للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْمَلَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ عَشْرُ خُطُوَاتٍ لِلْحَدِيثِ «مَنْ حَمَلَ جِنَازَةً أَرْبَعِينَ خُطْوَةً كَفَّرَتْ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً» كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَفِي حَالَةِ الْمَشْيِ بِالْجِنَازَةِ يُقَدَّمُ الرَّأْسُ وَإِذَا نَزَلُوا بِهِ الْمُصَلَّى فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَرْضًا لِلْقِبْلَةِ وَالْمُقَدَّمُ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ كَذَا فِي الْغَايَةِ، وَكَذَا الْمُؤَخَّرُ، وَفِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ الْمُقَدَّمُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً نَقِيضُ الْمُؤَخَّرِ يُقَالُ ضَرَبَ مُقَدَّمَ وَجْهِهِ، وَهُوَ النَّاصِيَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُحْفَرُ الْقَبْرُ وَيُلْحَدُ) لِحَدِيثِ صَاحِبِ السُّنَنِ مَرْفُوعًا «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» يُقَالُ لَحَدْت الْمَيِّتَ وَأَلْحَدْت لَهُ لُغَتَانِ وَاللَّحْدُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا كَذَا فِي الْغَايَةِ، وَهُوَ أَنْ يُحْفَرَ الْقَبْرُ بِتَمَامِهِ ثُمَّ يُحْفَرَ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْهُ حَفِيرَةٌ يُوضَعُ فِيهَا الْمَيِّتُ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْبَيْتِ الْمُسَقَّفِ وَالشَّقُّ أَنْ يَحْفِرَ حَفِيرَةً فِي وَسَطِ الْقَبْرِ يُوضَعُ فِيهَا الْمَيِّتُ وَاسْتَحْسَنُوا الشَّقَّ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً لِتَعَذُّرِ اللَّحْدِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ اللَّحْدُ فَلَا بَأْسَ بِتَابُوتٍ يُتَّخَذُ لِلْمَيِّتِ لَكِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُفْرَشَ فِيهِ التُّرَابُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّابُوتُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ حَدِيدٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَذُكِرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى السَّرَخْسِيِّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُطْرَحَ الْمِضْرَبَةُ فِي الْقَبْرِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فَغَيْرُ مَشْهُورٍ وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ اهـ.

وَاخْتَلَفُوا فِي عُمْقِ الْقَبْرِ فَقِيلَ قَدْرُ نِصْفِ الْقَامَةِ وَقِيلَ إلَى الصَّدْرِ، وَإِنْ زَادُوا فَحَسَنٌ، وَفِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ مَاتَ فِي السَّفِينَةِ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُرْمَى فِي الْبَحْرِ اهـ.

وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَرُّ إلَيْهِ قَرِيبًا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَنَ الْمَيِّتُ فِي الدَّارِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ كَانَتْ لِلْأَنْبِيَاءِ.

(قَوْلُهُ وَيُدْخَلُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ) وَهُوَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ فِي جَانِبِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْقَبْرِ وَيُحْمَلَ الْمَيِّتُ مِنْهُ فَيُوضَعَ فِي اللَّحْدِ فَيَكُونَ الْآخِذُ لَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَالَ الْأَخْذِ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ السَّلَّ وَهُوَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ عَلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَيُجْعَلَ رِجْلَا الْمَيِّتِ إلَى الْقَبْرِ طُولًا ثُمَّ يُؤْخَذَ بِرِجْلَيْهِ وَتُدْخَلَ رِجْلَاهُ فِي الْقَبْرِ وَيُذْهَبَ بِهِ إلَى أَنْ تَصِيرَ رِجْلَاهُ إلَى مَوْضِعِهِمَا وَيُدْخَلَ رَأْسُهُ الْقَبْرَ وَاضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ فِي إدْخَالِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَرَجَّحْنَا الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ جَانِبَ الْقِبْلَةِ مُعَظَّمٌ فَيُسْتَحَبُّ الْإِدْخَالُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ وَاضِعُهُ بِاسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ) كَذَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ أَيْ بِاسْمِ اللَّهِ وَضَعْنَاك، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ سَلَّمْنَاك وَزَادَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِاَللَّهِ، وَفِي اللَّهِ وَزَادَ فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ، وَلَيْسَ هَذَا بِدُعَاءٍ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُبَدَّلَ عَلَيْهِ الْحَالَةُ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُبَدَّلْ إلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنِينَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَشْهَدُونَ بِوَفَاتِهِ عَلَى الْمِلَّةِ وَعَلَى هَذَا جَرَتْ السُّنَّةُ، وَلَا يَضُرُّ وِتْرٌ دَخَلَ الْقَبْرَ أَمْ شَفْعٌ، وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ الْوِتْرَ اعْتِبَارًا بِعَدَدِ الْكَفَنِ وَالْغُسْلِ وَالْإِجْمَارِ وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دُفِنَ أَدْخَلَهُ الْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَعَلِيٌّ وَصُهَيْبٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ أَوْلَى بِإِدْخَالِ الْمَرْأَةِ الْقَبْرَ وَكَذَا الرَّحِمِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا بَأْسَ لِلْأَجَانِبِ وَضْعُهَا، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى النِّسَاءِ لِلْوَضْعِ (قَوْلُهُ وَوُجِّهَ إلَى الْقِبْلَةِ الْمَيِّتُ) بِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَكُونُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ وَأَهَالُوا التُّرَابَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُنْبَشُ لِيُجْعَلَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَلَوْ بَقِيَ فِيهِ مَتَاعٌ لِإِنْسَانٍ فَلَا بَأْسَ بِالنَّبْشِ لِإِخْرَاجِ الْمَتَاعِ وَرُوِيَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ سَقَطَ خَاتَمُهُ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا زَالَ بِالصَّحَابَةِ حَتَّى رَفَعَ اللَّبِنَ وَأَخَذَ خَاتَمَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ كَانَ يَفْتَخِرُ بِذَلِكَ وَيَقُولُ أَنَا أَحْدَثُكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ وَتُحَلُّ الْعُقْدَةُ) لِوُقُوعِ الْأَمْنِ مِنْ الِانْتِشَارِ.

(قَوْلُهُ وَيُسَوَّى اللَّبِنُ عَلَيْهِ وَالْقَصَبُ) ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ عَلَى قَبْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اللَّبِنُ وَطُنٌّ مِنْ قَصَبٍ وَاللَّبِنُ وَاحِدُهُ لَبِنَةٌ عَلَى وَزْنِ كَلِمَةٍ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الطِّينِ وَالطُّنُّ بِضَمِّ الطَّاءِ الْحُزْمَةُ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>