للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْأَوْلَى وَبِإِطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا.

(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ شَاةٌ إنْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ بِشَهْوَةٍ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ حَيْثُ صَرَّحَ بِوُجُوبِ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِنْزَالِ وَصَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ لِيَكُونَ جِمَاعًا مِنْ وَجْهٍ فَإِنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْجِمَاعُ صُورَةً وَمَعْنًى أَوْ مَعْنًى فَقَطْ، وَهُوَ بِالْإِنْزَالِ، وَعَلَّلَ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا لِوُجُوبِ الدَّمِ بِأَنَّ الْجِمَاعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ مِنْ جُمْلَةِ الرَّفَثِ فَكَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ وَبِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ يَصِيرُ مُرْتَكِبًا مَحْظُورَ إحْرَامِهِ وَتَعَقَّبَهُمْ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ الْإِلْزَامَ إنْ كَانَ لِلنَّهْيِ فَلَيْسَ كُلُّ نَهْيٍ يُوجِبُ كَالرَّفَثِ، وَإِنْ كَانَ لِلرَّفَثِ فَكَذَلِكَ إذْ أَصْلُهُ الْكَلَامُ بِحَضْرَتِهِنَّ، وَلَيْسَ مُوجِبًا شَيْئًا. انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ إنَّ إيجَابَ الدَّمِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ ارْتَكَبَ مَا هُوَ حَرَامٌ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ فَقَطْ، وَلَيْسَ ذِكْرُ الْجِمَاعِ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ فَقَطْ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْإِحْرَامِ أَشَدَّ وَبِهَذَا يَظْهَرُ تَرْجِيحُ إطْلَاقِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الدَّوَاعِيَ مُحَرَّمَةٌ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا فَيَجِبُ الدَّمُ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُدْ الْحَجُّ بِالدَّوَاعِي مَعَ الْإِنْزَالِ كَمَا فَسَدَ بِهَا الصَّوْمُ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ تَعَلَّقَ بِالْجِمَاعِ حَقِيقَةً بِالنَّصِّ، وَالْجِمَاعُ مَعْنًى دُونَهُ فَلَمْ يُلْحَقْ بِهِ، وَأَمَّا فَسَادُ الصَّوْمِ فَمُعَلَّقٌ بِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَقَدْ وُجِدَ، وَفِي الْمُحِيطِ مُحْرِمٌ عَبَثَ بِذَكَرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ بِالْمَسِّ كَمَا لَوْ مَسَّ امْرَأَةً فَأَنْزَلَ، وَلَوْ أَتَى بَهِيمَةً فَأَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ كَمَا لَوْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِجِمَاعٍ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَبْلَ أَيْ تَجِبُ شَاةٌ لِمَا وَرَدَ عَنْ الصَّحَابَةِ مِنْ الْفَسَادِ بِهِ وَوُجُوبِ الْهَدْيِ، وَأَدْنَاهُ شَاةٌ وَيَقُومُ الشِّرْكُ فِي الْبَدَنَةِ مَقَامَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَسَادِ بِالْجِمَاعِ فِي الدُّبُرِ هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِهِمَا لِكَمَالِ الْجِنَايَةِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمُرَادُهُ مِنْ آدَمِيَّةٍ. أَمَّا وَطْءُ الْبَهِيمَةِ فَلَا يُفْسِدُ مُطْلَقًا لِقُصُورِهِ وَأُطْلِقَ فِي الْجِمَاعِ فَشَمَلَ مَا إذَا أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ كُلَّهُ أَوْ بِقَدْرِ الْحَشَفَةِ، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ الْحِمَارِ أَوْ ذَكَرًا مَقْطُوعًا يَفْسُدُ حَجُّهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ لَفَّ ذَكَرَهُ بِخِرْقَةٍ، وَأَدْخَلَهُ إنْ وَجَدَ حَرَارَةَ الْفَرْجِ وَاللَّذَّةَ يَفْسُدُ، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. وَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَحَكَى فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ خِلَافًا بَيْنَ ابْنِ شُجَاعٍ وَالْقَاضِي أَبِي حَازِمٍ فِي رُجُوعِ الْمَرْأَةِ بِالدَّمِ إذَا أَكْرَهَهَا الزَّوْجُ عَلَى الْجِمَاعِ فَقَالَ الْأَوَّلُ لَا، وَقَالَ الثَّانِي نَعَمْ، وَلَمْ أَرَ قَوْلًا فِي رُجُوعِهَا بِمُؤْنَةِ حَجِّهَا وَشَمَلَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ لَكِنْ فِي الْعَبْدِ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ، وَقَضَاءُ الْحَجِّ بَعْدَ الْعِتْقِ سِوَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَكُلُّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْمَالُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ، وَلَا يَجُوزُ إطْعَامُ الْمَوْلَى عَنْهُ إلَّا فِي الْإِحْصَارِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَبْعَثُ عَنْهُ لِيَحِلَّ هُوَ فَإِذَا عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ، وَشَمَلَ الْوَطْءَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَوَطْءَ الْمُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَصَرَّحَ الْوَلْوَالِجِيُّ بِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَعْتُوهَ يَفْسُدُ حَجُّهُمَا بِالْجِمَاعِ لَكِنْ لَا دَمَ عَلَيْهِمَا، وَفِي مَنَاسِكِ ابْنِ الضِّيَاءِ: وَإِذَا جَامَعَ الصَّبِيُّ حَتَّى فَسَدَ حَجُّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. انْتَهَى.

