للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِانْعِقَادِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا حُكْمُ الْإِظْهَارِ فَإِنَّمَا يَكُون عِنْدُ التَّجَاحُدِ فَلَا يُقْبَلُ فِي الْإِظْهَارِ إلَّا شَهَادَةُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلِذَا انْعَقَدَ بِحُضُورِ الْفَاسِقَيْنِ وَالْأَعْمَيَيْنِ وَالْمَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبَا وَابْنَيْ الْعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ أَدَاؤُهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي كَانْعِقَادِهِ بِحَضْرَةِ الْعَدُوَّيْنِ، وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي النِّكَاحِ لِدَفْعِ تُهْمَةِ الزِّنَا لَا لِصِيَانَةِ الْعَقْدِ عِنْدَ الْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ وَالتُّهْمَةُ تَنْدَفِعُ بِالْحُضُورِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الصِّيَانَةِ تَحْصُلُ بِسَبَبِ حُضُورِهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَظْهَرُ وَيَشْتَهِرُ بِحُضُورِهِمَا فَإِذَا ظَهَرَ وَاشْتَهَرَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالتَّسَامُعِ فَتَحْصُلُ الصِّيَانَةُ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذَا انْعَقَدَ بِحُضُورِهِ ثُمَّ أَخْبَرَ بِهِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِهِ بِالتَّسَامُعِ فَلْيُحْفَظْ هَذَا، وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ إلَى شَفْعَوِيٍّ لِيُبْطِلَ الْعَقْدَ إذَا كَانَ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ وَلِلْحَنَفِيِّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَبَعَثَ إلَى شَافِعِيٍّ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ بِغَيْرِ مُحَلِّلٍ ثُمَّ يَقْضِي بِالصِّحَّةِ وَبُطْلَانِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ الْقَاضِي الْكَاتِبَ وَالْمَكْتُوبَ إلَيْهِ شَيْئًا، وَلَا يَظْهَرُ بِهَذَا حُرْمَةُ الْوَطْءِ السَّابِقِ، وَلَا شُبْهَةَ، وَلَا خُبْثَ فِي الْوَلَدِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ إلَى شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ إلَّا فِي الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ أَمَّا لَوْ فَعَلُوا فَقَضَى يُنَفَّذُ. اهـ.

وَصُورَةُ التَّزْوِيجِ بِحَضْرَةِ ابْنَيْهِمَا أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ثُمَّ يُعْقَدُ بِحُضُورِ ابْنَيْهِمَا، وَلَوْ تَجَاحَدَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنَيْهِمَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ شَهَادَتِهِمَا لِأَصْلِهِمَا فَلَوْ كَانَا ابْنَيْهِ وَحْدَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ لَا لَهُ، وَلَوْ كَانَا ابْنَيْهَا وَحْدَهَا قُبِلَتْ عَلَيْهَا لَا لَهَا، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ابْنَهَا وَالْآخَرُ ابْنَهُ لَمْ تُقْبَلْ أَصْلًا، وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتِهٍ بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ ثُمَّ تَجَاحَدَ الزَّوْجَانِ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَعَ الْجَاحِدِ مِنْهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَعَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا أَيُّهُمَا كَانَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُقْبَلُ فَأَبُو يُوسُفَ نَظَرَ إلَى الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ وَمُحَمَّدٌ نَظَرَ إلَى الْمَنْفَعَةِ، وَعَدَمِهَا، وَهُنَا لَا مَنْفَعَةَ لِلْأَبِ.

قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَالصَّحِيحُ نَظَرُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْقَبُولِ التُّهْمَةُ، وَإِنَّهَا تَنْشَأُ عَنْ النَّفْعِ، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ: رَجُلٌ لِعَبْدِهِ إذَا كَلَّمَك زَيْدٌ فَأَنْت حُرٌّ ثُمَّ قَالَ: الْعَبْدُ كَلَّمَنِي زَيْدٌ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى فَشَهِدَ لِلْعَبْدِ ابْنَا زَيْدٍ أَنَّ أَبَاهُمَا قَدْ كَلَّمَهُ وَالْمَوْلَى يُنْكِرُ تُقْبَلُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ادَّعَى زَيْدٌ الْكَلَامَ أَوْ لَا لِعَدَمِ مَنْفَعَتِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ زَيْدٌ يَدَّعِي الْكَلَامَ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدَّعِي تُقْبَلُ، وَكَذَا عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ فِي عَقْدٍ ثُمَّ شَهِدَ ابْنَا الْوَكِيلِ عَلَى الْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ حُقُوقُ الْعَقْدِ لَا تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ تُقْبَلُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ يَدَّعِي لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ يُنْكِرُ تُقْبَلُ. اهـ.

وَلَوْ زَوَّجَ بِنْتِهٍ، وَأَنْكَرَتْ الرِّضَا فَشَهِدَ أَخَوَاهًا، وَهُمَا ابْنَاهُ لَمْ تُقْبَلْ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الرِّضَا شَرْطُ الْجَوَازِ فَكَانَ فِيهِ تَنْفِيذُ قَوْلِ الْأَبِ مَقْصُودًا فَتَكُونُ شَهَادَةً لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَجَعَلَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَوْلَ الْإِمَامِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا إلَّا إذَا كَانَ الْأَبُ جَاحِدًا وَالْآخَرُ مُدَّعِيًا فَمَقْبُولَةٌ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ زَوَّجَ الْمَوْلَيَانِ أَمَتَهُمَا ثُمَّ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا فَإِنْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ لَا تُقْبَلُ إجْمَاعًا، وَإِنْ أَنْكَرَتْ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تُقْبَلُ. اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ شَهِدَ عَلَيْهِ بَنُوهُ أَنَّهُ طَلَّقَ أُمَّهُمْ ثَلَاثًا، وَهُوَ يَجْحَدُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ تَدَّعِي فَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ تَجْحَدُ فَهِيَ جَائِزَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْقَضَاءِ وَذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لِضَرَّةِ أُمِّهِ كَالشَّهَادَةِ لِأُمِّهِ، وَقَيَّدْنَا الْإِشْهَادَ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالنِّكَاحِ لِمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِقَوْلِهِ، وَأَمَّا سَائِرُ الْعُقُودِ فَتُنَفَّذُ بِغَيْرِ شُهُودٍ، وَلَكِنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ مُسْتَحَبٌّ لِلْآيَةِ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الْوَاقِعَاتِ أَنَّ الْإِشْهَادَ وَاجِبٌ فِي الْمُدَايَنَاتِ.

وَأَمَّا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَلِذَا انْعَقَدَ بِحُضُورِ الْفَاسِقَيْنِ أَوْ الْأَعْمَيَيْنِ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ حَيْثُ قَالَ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْإِشَارَةِ إلَيْهِمَا فَلَا يَكُونُ كَلَامُهُ شَهَادَةً، وَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحَضْرَتِهِ. اهـ.

لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا وَالتَّرْجِيحُ بِتَقْدِيمِ الْمُتُونِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَخْ) قَالَ: فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ لَيْسَ مُعَوَّلًا فِيهِ عَلَى مُجَرَّدِ إخْبَارِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَلْ عَلَيْهِ مَعَ انْضِمَامِ ظُهُورِ النِّكَاحِ وَاشْتِهَارِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الشَّهَادَةَ لِضَرَّةِ أُمِّهِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فَإِذَا كَانَتْ تَدَّعِي وَالْأَبُ يَجْحَدُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى مَنْفَعَةِ الْأُمِّ فَرُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>