للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَأَرَادَ بِهِ الْيَمِينَ فَقَدِمَ فُلَانٌ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْبِرِّ وَهُوَ الصَّوْمُ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ

وَلَوْ قَدِمَ فُلَانٌ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ رَمَضَانَ فَنَوَى بِهِ عَنْ الشُّكْرِ وَلَا يَنْوِي بِهِ عَنْ رَمَضَانَ بَرَّ فِي يَمِينِهِ لِوُجُودِ شَرْطِ الْبَرِّ وَهُوَ الصَّوْمُ بِنِيَّةِ الشُّكْرِ وَأَجْزَأَهُ عَنْ رَمَضَانَ كَمَا لَوْ صَامَ رَمَضَانَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ مِثْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنْ أَرَادَ مِثْلَهُ فِي الْوُجُوبِ فَلَهُ أَنْ يُفَرِّقَ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ فِي التَّتَابُعِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَهُ أَنْ يَصُومَ مُتَفَرِّقًا؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَصَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَفْطَرَ يَوْمًا لَا يَدْرِي أَنَّ يَوْمَ الْإِفْطَارِ مِنْ الْخَمْسَةِ، أَوْ مِنْ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَصُومُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ فَيُوجَدُ عَشْرَةٌ مُتَتَابِعَةٌ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ نِصْفِ يَوْمٍ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ نِصْفِ رَكْعَةٍ حَيْثُ يَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَنِصْفِ حَجٍّ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ يَوْمِ قُدُومِ فُلَانٍ فَقَدِمَ فِي شَعْبَانَ بَنَى بَعْدَ رَمَضَانَ كَمَا فِي الْحَيْضِ، وَلَوْ قَالَ إنْ عُوفِيتُ صُمْتُ كَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ وَهَذَا قِيَاسٌ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيَاسًا وَلَا اسْتِحْسَانًا نَظِيرُهُ مَا إذَا قَالَ أَنَا أَحُجُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ

وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا أَحُجُّ فَفَعَلَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ لَزِمَهُ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالسَّادِسَ عَشَرَ الْكُلُّ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ والولوالجية وَالْخَانِيَّةِ وَزَادَ الْوَلْوَالِجِيُّ فُرُوعًا وَبَعْضُهَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهِيَ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ فُلَانٌ أَبَدًا فَقَدِمَ فُلَانٌ لَيْلًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ إذَا قُرِنَ بِهِ مَا يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ كَالصَّوْمِ يُرَادُ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ الْوَقْتُ الَّذِي أَوْجَبَ فِيهِ الصَّوْمَ وَهُوَ النَّهَارُ، وَلَوْ قَدِمَ يَوْمًا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَأْكُلْ صَامَهُ وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَكَلَ فِيهِ، أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ يَأْكُلْ فِيهِ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَصُومُ يَوْمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى الْوَقْتِ عِنْدَ وُجُودِ الْوَقْتِ كَالْمُرْسَلِ، وَلَوْ أَرْسَلَ كَانَ الْجَوَابُ هَكَذَا وَلَوْ نَذَرَ صَوْمًا فِي رَجَبٍ، أَوْ صَلَاةً فِيهِ جَازَ عَنْهُ قَبْلَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ إضَافَةٌ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ شَهْرُ رَجَبٍ فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ لَا يَجُوزُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ لَا يَكُونُ سَبَبًا قَبْلَ الشَّرْطِ وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الصَّدَقَةِ الْمُضَافَةِ إلَى وَقْتٍ كَالزَّكَاةِ

وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ يَوْمًا لَزِمَهُ صَوْمُ ذَلِكَ الشَّهْرِ بِعَيْنِهِ مَتَى شَاءَ مُوَسَّعًا عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَمُوتَ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا حَقِيقَةً وَهُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ فَحُمِلَ عَلَى الْوَقْتِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ وَقْتًا مِنْ الْأَوْقَاتِ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ الْأَيَّامِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَانَ عَلَيْهِ صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ أَيَّامٍ لَزِمَهُ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ قَلِيلٌ، وَلَوْ قَالَ صِيَامُ الشُّهُورِ فَعَشَرَةٌ وَقَالَا صِيَامُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ السِّنِينَ لَزِمَهُ صِيَامُ عَشَرَةٍ وَقَالَا لَزِمَهُ صِيَامُ الدَّهْرِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا فَيَكُونُ مَا نَوَى، وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ الزَّمَنِ وَالْحِينِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ كَانَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالزَّمَنُ مِثْلُ الْحِينِ فِي الْعُرْفِ وَلَا عِلْمَ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِصِيَامِ دَهْرٍ إذَا نَذَرَهُ وَقَالَا عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ الْكُلُّ مِنْ الْوَلْوَالِجِيِّ وَفِي الْكَافِي لَا يَخْتَصُّ نَذْرٌ غَيْرُ مُعَلَّقٍ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَدِرْهَمٍ وَفَقِيرٍ. اهـ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ النَّذْرَ لَا يَصِحُّ بِالْمَعْصِيَةِ لِلْحَدِيثِ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى» فَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ وَأَمَّا النَّذْرُ الَّذِي يُنْذِرُهُ أَكْثَرُ الْعَوَامّ عَلَى مَا هُوَ مُشَاهَدٌ كَأَنْ يَكُونَ لِإِنْسَانٍ غَائِبٌ أَوْ مَرِيضٌ، أَوْ لَهُ حَاجَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَيَأْتِي بَعْضَ الصُّلَحَاءِ فَيَجْعَلُ سُتْرَةً عَلَى رَأْسِهِ فَيَقُولُ يَا سَيِّدِي فُلَانٌ إنْ رُدَّ غَائِبِي، أَوْ عُوفِيَ مَرِيضِي أَوْ قُضِيَتْ حَاجَتِي فَلَكَ مِنْ الذَّهَبِ كَذَا، أَوْ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَا، أَوْ مِنْ الطَّعَامِ كَذَا، أَوْ مِنْ الْمَاءِ كَذَا، أَوْ مِنْ الشَّمْعِ كَذَا، أَوْ مِنْ الزَّيْتِ كَذَا فَهَذَا النَّذْرُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ لِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ نَذْرُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: بَنَى بَعْدَ رَمَضَانَ) كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي نُسْخَةِ الرَّمْلِيِّ يُتَابِعُ بَدَلَ بَنَى فَقَالَ أَيْ لَا يُعَدُّ رَمَضَانُ قَاطِعًا لِلتَّتَابُعِ كَمَا أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَتُتَابِعُ بَعْدَهُ فَيَلْتَحِقُ بِمَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ اهـ.

وَنُسْخَةُ بَنَى أَظْهَرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>