وَبِهَذَا ظَهَرَ ضَعْفُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ كَانَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ) كَذَا فِي الْكَافِي وَالْبَدَائِعِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا) هَذَا مُسَلَّمٌ فِيمَا لَوْ كَانَ فِي حَضْرَةِ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ مُجَامَعَتُهُ أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَلَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ بِالدَّوَاعِي) أَيْ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ وُجِدَتْ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا نَطَقَتْ بِهِ سَائِرُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَوَقَعَ فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ، وَلَوْ لَمَسَ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى يَفْسُدُ، وَكَذَا إذَا لَمْ يُمْنِ عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَمِنْهَاجِ الْمُصَلِّينَ، وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ السُّرُوجِيُّ، وَفِي الْمَنَافِعِ يَعْنِي بِالْفَسَادِ النُّقْصَانَ الْفَاحِشَ. اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ كَذَا فِي شَرْحِ اللُّبَابِ.

(قَوْلُهُ: وَيَقُومُ الشِّرْكُ فِي الْبَدَنَةِ مَقَامَهَا) مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ أَوَائِلَ بَابِ الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَفْسُدُ مُطْلَقًا) قَالَ: الرَّمْلِيُّ أَيْ سَوَاءٌ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ، وَقَدْ أَلْحَقُوا الَّتِي لَا تُشْتَهَى بِالْبَهِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ، وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَسَادِ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ الْحِمَارِ إلَخْ) لِيَنْظُرَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بَهِيمَةً فَأَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إطْعَامُ الْمَوْلَى) أَيْ أَوْ غَيْرُهُ، وَقِيلَ يَجُوزُ لُبَابٌ وَنَقَلَ شَارِحُهُ الْأَوَّلُ عَنْ الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَيْ الْجَوَازُ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا اسْتَدَانَ، وَهُوَ مَأْذُونٌ أَوْ مُكَاتَبٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ التَّبَرُّعِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَشَمَلَ الْوَطْءَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ) أَيْ الْوَطْءَ لِحَلِيلَتِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ، وَإِلَّا فَالْوَطْءُ هُنَا كُلُّهُ حَرَامٌ يُعَارِضُ الْإِحْرَامَ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا ظَهَرَ ضَعْفُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ أَفْسَدَ الصَّبِيُّ حَجَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ. اهـ.

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>