للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِتَعَرِّيهِ عَنْ الْعِوَضِ وَيَنْعَدِمُ ذَلِكَ الضَّعْفُ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ الْعِوَضَ يَجِبُ بِنَفْسِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيُرَدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَلْفَاظً يَنْعَقِدُ بِهَا النِّكَاحُ غَيْرُ الثَّلَاثَةِ مِنْهَا الْكَوْنُ لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا لَوْ قَالَ: لِامْرَأَةِ كُونِي امْرَأَتِي بِكَذَا فَقَبِلَتْ انْعَقَدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَكُونُ زَوْجَةً لَك فَقَالَ: نَعَمْ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَمِنْهَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَتْ: الْمَرْأَةُ عَرَّسْتُكَ نَفْسِي فَقَالَ: قَبِلْت انْعَقَدَ وَذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِلَفْظِ أَعْرَسْتُك، وَمِنْهَا لَفْظُ الرَّجْعَةِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْوَاقِعَاتِ وَالْخَانِيَّةِ، وَكَثِيرٌ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إذَا قَالَ لِلْأَجْنَبِيَّةِ رَاجَعْتُك فَقَبِلَتْ كَمَا لَوْ قَالَ لِلْمُبَانَةِ رَاجَعْتُك لَكِنْ شَرَطَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنْ يَذْكُرَ الْمَالَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَالًا قَالُوا: لَا يَكُونُ نِكَاحًا وَشَرَطَ فِي التَّجْنِيسِ ذِكْرَ الْمَالِ وَنِيَّةَ الزَّوْجِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمُبَانَةِ فَيَنْعَقِدُ بِهِ فِي الْمُبَانَةِ دُونَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ: الْمُبَانَةُ لِزَوْجِهَا رَدَدْت نَفْسِي عَلَيْك فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجْعَةِ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَمِنْهَا ارْفَعْهَا وَاذْهَبْ بِهَا حَيْثُ شِئْت لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ: زَوِّجْ ابْنَتِك مِنِّي عَلَى كَذَا فَقَالَ: أَبُوهَا بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ ارْفَعْهَا وَاذْهَبْ بِهَا حَيْثُ شِئْت قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ يَكُونُ نِكَاحًا وَجَزَمَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ بِعَدَمِهِ لِاحْتِمَالِهِ الْوَعْدَ، وَمِنْهَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ: أَبُو الصَّغِيرِ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْت ابْنَةَ أَحْمَدَ يُرِيدُ بِهِ أَبَا الصَّغِيرَةِ مِنْ ابْنِي فُلَانٍ بِمَهْرِ كَذَا، وَقَالَ: لِأَبِيهَا أَلَيْسَ هَكَذَا فَقَالَ: أَبُوهَا هَكَذَا، وَلَمْ يَزِيدَا عَلَى ذَلِكَ قَالُوا الْأَوْلَى أَنْ يُجَدِّدَا النِّكَاحَ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدَا جَازَ. اهـ.

وَمِنْهَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ جِئْتُك خَاطِبَا ابْنَتَك فَقَالَ الْأَبُ مَلَّكْتُك كَانَ نِكَاحًا، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ قَالَ: لَهَا خَطَبْتُكِ إلَى نَفْسِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: قَدْ زَوَّجْتُك نَفْسِي فَهُوَ نِكَاحٌ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْإِيجَابُ، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ أَخْطُبُك عَلَى أَلْفٍ فَقَالَتْ: قَدْ فَعَلْت، لَمْ يَنْعَقِدْ حَتَّى يَقُولَ الزَّوْجُ قَبِلْت فَقَدْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْحَالَ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ أَرْسَلَ رَجُلًا أَنْ يَخْطُبَ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا فَزَوَّجَهَا الرَّسُولُ إيَّاهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْخِطْبَةَ جُعِلَتْ نِكَاحًا إذَا صَدَرَتْ مِنْ الْآمِرِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِهَا أَمْرًا بِالنِّكَاحِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى السَّرَخْسِيِّ أَنَّ مَنْ قَالَ: إنْ خَطَبْت فُلَانَةَ أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ خَطَبْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ إنَّ يَمِينَهُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْخِطْبَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَهِيَ تَسْبِقُ الْعَقْدَ فَلَا يَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ مُضِيفًا الطَّلَاقَ إلَى الْمِلْكِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ خَطَبْتُ فُلَانَةَ وَتَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَأَجَابَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فَقَالَ: إذَا خَطَبَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ، وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ مَعَ حَرْفِ الْوَاوِ تَصِيرُ الْخِطْبَةُ مَعَ التَّزَوُّجِ شَرْطًا وَاحِدًا كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ أَكَلْت وَشَرِبْت، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ فَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْخِطْبَةِ وَحْدَهَا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ فَتَطْلُقُ. اهـ.

وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أَوْ خَطَبْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَخَطَبَهَا وَتَزَوَّجَهَا لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ حِينَ خَطَبَهَا حَنِثَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ فَحِينَ تَزَوَّجَهَا

ــ

[منحة الخالق]

إلَخْ، وَأَقُولُ: مَعْنَى كَوْنِهَا مَجَازًا عَنْ التَّمْلِيكِ إذَا قَالَ الْآنَ أَيْ الْخَاصِّ الَّذِي هُوَ النِّكَاحُ لَا الْمُطْلَقُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمَجَازَ لَا مَجَازَ لَهُ. اهـ.

أَيْ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا مَجَازًا عَنْ التَّمْلِيكِ هُوَ التَّمْلِيكُ الْخَاصُّ الَّذِي هُوَ النِّكَاحُ لَا مُطْلَقُ التَّمْلِيكِ حَتَّى يَرِدُ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا بِمَرْتَبَتَيْنِ كَمَا فِي رَأَيْت مِشْفَرَ زَيْدٍ، وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ قَالَ: الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ الْمَنْظُومِ، وَأَمَّا مَجَازُ الْمَجَازِ فَيَثْبُتُ عِنْدَ مَنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى كُتُبِ اللُّغَةِ كَالْأَسَاسِ وَغَيْرِهِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَكَتَبَ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ الْبَحْرِ هَذَا مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَحَّ النِّكَاحُ بِلَفْظِهِمَا اتِّفَاقًا فَمَا الْمُوجِبُ؛ لَأَنْ تُجْعَلَ الْهِبَةُ مَجَازًا عَنْ التَّمْلِيكِ ثُمَّ التَّمْلِيكُ عَنْ النِّكَاحِ بَلْ نَقُولُ التَّمْلِيكُ الَّذِي هُوَ وَصِيَّةٌ يُجْعَلُ ابْتِدَاءً عِبَارَةً عَنْ النِّكَاحِ، وَكَوْنُهَا تَمْلِيكًا غَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ مَخْصُوصٌ بِالْأَدَاءِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَجَرَّدَ عَنْ قَيْدِ الْإِضَافَةِ بِالتَّقْيِيدِ بِالْحَالِ فَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَوْلُهُ الْمَجَازُ لَا مَجَازَ لَهُ مَرْدُودٌ يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ طَالَعَ أَسَاسَ الْبَلَاغَةِ. اهـ.

وَفِي شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ صَرَّحَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ بِأَنَّ الْمَجَازَ يَكُونُ لَهُ مَجَازٌ، وَمَثَّلَ لَهُ بِمُثُلٍ ثَمَّةَ فَارْجِعْ إلَيْهِ. اهـ.

قُلْتُ: لَكِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَمَا وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فِي الْحَالِ يُخْرِجُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا لِمُطْلَقِ التَّمْلِيكِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْهِبَةِ ظَاهِرٌ فَإِذَا أُرِيدَ مِنْ الْوَصِيَّةِ التَّمْلِيكُ فِي الْحَالِ كَانَ مَجَازًا ثُمَّ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ لِلنِّكَاحِ كَانَ مَجَازًا مَبْنِيًّا عَلَى مَجَازٍ فَلَمْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ: وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ التَّمْلِيكِ فِي الْحَالِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لَا بِطَرِيقِ الْوَضْعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ مَوْضُوعٌ أَيْضًا وَيُرَادُ بِالْوَضْعِ مَا يَشْمَلُ الْوَضْعَ الْحَقِيقِيَّ وَالْمَجَازِيَّ كَمَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْوَضْعِ الِاسْتِعْمَالُ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمَجَازِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ) قَالَ: فِي الرَّمْزِ أَقُولُ: يُدْفَعُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى النِّكَاحِ لِلْقَرِينَةِ الْوَاضِحَةِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسٍ سَبَقَهُ إشَارَةٌ إلَى الْخِطْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>