للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُمَا مَعًا مَعَ الْفَهْمِ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْعَرَبِيَّةِ، وَالزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ يُحْسِنَانِ الْعَرَبِيَّةَ وَالشُّهُودُ لَا يَعْرِفُونَ الْعَرَبِيَّةَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ.

وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ. اهـ. فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي اشْتِرَاطِ الْفَهْمِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ السُّكَارَى إذَا فَهِمُوا النِّكَاحَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا بَعْدَ الصَّحْوِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فَهْمُهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْفَهْمِ مُلْحَقٌ بِالْجُنُونِ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِ الْمَنْكُوحَةِ عِنْدَ الشَّاهِدَيْنِ لِتَنْتَفِي الْجَهَالَةُ فَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً مُتَنَقِّبَةً كَفَى الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَالِاحْتِيَاطُ كَشْفُ وَجْهِهَا فَإِنْ لَمْ يَرَوْا شَخْصَهَا وَسَمِعُوا كَلَامَهَا مِنْ الْبَيْتِ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْبَيْتِ وَحْدَهَا جَازَ النِّكَاحُ لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ زَوَالِهَا، وَكَذَا إذَا وَكَّلَتْ بِالتَّزْوِيجِ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً، وَلَمْ يَسْمَعُوا كَلَامَهَا بِأَنْ عَقَدَ لَهَا وَكِيلُهَا فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ يَعْرِفُونَهَا كَفَى ذِكْرُ اسْمِهَا إذَا عَلِمُوا أَنَّهُ أَرَادَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ اسْمِهَا وَاسْمِ أَبِيهَا وَجَدِّهَا وَجَوَّزَ الْخَصَّافُ النِّكَاحَ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ وَكَّلْته فَقَالَ: بِحَضْرَتِهِمَا زَوَّجْت نَفْسِي مِنْ مُوَكِّلَتِي أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ أَمْرَهَا بِيَدِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَهُ قَالَ قَاضِي خَانْ وَالْخَصَّافُ كَانَ كَبِيرًا فِي الْعِلْمِ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُنْتَقَى كَمَا قَالَ الْخَصَّافُ. اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا زَوَّجَهَا أَخُوهَا فَقَالَ: زَوَّجْت أُخْتِي، وَلَمْ يُسَمِّهَا جَازَ إنْ كَانَتْ لَهُ أُخْتٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ أُخْتَانِ فَسَمَّاهَا جَازَ، وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ انْعِقَادَ النِّكَاحِ بِكِتَابِ أَحَدِهِمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَمَاعُ الشَّاهِدَيْنِ قِرَاءَةَ الْكِتَابِ مَعَ قَبُولِ الْآخَرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي النِّكَاحِ سَوَاءٌ كَتَبَ زَوِّجِي نَفْسَك مِنِّي فَبَلَغَهَا الْكِتَابُ فَقَالَتْ: زَوَّجْت أَوْ كَتَبَ تَزَوَّجْتُك وَبَلَغَهَا الْكِتَابُ فَقَالَتْ: زَوَّجْت نَفْسِي جَازَ لَكِنْ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا الشُّهُودَ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُشْتَرَطُ. اهـ. فَقَوْلُهُمْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا وَقْتَ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَوْكِيلٌ فَقَوْلُهَا زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَاكْتُفِيَ بِسَمَاعِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى التَّوْكِيلِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْأَمْرَ إيجَابًا فَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَمَا لَا يَخْفَى وَشُرِطَ فِي الشُّهُودِ أَرْبَعَةٌ الْحُرِّيَّةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ فَلَا يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ الْعَبِيدِ وَالْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ وَالْكُفَّارِ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِهَؤُلَاءِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعَبْدِ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ فَلَوْ أُعْتِقَ الْعَبِيدُ أَوْ بَلَغَ الصِّبْيَانُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ ثُمَّ شَهِدُوا إنْ كَانَ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ وَقْتَ الْعَقْدِ مِمَّنْ يَنْعَقِدُ بِحُضُورِهِمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلتَّحَمُّلِ.

وَقَدْ انْعَقَدَ الْعَقْدُ بِغَيْرِهِمْ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ نُطْقَ الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ الْأَخْرَسِ إذَا كَانَ يَسْمَعُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ كُلَّ مَنْ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا فِي النِّكَاحِ بِوِلَايَةِ نَفْسِهِ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا فِيهِ فَخَرَجَ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ مَلَكَ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ لَكِنَّهُ بِوِلَايَةٍ مُسْتَفَادَةٍ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى لَا بِوِلَايَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ النِّكَاحُ لَهُ حُكْمَانِ حُكْمُ الْإِظْهَارِ وَحُكْمُ الِانْعِقَادِ فَحُكْمُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَخْ) جَعَلَهُ فِي النَّهْرِ مُفَرَّعًا عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ فَقَطْ أَمَّا عَلَى اشْتِرَاطِ السَّمَاعِ مَعَ الْفَهْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَقِدَ (قَوْلُهُ: قَالَ قَاضِي خَانْ وَالْخَصَّافُ كَانَ كَبِيرًا فِي الْعِلْمِ) هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ قَاضِي خَانْ، وَإِنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي الْفَتَاوَى، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا قَوْلُ الْخَصَّافِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مَشَايِخِنَا، وَمَشَايِخِ بَلْخٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا وَنَسَبَهَا ثُمَّ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّ خَصَّافًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ كَبِيرًا فِي الْعِلْمِ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَخْ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَيْ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا وَاسْمَ أَبِيهَا وَاسْمَ جَدِّهَا ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي الْمُنْتَقَى، وَقَالَ: فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْبَقَّالِيِّ إذَا لَمْ يَنْسِبْهَا الزَّوْجُ، وَلَمْ يَعْرِفْهَا الشُّهُودُ وَسِعَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.

وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ بَعْدَ أَسْطُرٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا ذَكَرُوا فِي النِّكَاحِ اسْمَ رَجُلٍ غَائِبٍ وَكُنْيَةَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ أَبِيهِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا مُشَارًا إلَيْهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَاسْمَ جَدِّهِ قَالَ: وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى الْمَحَلَّةِ أَيْضًا قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ مَعْرُوفًا عِنْدَ الشُّهُودِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا لَا بُدَّ مِنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ غَيْرِهِ الْغَائِبَةُ إذَا ذَكَرَ الزَّوْجُ اسْمَهَا لَا غَيْرُ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الشُّهُودِ، وَعَلِمَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَرَادَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ يَجُوزُ النِّكَاحُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَوْكِيلٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّا إنْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ تَوْكِيلٌ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ يَكُونُ قَوْلُهُمْ بِاشْتِرَاطِ حُضُورِهِمَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ إيجَابٌ فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ يَعُودُ إلَى مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ ذَكَرَ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>