للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُونَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَبَرَ وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ بِغَيْرِ تَحَلُّلٍ إلَى أَنْ يَزُولَ الْخَوْفُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَإِنْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَإِلَّا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ فَالتَّحَلُّلُ بِذَبْحِ الْهَدْيِ إنَّمَا هُوَ لِلضَّرُورَةِ حَتَّى لَا يَمْتَدَّ إحْرَامُهُ فَيَشُقَّ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَمَا وَقَعَ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِعَلَى فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ.

وَأَشَارَ بِذِكْرِ الْعَدُوِّ وَالْمَرَضِ إلَى كُلِّ مَنْعٍ فَيَكُونُ مُحْصَرًا بِهَلَاكِ النَّفَقَةِ، وَمَوْتِ مَحْرَمِ الْمَرْأَةِ أَوْ زَوْجِهَا فِي الطَّرِيقِ وَشَرَطَ فِي التَّجْنِيسِ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَشْيِ فِيمَا إذَا سُرِقَتْ النَّفَقَةُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْمَشْيُ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَلْزَمَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ كَمَا لَا تَلْزَمُهُ حَجَّةُ التَّطَوُّعِ ابْتِدَاءً وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ إذَا شَرَعَ فِيهَا، وَجَعَلَ فِي الْمُحِيطِ مَا فِي التَّجْنِيسِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ فِي الْحَالِ وَخَافَ أَنْ يَعْجِزَ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَمِنْ الْإِحْصَارِ مَا إذَا أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِالدَّمِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ الشَّرْعِيَّ آكُدُ مِنْ الْمَنْعِ الْحِسِّيِّ، وَمِنْهُ مَا إذَا أَحْرَمَتْ لِلتَّطَوُّعِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ لَكِنْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا بِغَيْرِ الْهَدْيِ بِأَنْ يَصْنَعَ بِهَا أَدْنَى مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ كَقَصِّ ظُفُرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ تَحْلِيلِهَا بِالْجِمَاعِ، وَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُحِيطِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْكَرَاهَةِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِالْكَرَاهَةِ فِي إجَازَةِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ بِالْجِمَاعِ وَدَوَاعِيهِ، وَعَلَيْهَا هَدْيُ الْإِحْصَارِ، وَقَضَاءُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ إنْ لَمْ تَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَإِلَّا فَالْحَجُّ كَافٍ، وَلَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهَا حَجَّةُ هَذِهِ السَّنَةِ، وَأَنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ الْمُتَعَيِّنَةِ، وَمِنْهُ مَا إذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُحَلِّلَهُ بِغَيْرِ هَدْيٍ، وَعَلَى الْعَبْدِ هَدْيٌ، وَقَضَاءُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهُ وَصَحَّ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مَمْلُوكَةٌ لِلسَّيِّدِ وَبِالْإِذْنِ صَارَ مُعِيرًا مَنَافِعَهُ وَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعَارَ بِخِلَافِ الْمَنْكُوحَةِ إذَا أَحْرَمَتْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهَا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا لِلزَّوْجِ فِيهَا حَقٌّ، وَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالْإِذْنِ، وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ اخْتَلَفُوا فَاخْتَارَ فِي الْمُحِيطِ، وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ دَمُ الْإِحْصَارِ عَلَى الْمَوْلَى، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَاخْتَارَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وُجُوبَهُ عَلَى الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ وَذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ لِمَا أَنَّهُ عَارِضٌ لَمْ يَلْتَزِمْهُ الْمَوْلَى بِخِلَافِ النَّفَقَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ الشَّاةَ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ، وَأَدْنَاهُ شَاةٌ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ بَعْثَ الشَّاةِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَعَذَّرُ بَلْ لَهُ أَنْ يَبْعَثَ بِقِيمَتِهَا حَتَّى يُشْتَرَى بِهَا شَاةٌ فَتُذْبَحَ فِي الْحَرَمِ.

