحَدِيث أَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يُوصُونَ بِالنَّوْحِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَضْعُ مُقَدَّمِهَا عَلَى يَمِينِك ثُمَّ مُؤَخَّرُهَا ثُمَّ مُقَدَّمُهَا عَلَى يَسَارِكَ ثُمَّ مُؤَخَّرِهَا) بَيَانٌ لِإِكْمَالِ السُّنَّةِ فِي حَمْلِهَا عِنْدَ كَثْرَةِ الْحَامِلِينَ إذَا تَنَاوَبُوا فِي حَمْلِهَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ مُؤَخَّرُهَا أَيْ عَلَى يَمِينِك وَقَوْلُهُ ثَانِيًا ثُمَّ مُؤَخَّرُهَا أَيْ عَلَى يَسَارِك وَهَذَا؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ» وَإِذَا حَمَلَ هَكَذَا حَصَلَتْ الْبُدَاءَةُ بِيَمِينِ الْحَامِلِ وَيَمِينِ الْمَيِّتِ، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالْأَيْمَنِ الْمُقَدَّمِ دُونَ الْمُؤَخَّرِ؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّمَ أَوَّلُ الْجِنَازَةِ وَالْبُدَاءَةُ بِالشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَوَّلِهِ ثُمَّ يَضَعُ مُؤَخَّرَهَا الْأَيْمَنَ عَلَى يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَضَعَ مُقَدَّمَهَا الْأَيْسَرَ عَلَى يَسَارِهِ لَاحْتَاجَ إلَى الْمَشْيِ أَمَامَهَا، وَالْمَشْيُ خَلْفَهَا أَفْضَلُ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ وَضَعَ مُؤَخَّرَهَا الْأَيْسَرَ عَلَى يَسَارِهِ تَقَدَّمَ الْأَيْسَرُ عَلَى الْأَيْمَنِ، وَإِنَّمَا يَضَعُ مُقَدَّمَهَا الْأَيْسَرَ عَلَى يَسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ هَكَذَا يَقَعُ الْفَرَاغُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ فَيَمْشِي خَلْفَهَا، وَهُوَ أَفْضَلُ لِذَلِكَ كَانَ كَمَالَ السُّنَّةِ كَمَا وَصَفْنَا اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَالتَّعْزِيَةُ لِلْمُصَابِ سُنَّةٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَتُكْرَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَزِّي أَوْ الْمُعَزَّى غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِهَا وَهِيَ بَعْدَ الدَّفْنِ أَفْضَلُ مِنْهَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ «فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ وَلَا تَكْنُوا» ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ قُلْت قَالَ الْأَزْهَرِيُّ مَعْنَاهُ قُولُوا لَهُ اعْضُضْ بِأَيْرِ أَبِيك، وَلَا تَكْنُوا عَنْ الْأَيْرِ بِالْهَنِ تَأْدِيبًا لَهُ وَتَنْكِيلًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ وَضَعَ مُقَدَّمَهَا الْأَيْسَرَ عَلَى يَسَارِهِ بَعْدَ مُقَدَّمِهَا الْأَيْمَنِ عَلَى يَمِينِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ وَضَعَ مُؤَخَّرَهَا الْأَيْسَرَ عَلَى يَسَارِهِ أَيْ بَعْدَ وَضْعِ مُقَدَّمِهَا الْأَيْمَنِ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ بِدُونِهِ ابْتِدَاءً

<<  <  ج: ص:  >  >>