للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكِتَابَةُ فَقَالَ فِي الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا تَوْثِيقًا وَصِيَانَةً عَنْ التَّجَاحُدِ كَمَا فِي الْمُدَايَنَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ التِّجَارَاتِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَكْثُرُ وُقُوعُهَا فَالْكِتَابَةُ فِيهَا تُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعِتْقُ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ كَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَرَجَ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ تَزَوُّجُ مُسْلِمٍ ذِمِّيَّةً عِنْدَ ذِمِّيَّيْنِ) بَيَانٌ لِكَوْنِ اشْتِرَاطِ إسْلَامِ الشَّاهِدِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَمَّا إذَا كَانَتْ ذِمِّيَّةً فَلَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ فِي النِّكَاحِ شَهَادَةٌ، وَلَا شَهَادَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَ الْمُسْلِمِ، وَلَهُمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ شُرِطَتْ فِي النِّكَاحِ عَلَى اعْتِبَارِ إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِوُرُودِهِ عَلَى مَحَلٍّ ذِي خَطَرٍ لَا عَلَى اعْتِبَارِ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذْ لَا شَهَادَةَ تُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْمَالِ، وَهُمَا شَاهِدَانِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ بِكَلَامَيْهِمَا، وَالشَّهَادَةُ شَرْطٌ عَلَى الْعَقْدِ أَطْلَقَ فِي الذِّمِّيَّيْنِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَا مُوَافِقَيْنِ لَهَا فِي الْمِلَّةِ أَوْ مُخَالِفَيْنِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي عِنْدَ إنْكَارِ الْمُسْلِمِ غَيْرُ صَحِيحٍ إجْمَاعًا، وَعِنْدَ إنْكَارِهَا مَقْبُولٌ عِنْدَهُمَا مُطْلَقًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَا كَانَ مَعَنَا مُسْلِمَانِ وَقْتَ الْعَقْدِ قُبِلَ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا إذَا أَسْلَمَا، وَأَدَّيَا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا مُطْلَقًا قَالَ: فِي الْبَدَائِعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى إثْبَاتِ فِعْلِ الْمُسْلِمِ عَلَى نِكَاحٍ فَاسِدٍ.

(فُرُوعٌ) شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ بِإِسْلَامِ نَصْرَانِيٍّ فَجَحَدَ لَا تُقْبَلُ، وَعَلَى نَصْرَانِيَّةٍ تُقْبَلُ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ عَلَى كَافِرٍ بِأُجْرَةٍ لِمُسْلِمٍ تُقْبَلُ لَا فِي عَكْسِهِ شَهِدَ نَصْرَانِيَّانِ بِاسْتِحْقَاقِ مَا اشْتَرَى نَصْرَانِيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ لِنَصْرَانِيٍّ لَا تُقْبَلُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَ صَغِيرَتَهُ فَزَوَّجَهَا عِنْدَ رَجُلٍ وَالْأَبُ حَاضِرٌ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا) ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُجْعَلُ مُبَاشِرًا لِلْعَقْدِ بِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ لِيَكُونَ الْوَكِيلُ سَفِيرًا، وَمُعَبِّرًا فَبَقِيَ الْمُزَوِّجُ شَاهِدًا، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ غَائِبًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ مُخْتَلِفٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَبُ مُبَاشِرًا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ إمْكَانِ جَعْلِ الْأَبِ شَاهِدًا مِنْ غَيْرِ نَقْلِ عِبَارَةِ الْوَكِيلِ إلَيْهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ثَمَرَةِ هَذَا الِاخْتِلَافِ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ ثَمَرَتَهُ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ وَكِيلَ الْأَبِ لَوْ كَانَ امْرَأَةً فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا يَنْعَقِدُ بِحُضُورِ رَجُلٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى، وَعَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ يَنْعَقِدُ، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ أُمَّهَا انْعَكَسَ الْحُكْمُ. الثَّانِي: لَوْ شَهِدَ الْأَبُ بِالنِّكَاحِ بَعْدَ بُلُوغِهَا، وَهِيَ تُنْكِرُ فَعَلَى طَرِيقَةِ مَا فِي النِّهَايَةِ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَا مُزَوِّجٌ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مُزَوِّجٌ، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ الْأَخَ أَوْ الْعَمَّ فَشَهِدَ لَهَا أَوْ عَلَيْهَا فَعَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ تُقْبَلُ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا تُقْبَلُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ كَالْعِتْقِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَيْ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا صِيَانَةً عَنْ التَّجَاحُدِ.

