وَاخْتُلِفَ فِي الْمَنْسُوجِ مِنْ الْقَصَبِ، وَمَا يُنْسَجُ مِنْ الْبَرْدِيِّ يُكْرَهُ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّزْيِينِ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ لَا الْآجُرُّ وَالْخَشَبُ) ؛ لِأَنَّهُمَا لِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ وَالْقَبْرُ مَوْضِعُ الْبَلَاء وَلِأَنَّ بِالْآجُرِّ أَثَرَ النَّارِ فَيُكْرَهُ تَفَاؤُلًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُسَوَّى بَيْنَ الْحَجَرِ وَالْآجُرِّ، وَعَلَى الثَّانِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْغَايَةِ وَأَوْرَدَ الْإِمَامُ حَمِيدُ الدِّينِ الضَّرِيرُ عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي أَنَّ الْمَاءَ يُسَخَّنُ بِالنَّارِ وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِعْمَاله فَعُلِمَ أَنَّ أَثَرَ النَّارِ لَا يَضُرُّ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِالْفَرْقِ؛ لِأَنَّ أَثَرَ النَّار فِي الْآجُرِّ مَحْسُوسٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَفِي الْمَاءِ لَيْسَ بِمُشَاهَدٍ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنْعِهِمَا وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَى الْأَرَاضِي النَّزَّ وَالرَّخَاوَةَ، فَإِنْ كَانَ فَلَا بَأْسَ بِهِمَا كَاتِّخَاذِ تَابُوتٍ مِنْ حَدِيدٍ لِهَذَا وَقَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِأَنْ يَكُونَ حَوْلَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ فَوْقَهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عِصْمَةً مِنْ السَّبُعِ اهـ. وَفِي الْمُغْرِبِ الْآجُرُّ الطِّينُ الْمَطْبُوخُ.
(قَوْلُهُ وَيُسَجَّى قَبْرُهَا لَا قَبْرُهُ) ؛ لِأَنَّ مَبْنَى حَالِهِنَّ عَلَى السَّتْرِ، وَالرِّجَالِ عَلَى الْكَشْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَطَرٍ أَوْ ثَلْجٍ فِي الْمُغْرِبِ سَجَّى الْمَيِّتَ بِثَوْبٍ سَتَرَهُ
(قَوْلُهُ وَيُهَالُ التُّرَابُ) سَتْرًا لَهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُزَادَ عَلَى التُّرَابِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْثَى عَلَيْهِ التُّرَابُ، وَلَا بَأْسَ بِرَشِّ الْمَاءِ عَلَى الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ تَسْوِيَةٌ لَهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كَرَاهَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّطْيِينَ
(قَوْلُهُ وَيُسَنَّمُ الْقَبْرُ، وَلَا يُرَبَّعُ) ؛ لِأَنَّهُ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ» وَمَنْ شَاهَدَ قَبْرَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَخْبَرَ أَنَّهُ مُسَنَّمٌ فِي الْمُغْرِبِ قَبْرٌ مُسَنَّمٌ مُرْتَفِعٌ غَيْرُ مُسَطَّحٍ وَيُسَنَّمُ قَدْرَ شِبْرٍ وَقِيلَ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْته» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا زَادَ عَلَى التَّسْنِيمِ وَصَرَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِوُجُوبِ التَّسْنِيمِ، وَفِي الْمُجْتَبَى بِاسْتِحْبَابِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُجَصَّصُ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ» وَأَنْ يُوطَأَ وَالتَّجْصِيصُ طَلْيُ الْبِنَاءِ بِالْجِصِّ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَلَا يُجَصَّصُ الْقَبْرُ وَلَا يُطَيَّنُ، وَلَا يُرْفَعُ عَلَيْهِ بِنَاءٌ قَالُوا أَرَادَ بِهِ السَّفَطَ الَّذِي يُجْعَلُ فِي دِيَارِنَا عَلَى الْقَبْرِ وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الْيَوْمَ اعْتَادُوا السَّفَطَ، وَلَا بَأْسَ بِالتَّطْيِينِ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ وُضِعَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْجَارِ أَوْ كُتِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ الْبَعْضِ اهـ.
وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ يَمْنَعُ الْكِتَابَة فَلْيَكُنْ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ لَكِنْ فَصَّلَ فِي الْمُحِيطِ فَقَالَ: وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى الْكِتَابَةِ حَتَّى لَا يَذْهَبَ الْأَثَرُ وَلَا يُمْتَهَنُ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَأَمَّا الْكِتَابَةُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى وَيُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ الْقَبْرَ أَوْ يَجْلِسَ أَوْ يَنَامَ عَلَيْهِ أَوْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ حَاجَةً مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ يُصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ إلَيْهِ ثُمَّ الْمَشْيُ عَلَيْهِ يُكْرَهُ، وَعَلَى التَّابُوتِ يَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ كَالْمَشْيِ عَلَى السَّقْفِ. اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ وَجَدَ طَرِيقًا فِي الْمَقْبَرَةِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ طَرِيقٌ أَحْدَثُوهُ لَا يَمْشِي فِي ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي ضَمِيرِهِ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْشِيَ فِيهِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ وَوَطْؤُهُ حِينَئِذٍ فَمَا تَصْنَعُهُ النَّاسُ مِمَّنْ دُفِنَتْ أَقَارِبُهُ ثُمَّ دُفِنَتْ حَوَالَيْهِمْ خَلْقٌ مِنْ وَطْءِ تِلْكَ الْقُبُورِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى قَبْرِ قَرِيبِهِ مَكْرُوهٌ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُدْفَنُ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ يُوضَعُ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ ثُمَّ خَلْفَهُ الْغُلَامُ ثُمَّ خَلْفَهُ الْخُنْثَى ثُمَّ خَلْفَهُ الْمَرْأَةُ وَيَجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ مَيِّتَيْنِ حَاجِزًا مِنْ التُّرَابِ لِيَصِيرَ فِي حُكْمِ قَبْرَيْنِ هَكَذَا «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَقَالَ قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي تُسَمَّى فَسَاقِي اهـ.
وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ عَدَمُ اللَّحْدِ الثَّانِي دَفْنُ الْجَمَاعَةِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ الثَّالِثُ اخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجِزٍ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا الرَّابِعُ تَجْصِيصُهَا وَالْبِنَاءُ عَلَيْهَا، وَفِي الْبَدَائِعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى عَلَى مَيِّتٍ بَيْنَ الْقُبُورِ وَكَانَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَكْرَهَانِ ذَلِكَ، فَإِنْ صَلَّوْا أَجْزَأَهُمْ اهـ. .
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إلَخْ) أَحْسَنَ مِنْ هَذَا مَا فِي النَّهْرِ، وَهُوَ أَنَّ الْآجُرَّ إنَّمَا كُرِهَ فِي الْقَبْرِ تَفَاؤُلًا؛ لِأَنَّ بِهِ أَثَرَ النَّارِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الْإِجْمَارُ عِنْدَ الْقَبْرِ وَاتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ بِالنَّارِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي الْبَيْتِ، وَلَا يُكْرَهُ الْإِجْمَارُ فِيهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّارِحُ.
(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيُسَجَّى قَبْرُهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْخُنْثَى
(قَوْلُهُ بِاسْتِحْبَابِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَهُوَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ الَّتِي تُسَمَّى فَسَاقِي) هِيَ كَبَيْتٍ مَعْقُودٍ بِالْبِنَاءِ يَسَعُ جَمَاعَةً قِيَامًا وَنَحْوَهُ كَذَا فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الْكَرَاهَةُ