للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَزَوَّجَهَا وَالْيَمِينُ غَيْرُ بَاقِيَةٍ. اهـ.

وَمِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ: صِرْت لِي أَوْ صِرْت لَك فَإِنَّهُ نِكَاحٌ عِنْدَ الْقَبُولِ، وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِهِ. اهـ.

وَمِنْهَا مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ: لَهَا يَا عَرُوسِي فَقَالَتْ: لَبَّيْكَ انْعَقَدَ لَكِنْ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَمِنْهَا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَوْ قَالَ: زَوِّجِي نَفْسَك مِنِّي فَقَالَتْ: بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَهُوَ نِكَاحٌ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَمِنْهَا مَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ قَالَ: ثَبَتَ حَقِّي فِي مَنَافِعِ بُضْعِك بِأَلْفٍ فَقَالَتْ: نَعَمْ صَحَّ النِّكَاحُ. اهـ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي حَتَّى فِي النِّكَاحِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تُؤَدِّي مَعْنَى النِّكَاحِ، وَهَذَا مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنْ فَضْلِهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ حُرَّيْنِ أَوْ حُرٍّ وَحُرَّتَيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، وَلَوْ فَاسِقَيْنِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ أَوْ أَعَمِيَيْنِ أَوْ ابْنَيْ الْعَاقِدَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَنْعَقِدُ بَيَانٌ لِلشَّرْطِ الْخَاصِّ بِهِ، وَهُوَ الْإِشْهَادُ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ شُهُودٍ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ «الْبَغَايَا اللَّاتِي يُنْكِحْنَ أَنْفُسَهُنَّ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ» وَلِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مَرْفُوعًا «لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» فَكَانَ شَرْطًا وَلِذَا قَالَ: فِي مَآلِ الْفَتَاوَى لَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ شُهُودٍ ثُمَّ أَخْبَرَ الشُّهُودَ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ عَقْدًا بِحَضْرَتِهِمْ. اهـ. .

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ لَوْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَنْعَقِدُ وَيَكْفُرُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ يَعْلَمُ الْغَيْبَ وَصَرَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مَخْصُوصًا بِالنِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِعْلَانُ مَعَ الشُّهُودِ لِمَا فِي التَّبْيِينِ أَنَّ النِّكَاحَ بِحُضُورِ الشَّاهِدَيْنِ يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ سِرًّا وَيَحْصُلُ بِحُضُورِهِمَا الْإِعْلَانُ. اهـ.

وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ لِمَا فِي عِدَّةِ الْفَتَاوَى إذَا حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ سِرًّا فَتَزَوَّجَ بِثَلَاثَةِ شُهُودٍ يَحْنَثُ وَبِالشَّاهِدَيْنِ لَا يَحْنَثُ. اهـ.

وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الشَّهَادَةَ تُشْتَرَطُ فِي الْمَوْقُوفِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا عِنْدَ الْإِجَازَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَأَنَّ الْحُضُورَ كَافٍ لِتَعْبِيرِهِ بِكَلِمَةِ عِنْدَ فَلَا يُشْتَرَطُ السَّمَاعُ، وَفِيهِ خِلَافٌ فَفِي الْخَانِيَّةِ، وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ شَرَطُوا السَّمَاعَ وَالْقَائِلُ بِعَدَمِهِ الْقَاضِي الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ. اهـ.

وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي النَّائِمَيْنِ وَالْأَصَمَّيْنِ فَعَلَى قَوْلِ الْعَامَّةِ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِحُضُورِهِمَا، وَعَلَى قَوْلِ السُّغْدِيِّ يَنْعَقِدُ وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ الْأَصَمَّيْنِ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ النَّائِمَيْنِ وَجَزَمَ فِي فَتَاوَاهُ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ النَّائِمَيْنِ إذَا لَمْ يَسْمَعَا كَلَامَهُمَا فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْأَصَحَّ مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحُضُورِ السَّمَاعُ فَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ النَّائِمَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِحَضْرَةِ الْأَصَمَّيْنِ عَلَى الْمُخْتَارِ ضَعِيفٌ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ السَّمَاعِ، وَلَقَدْ أَنْصَفَ الْمُحَقِّقُ الْكَمَالُ حَيْثُ قَالَ: وَلَقَدْ أَبْعَدَ عَنْ الْفِقْهِ، وَعَنْ الْحِكْمَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَنْ جَوَّزَهُ بِحَضْرَةِ النَّائِمَيْنِ. اهـ.

وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ سَمَاعِ الشَّاهِدَيْنِ مَعًا فَنَقَلَ فِي الذَّخِيرَةِ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَجَزَمَ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ فَلَوْ سَمِعَا كَلَامَهُمَا مُتَفَرِّقَيْنِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصَمَّ فَسَمِعَ صَاحِبُ السَّمْعِ، وَلَمْ يَسْمَعْ الْأَصَمُّ حَتَّى صَاحَ صَاحِبُهُ فِي أُذُنِهِ أَوْ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ حَتَّى يَكُونَ السَّمَاعُ مَعًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي فَهْمِ الشَّاهِدَيْنِ كَلَامَهُمَا فَجَزَمَ فِي التَّبْيِينِ بِأَنَّهُ لَوْ عَقَدَ بِحَضْرَةِ هِنْدِيَّيْنِ لَمْ يَفْهَمَا كَلَامَهُمَا لَمْ يَجُزْ وَصَحَّحَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَقَالَ: فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فَهْمُ أَنَّهُ نِكَاحٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ لَفْظَ النِّكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، وَمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُمَا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَحْدُودَيْنِ) أَيْ فِي قَذْفٍ، وَقَيَّدَهُ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ تَابَا قَالَ: وَهَذَا الْقَيْدُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِي الْفَاسِقِ الْمُظْهِرِ وَالْمَحْدُودِ قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَأَمَّا الْمَسْتُورُ وَالْمَحْدُودُ بَعْدَ التَّوْبَةِ فَلَا خِلَافَ لَهُ فِيهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْحَقَائِقِ فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدِ فِرْيَةٌ بِلَا مِرْيَةٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ عَدَمِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ: أَوْ مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ غَيْرَ تَائِبَيْنِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ مَمْنُوعٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ الْفَاسِقِينَ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إنَّ ذِكْرَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ تَكْرَارٌ، كَيْفَ وَهُوَ وَاقِعٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الْإِعْجَازِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْإِكْرَاهِ بِأَنَّهُ إذَا قُوبِلَ الْخَاصُّ بِالْعَامِّ يُرَادُ بِالْعَامِّ مَا عَدَا الْخَاصَّ، هَذَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ، وَهُوَ مِمَّا تَفَرَّدَتْ بِهِ الْوَاوُ حَتَّى كَمَا فِي الْمُغْنِي حَمَوِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا وَيُجَابُ بِمَا ذَكَرَهُ هُوَ فِي الْعِنِّينِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَوْ عِنِّينًا أَوْ خَصِيًّا مِنْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَتَسَامَحُونَ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْعَطْفِ بِأَوْ مُطْلَقًا كَذَا فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ قُلْتُ:، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي فَصْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَكُونُ بِثُمَّ وَيَكُونُ بِأَوْ أَيْضًا كَمَا فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>