(قَوْلُهُ: فُرُوعٌ إلَخْ) سَاقِطَةٌ مِنْ أَكْثَرِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ: فَجَحَدَ لَا تُقْبَلُ) أَيْ؛ لِأَنَّ جُحُودَهُ الْإِسْلَامَ رِدَّةٌ فَقَبُولُ شَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّينَ عَلَيْهِ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهِ إنْ امْتَنَعَ عَنْ الرُّجُوعِ إلَى الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَلُ بِالرِّدَّةِ تَأَمَّلْ. .

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَبَ يُجْعَلُ مُبَاشِرًا لِلْعَقْدِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ وَكَّلَ أَبَاهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِنْتَ آخَرَ فَزَوَّجَهُ عِنْدَ رَجُلٍ وَالزَّوْجُ حَاضِرٌ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِقَوْلِي يَصِحُّ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِنَقْلِ عِبَارَةِ الْوَكِيلِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَيَكُونُ الْوَكِيلُ شَاهِدًا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ فَلَمَّا لَمْ يُمْكِنُ جَعْلُ الزَّوْجِ شَاهِدًا لِنِكَاحِهِ تَعَيَّنَ نَقْلُ عِبَارَةِ وَكِيلِهِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْوَكِيلُ سَفِيرًا، وَمَعْبَرًا تَأَمَّلْ. وَأَقُولُ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ بِنَقْلِ عِبَارَةِ الْوَكِيلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْلٍ يَقَعُ صَحِيحًا، وَقَوْلُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَ صَغِيرَتَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُجْعَلُ مُبَاشِرًا إلَخْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ صُورَةٍ كَذَلِكَ بَلْ إنْ صَحَّ الْعَقْدُ بِهِ جُعِلَ، وَإِنْ صَحَّ بِغَيْرِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى النَّقْلِ جُعِلَ وَالْمَدَارُ عَلَى تَصْحِيحِ الْعَقْدِ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ، وَعَلَيْهِ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ إلَخْ، وَعَلَيْك أَنْ تَتَأَمَّلَ ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ) قَالَ: فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ يُؤَيِّدُ كَلَامَ صَاحِبِ النِّهَايَةِ مَا سَيَجِيءُ فِي الْهِدَايَةِ فِي بَابِ الْمَهْرِ مِنْ أَنَّ الْوَلِيَّ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ لَا عَاقِدٌ مُبَاشِرٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ أُمَّهَا انْعَكَسَ الْحُكْمُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي نُسْخَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ امْرَأَةً وَالْمَأْمُورُ رَجُلًا انْعَكَسَ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مُزَوِّجٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَدْ يُقَالُ جَعَلَهُ مُزَوِّجًا لِضَرُورَةِ تَصْحِيحِ النِّكَاحِ، وَمَا ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَأَيْضًا عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ جَعَلَهُ شَاهِدًا لِلضَّرُورَةِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي قَبُولُ شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهِ فَبَقِيَ مُجَرَّدُ الْحُضُورِ حَقِيقَةً فَتُقْبَلُ عَلَيْهَا لَا لَهَا، وَإِنْ قِيلَ بِعَدَمِ الْقَبُولِ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ فِي النِّكَاحِ سَفِيرًا، وَمُعَبِّرًا فَيَثْبُتُ نَقْلُهُ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ وَجْهٌ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ النَّقْلَ فَلَعَلَّك تَظْفَرْ بِالْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا تُقْبَلُ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَعْنِي إذَا قَالَ: أَنَا زَوَّجْتهَا أَمَّا إذَا قَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُهُ قُبِلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>