وَأَفَادَ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى بَعْثِ الشَّاةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَذْبَحُ لَا يَقُومُ الصَّوْمُ أَوْ الْإِطْعَامُ مَقَامَهُ بَلْ يَبْقَى مُحْرِمًا إلَى أَنْ يَجِدَ أَوْ يَطُوفُ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَحْلِقُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَأَفَادَ بِالْفَاءِ الَّتِي لِلتَّعْقِيبِ فِي قَوْلِهِ فَيَتَحَلَّلُ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِالذَّبْحِ؛ وَلِهَذَا قَالُوا إنَّهُ يُوَاعِدُ مَنْ يَبْعَثَهُ بِأَنْ يَذْبَحَهَا فِي يَوْمٍ مُعَيِّنٍ فَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ذَبَحَ هَدْيَهُ فَفَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْحَلَالُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْ كَانَ عَلَيْهِ مَا عَلَى الَّذِي ارْتَكَبَ مَحْظُورَاتِ إحْرَامِهِ لِبَقَاءِ إحْرَامِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَأَفَادَ بِذِكْرِ التَّحَلُّلِ بَعْدَ الذَّبْحِ إلَى أَنَّهُ لَا حَلْقَ عَلَيْهِ، وَلَا تَقْصِيرَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَإِنْ حَلَقَ فَحَسَنٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ فَشَمِلَ مَا إذَا أُحْصِرَ فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ، وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي بِمَا إذَا أُحْصِرَ

ــ

[منحة الخالق]

يُقَالَ: ذِكْرُ الطَّوَافِ فِي كَلَامِ الْمُغْرِبِ شَامِلٌ لِطَوَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ فِي الْمُحِيطِ مَا فِي التَّجْنِيسِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إلَخْ) قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ الصَّاحِبَيْنِ فَإِنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخَفْ الْعَجْزَ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا سَبَقَ لَهُ نَظَائِرُ فَهَذَا الْقَيْدُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْإِحْصَارِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الْعَدُوِّ وَالْمَرَضِ بَلْ كُلُّ مَنْعٍ فَغَيْرُهُمَا دَاخِلٌ فِيهِ بِطَرِيقِ دَلَالَةِ الْمُسَاوَاةِ أَوْ الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا هُنَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَرِيبًا، وَفِي النَّهْرِ يُمْكِنُ إدْخَالُهُ فِي قَوْلِهِ بِعَدُوٍّ بِأَنْ يُرَادَ الْقَاهِرُ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي مُحْصَرٍ يَتَوَقَّفُ تَحَلُّلُهُ عَلَى الْهَدْيِ كَمَا سَيَأْتِي وَتَحَلُّلُ هَؤُلَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ. اهـ.

وَهَذَا لَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَتِنَا بَلْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَهَا قَالَ فِي اللُّبَابِ الْمَرْأَةُ إذَا أَحْرَمَتْ بِحَجِّ نَفْلٍ، وَلَوْ بِإِذْنِ زَوْجٍ أَوْ الْمَمْلُوكُ، وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَحَلَّلَاهُمَا فَعَلَيْهِمَا الْهَدْيُ، وَلَكِنْ لَا يَتَوَقَّفُ تَحَلُّلُهُمَا عَلَى ذَبْحِ الْهَدْيِ بَلْ يَحِلَّانِ فِي الْحَالِ إذَا فُعِلَ أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ كَقَصِّ ظُفُرٍ بِأَمْرِ الزَّوْجِ أَوْ الْمَوْلَى أَمَّا إذَا أَحْرَمَتْ الْمَرْأَةُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَا مَحْرَمَ لَهَا، وَمَنَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ مَحْرَمُهَا فِي الطَّرِيقِ، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، وَلَوْ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِ الْهَدْيِ فِي الْحَرَمِ، وَإِنْ حَلَّلَهَا زَوْجُهَا لَا تَتَحَلَّلُ إلَّا بِالْهَدْيِ فِي حَجِّ الْفَرْضِ. اهـ.

وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَأَدْنَاهُ شَاةٌ) قَالَ: فِي اللُّبَابِ وَتَجُوزُ الْبَدَنَةُ عَنْ سَبْعَةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي) أَيْ قَيَّدَ الْخِلَافَ السَّابِقَ قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَهَذَا الْخِلَافُ إذَا أُحْصِرَ فِي الْحِلِّ أَمَّا إذَا أُحْصِرَ فِي الْحَرَمِ فَالْحَلْقُ وَاجِبٌ. اهـ.

وَفِي الشرنبلالية كَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْكَافِي وَحَكَاهُ الْبُرْجَنْدِيُّ عَنْ الْمُصَفَّى بِقِيلَ فَقَالَ: وَقِيلَ إنَّمَا لَا يَجِبُ الْحَلْقُ عَلَى قَوْلِهِمَا إذَا كَانَ الْإِحْصَارُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ أَمَّا إذَا أُحْصِرَ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>